لحظة سينمائية للناقد سمير فريد

لحظة سينمائية للناقد سمير فريد

27 نوفمبر 2017
رحل فريد في إبريل الماضي (توبياس شوارز/فرانس برس)
+ الخط -
للناقد المصري سمير فريد مكانة واضحة وثابتة وأكيدة، في المشهد السينمائي المصري ـ العربي. هذا غير معرَّض للنقاش. تاريخه حافلٌ بالمُشاركة العملية في صناعة السينما المصرية، وبالمتابعة الدؤوبة لأحوالها ونتاجاتها، وللعاملين فيها. التزامه السينما في بلده ليس عائقاً أمام انفتاح، حيوي وعمليّ، على العالمين العربي والغربي. اشتغاله في السينما دافعٌ إلى التوغّل في شؤون المعرفة، بأشكالها كافة. حرصه على مرافقة كل راهنٍ في مسارات السينما، نواة ثقافية تُعينه على التنبّه إلى التاريخ والذاكرة، وإلى أولوية تحصينهما من كلّ فقدان ممكن. 

تأتي الدورة الـ39 (21 ـ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" بعد أشهر على رحيله (4 إبريل/نيسان 2017). هذا سببٌ لتقديم تحية له، معطوفة على إضافة إيجابية يمنحها لهذا النشاط، بإدارته الدورة الـ36 (9 ـ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2014)، المعروفة بكونها "دورة إعادة الوهج السينمائي إلى المهرجان"، بعد تخبّطٍ وارتباكٍ ناتجين عن تداعيات "ثورة 25 يناير" (2011)، وبعد توقّف 3 أعوام، تعكس اضطراب الحالة المصرية العامّة، في تلك الفترة.

والتحية، إذْ تترافق مع الذكرى السنوية الأولى تلك، تتمثّل في تحويل بعض الحيّز المكانيّ في "الهناجر" إلى مساحةٍ منفلشةٍ على الزمان والتحوّلات والاشتغالات والمعارف والصداقات. فالتحية، التي يُراد لها أن تتساوى وبعض القيم المعرفية والتأريخية والتحليلية لسمير فريد (على الأقلّ)، محتاجةٌ إلى تنقيبٍ في سيرة رجلٍ متابعٍ، بدقّة، تبدّلات الثقافة والفنون والاجتماع والسياسة والاقتصاد والأفكار، في مصر والدول العربية، كما في أوروبا والغرب والعالم. وهذا حاصلٌ، بهدوء وتواضع، في معرض "تفرّد وإنجاز"، الذي يُقدِّم الناقد والصديق والمؤرشف والمنقِّب في التاريخ والذاكرة، والعامل على تحصينهما من الاندثار، في مرحلة تمتدّ على مدى نصف قرنٍ من اشتغالٍ ومتابعة وتواصل واطّلاع، ومن كتابةٍ وبحثٍ وتوثيقٍ ونقاشاتٍ.

لن تكتفي إدارة المهرجان بمعرضٍ (تنظيم صفاء الليثي)، يُتيح للمهتمّ فرصة الاطّلاع على جزء بسيطٍ من أرشيفٍ كبيرٍ، لناقدٍ منفتح على الاختبارات والمحاولات التجديدية، ولمؤرشف مهموم بتوثيق المستندات والمعلومات والمعطيات والحكايات، كي تكون مرجعاً يحتوي على تاريخ بلد وصناعة، وعلى ذاكرة فنٍ وسجالات. فالمعرض ضروري، والكتيِّب ـ المرافق للمعرض ـ يختزل شيئاً من حضور سمير فريد في النقد السينمائيّ، والمحافل الدولية، والانفعالات الذاتية لأناسٍ مقرّبين منه، أو متواصلين معه، أو متمكّنين من استفادةٍ ما من تاريخه وثقافته ومعرفته وأرشيفه.

معرضٌ يسرد شيئاً من سيرة رجل وناقد (كتب، مقالات صحافية، مجلات، صُور فوتوغرافية، لوائح خاصّة بمشاركاته العديدة في لجان تحكيم.. إلخ)، وكتيِّب يُخزِّن نتفاً من منعطفات وحالات، وقاعة صغيرة تتّسع لحبٍّ يقوله بعض معارفه، المنتمين إلى أكثر من جيلٍ، في لحظة سينمائية هي لحظته.



دلالات

المساهمون