المواهب الغنائية العربية... التخمة تُطيح النجومية

المواهب الغنائية العربية... التخمة تُطيح النجومية

25 نوفمبر 2017
لم يحقق أيمن نجومية مطلقة رغم قدراته(فيسبوك)
+ الخط -


هل تراجعت برامج المواهب الغنائية؟ سؤالٌ يُطرَح أمام تعثّر بعض الإنتاجات الخاصة لهذا النوع من العروض. وليست الأزمة الخليجية وحدها في الأشهر الأخيرة السبب الوحيد في تراجع هذه البرامج.

على العكس تماماً، "التخمة" الفنية التي يعانيها الوسط الفني في العالم العربي، تبدو سببًا رئيسياً لكل الأسئلة، التي لا تزال دون إجابات شافية. في العودة إلى مرحلة التسعينيات، كانت برامج المواهب الملاذ الوحيد للشباب والشابات في الكشف عن المواهب، والبحث عن مكان على خريطة الغناء تحديداً.

لكن انتشار المحطات الفضائية بشكل عشوائي، وتقديم وجبة متسارعة من هذه البرامج، أسهم في الواقع، بولادة عدد كبير من المواهب الشابة، التي أظهرت موهبتها، على الشاشة الصغيرة لوقت ثم اتجهت للبحث عن منتج. أمام هذا الواقع، ومع تعثر ملحوظ شهدته شركات الإنتاج بسبب المحسوبيات والمصالح الضيقة للمسؤولين عنها، قلة من تلك المواهب استطاعت الحفاظ على موقعها، وأحرزت تقدماً خجولاً في الغناء.

تبنَّى الجمهور سنة 2004 الفنان الليبي الشاب، أيمن الأعتر، وذلك عقب مشاركته في برنامج "سوبر ستار"، وفوزه باللقب في الموسم الثاني. وبحسب الإحصاءات، يومها، خرج الأعتر بنسبة 54 في المائة من تصويت المتابعين على الشاشات الصغيرة.

ورغم اختياره بيروت لمتابعة مساره الفنّي، لم يتقدم كثيراً، حتى اختار الإقامة في بريطانيا منذ خمس سنوات، وتبنى اللون الخليجي في إصدارته الغنائية. ويقسِّم حفلاته بين المملكة المتحدة ودبي. وتكاد تكون، زميلة الأعتر، شهد برمدا، من أكثر المواهب السورية حرفة.

ابنة حلب التي شاركت في برنامج "سوبر ستار" سنة 2006، أثبتَت أنَّ صوتها يستحق مساحة من النجاح لإمكاناتها الواضحة في حسن الأداء، لكنها تعثرت في تعاونها مع شركات الإنتاج، برمدا، ورغم رصيدها الغنائي الجيد، وشهادة كبار المطربين بموهبتها، ومنهم الفنان العراقي كاظم الساهر، لا يزال حضورها خجولاً وحفلاتها قليلة.

وكذلك جوزف عطية الذي فاز عام 2006، بلقب برنامج "ستار أكاديمي"، الشاب الذي بلغ ثلاثين عاماً اليوم، استطاع أن يحجز مكانه على لائحة المغنين اللبنانيين، ولو أن تقدمه الفني خجول، لكنه حافظ على مكانة جيدة عند الناس الذين فضلوا صوته عن غيره من الطلاب. وخرج بتصويت الجمهور منتصراً حاملاً للقب، وفي رصيده اليوم خمسة ألبومات غنائية، إضافة إلى مجموعة من "كليبات" لأغان مصورة، ويفتقر إلى شركة إنتاج اليوم تساعده على إثبات نجاحه.

اليوم، ومع الحديث عن موسم رابع من برنامج "ذا فويس" يبدأ عرضه قريباً، أسئلة كثيرة تُطرح، حول التعاطي مع المواهب الشابة التي فضلت الغناء ربما على البطالة، ومواسم الهجرة، والحروب التي يعانيها العالم العربي.

وهل لا يزال بإمكان المحطات العربية الإسهام في صناعة نجم عربي، أمام تراجع واضح للمواهب العربية الحقيقية؟ مواهب تمتلك كل مقومات النجاح. والتساؤل هنا يحملنا للتسليم بأن الإنتاج الفني العربي يعاني من أزمة مالية كبيرة، تنخر في وسائل الإعلام المرئية. فتستغل هذا النوع من البرامج لصيد إعلاني تجاري ثمين، يفتح نافذة صغيرة أمام الموهبة الغنائية. لكنه يتراجع تلقائيًا بعد انتهاء مدة عرض البرنامج.

أمثلة كثيرة تُطرح اليوم، على المحطات والبرامج، تثبت أن الواقع الاستهلاكي للغناء العربي، تحاصره موجة من الاستسهال في الخروج إلى الضوء للمواهب نفسها عن طريق مواقع التواصل، من دون شروط أو التزامات، تعترف بالحقوق الواجب مراعاتها، والمعايير الخاصة بإنتاج أغان والترويج لها، ونجاحها. حالة لا يبتعد خطرها عن الفنانين المحترفين أو "النجوم" الذين سيعانون في السنوات المقبلة من تداعيات وحروب وسائل الإعلام والإمبراطوريات الفنية التي تتجه إلى مستقبل مجهول. 

المساهمون