"مطافي"... من مبنى للدفاع المدني إلى متحف فني

"مطافي"... من مبنى للدفاع المدني إلى متحف فني

08 نوفمبر 2017
يستقطب مطافي نشاطات فنية كبيرة(متاحف قطر)
+ الخط -
في أغسطس/آب عام 2013، بدأ فريق متاحف قطر العمل على إعادة تأهيل مبنى الدفاع المدني في وداي السيل بالدوحة، والذي يرجع تاريخ تأسيسه إلى عام 1982، حيث ظل يخدم المجتمع على مدار 30 عاماً حتى ديسمبر/كانون الأول 2012. 

وحرصت متاحف قطر على بقاء الواجهة الأصلية للمبنى والعديد من ملامحه الرئيسية أثناء علمية التجديد، لتحافظ بذلك على العديد من معالم المكان، وقد عُهِد بتصميم وإعادة تأهيله إلى الفنان المعماري القطري إبراهيم الجيدة.

عندما تلج المبنى تشعر بأنك في معرض أو متحف فني، لا شيء يدل على أنه كان في يوم من الأيام، يحتضن رجال الدفاع المدني ومعداتهم، إلا أن المبنى من الخارج يعرف لدى القطريين والوافدين بـ"مطافي"، وربما الإبقاء على سيارة قديمة ذات لون أحمر كان يستخدمها عناصر الدفاع المدني في إطفاء الحرائق، يوحي بأن المبنى مازال محطة لـ"مطافي".
يقول مدير "مطافئ: مقر الفنانين"، خليفة العبيدلي، في حديث لـ"العربي الجديد" إن فكرة تحويل مبنى الدفاع المدني "المطافي"، إلى مقر الفنانين، تعود لرئيسة مجلس أمناء متاحف قطر، الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، وذلك بعد أن شيد مبنى جديد، لمحطة الدفاع المدني، وبالتالي فإن مصيرالمبنى القديم كان الهجر أو الإزالة، فقررت متاحف قطر إعادة تأهيل مبنى الدفاع المدني (مطافئ القديم) في مارس/آذار 2015 ليكون مقراً لبرنامج جديد من برامج الإقامة الفنية، وذلك بهدف دعم الفنانين في قطر وتوفير ساحة للتبادل الإبداعي.

مرافق متنوعة
يحتوي المبنى على خمسة أدوار، وكراج كبير للسيارات، جرى استخدامه كقاعات لعرض الأعمال الفنية وسمي، "كراج غاليري"، وأضيفت مبان جديدة، لتعزيز دور البرنامج نفسه.
وكشف العبيدلي، أن الفكرة والمبادرة ولدت عام 2013، وانطلقت في 2015 في البرنامج الأول، و"حاليا وصلنا إلى البرنامج الثالث، تجسيداً للالتزام الواضح بتعزيز المواهب الفنية الصاعدة واستكمالاً لمسيرة رعاية الفنون وتطوير المواهب الفنية" .
وأوضح العبيدلي، أن البرنامج يستضيف كل عام 20 فناناً، من التشكيليين والفوتوغرافيين والرسامين والنحاتين والطباعين، وفي العام الماضي التحقت بالبرنامج فنانة موسيقية، وأخرى متخصصة بفن الأداء الحركي.

ويفتح باب التقديم للالتحاق في البرنامج بداية من شهر فبراير/شباط إلى مايو/أيار من كل عام، وتوجد لجنة مؤلفة من خمسة أشخاص، متخصصين في عدة مجالات فنية، للنظر في سجلات المتقدمين، وأشار إلى أنه تقدم 170 شخصاً، من داخل الدولة للالتحاق في البرنامج العام الماضي، لأن البرنامج يستقطب المواطنين والوافدين المقيمين في قطر وبأعداد متساوية،
وكل فنان يقبل للالتحاق في البرنامج يحصل على استديو لممارسة أعماله الفنية وتطوير مهاراته، ويمنح مكافأة مادية شهرية لمساعدته في شراء الأدوات اللازمة لفنه، ويستفيد من برنامج التطوير، إذ يلتقي بشكل دوري مع مجموعة من الفنانين المحترفين والأكاديميين، بالإضافة إلى فرص المشاركة بمشاريع مشتركة في قطر، معظمها مع "الفن للعامة"، وفي نهاية البرنامج يشارك بمعرض جماعي مع الفنانين المقيمين في "مطافي".

"مطافي" يتكون من 20 استديو للفنانين، وكراج جاليري، ومعمل الخشب، ومعمل التصنيع، ومقهى"كافيه" 999 مفتوح للعامة، ومحل بيع أدوات الرسم، وسينما، إضافة إلى تهيئة الأجواء اللازمة للفنان.

استوديو قطر باريس
إلى جانب هذا المشروع الرئيس، افتتحت برامج مختلفة، أبرزها "استوديو قطر في باريس"، داخل مدينة الفن الدولية في العاصمة الفرنسية، وكل عام يتم إيفاد 4 فنانيين قطريين على مدار السنة، يقيم الفنان الواحد 3 أشهر في استوديو باريس، ويتعايش مع أجواء الفن الأوروبي، ويحتك مع الفنانين المقيمين هناك من كل أنحاء العالم، ويفتح الفنان القطري المشارك الأستديو أمام الآخرين، وتتحمل "مطافي" كافة نفقات البرنامج، من تذاكر السفر والإقامة، ويمنح الفنان الموفد مكافأة شهرية لشراء الأدوات الفنية اللازمة، وبانطلق البرنامج مع مستهل العام الجاري، وكانت أولى المشاركين بالبرنامج الفنانة التشكيلية القطرية، ابتسام الصفار، وتلاها الفنان التشكيلي القطري ناصر العطية، ومع بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي التحق الفنان التشكيلي عبدالله الكواري، وفي مطلع يناير/كانون الثاني المقبل يختار مرشحين اثنين للبرنامج، وعندما يعود الفنان من استديو باريس، ينظم له معرض فني في "مطافي"، ومحاضرة أيضا، ويقدم فيهما ثمار رحلته الفنية.

ويُمكن هذا البرنامج الفنانين المشاركين من اكتساب تجربة وخبرة متميزة من الإقامة الفنية هناك، بما في ذلك زيارة المتاحف والمعارض واستكشاف المشهد الفني بباريس، كما تعتبر الإقامة في المدينة الدولية للفنون تجربة فريدة من نوعها لأي فنان، ما يسمح له بالتفاعل مع المبدعين الآخرين من جميع أنحاء العالم، وبناء الجسور والاستلهام لإبداع عمل فني متميز خاص بكل فنان.

وخلال فترة البرنامج التي تمتد لتسعة أشهر، ينتقل الفنانون المقيمون في دولة قطر لأحد الاستديوهات، حيث يتعاونون مع أقرانهم من المبدعين على نحو يرتقي بأسلوبهم الفني، ويحظون بالفرصة للتواصل مع أمناء المتاحف وحضور كافة المعارض التي تنظمها متاحف قطر والمشاركة في المحاضرات ذات الصلة، فضلاً عن الاستفادة من برامج التوجيه الأسبوعية، ومقابلة فنانين من مختلف أنحاء العالم ليمثلوا بذلك قطر في المجتمع الثقافي الدولي، بحسب العبيدلي.

برامج غنية
وفيما يتعلق بالبرامج الجديدة، أوضح العبيدلي، التوجه نحو طلبة المدارس، ففي موسم الصيف، وخلال شهري أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول، استقطبنا الطلاب الموهوبين فنيا، وقد نبعت الفكرة خلال تنظيم معرض للمعلمين والطلاب، و"اكتشفنا أن هناك عدداً كبيراً من الطلاب يملكون مهارات فنية متميزة، فقررنا تشجيع هؤلاء ومنحهم إقامة فنية، في "مطافي" ليعيشوا أجواء الفنان داخل الاستديو، وبدأنا العام الماضي كتجربة وكانت ناجحة جدا "، كما ونتعاون مع وزارة التعليم والتعليم العالي، ونساهم في إعداد المناهج حول الفنون البصرية، ونسجنا علاقاتنا قوية ومتينة مع جامعتي قطر وفرجينيا كومنولث/الدوحة، ونسعى لبناء شراكات مع مختلف جهات وفئات المجتمع، كمتحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، ولدينا مشاريع جديدة، مع مؤسسة حمد الطبية، والهيئة العامة للأشغال، واللجنة العليا للمشاريع والإرث، وسكك الحديد القطرية "الرّيل"، للمساهمة في تجميل المدينة واستقطاب الفنانين، ووضع أعمال فنية في المشاريع التي تخص كل جهة.

وحول المشاريع المستقبلية، أضاف العبيدلي، لاحظنا طلبا على الاستديوهات، نعمل على تهيئة بعض المدارس القديمة وتحويلها إلى استديوهات، مقابل أجور رمزية من الفنان، ولدينا مشروع في مدينة الوكرة.



دلالات

المساهمون