"الجبال بيننا" لهاني أبو أسعد في القاهرة... تحدّيات الطبيعة

"الجبال بيننا" لهاني أبو أسعد في القاهرة... تحدّيات الطبيعة

21 نوفمبر 2017
كايت وينسلت في "الجبال بيننا" (الملف الصحافي للمهرجان)
+ الخط -
إنه خيار موفَّق، أن تُفتتح الدورة الـ39 لـ"مهرجان القاهرة السينمائيّ الدولي"، مساء 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، بعرض الفيلم الأميركي الجديد "الجبال بيننا" (2017)، للمخرج الفلسطيني، هاني أبو أسعد (1961). فالسينمائيّ حاضرٌ في هوليوود، كحضوره في المشهد السينمائيّ العربيّ، رغم اختلاف حجم الحضورين، أحدهما عن الآخر، ومدى تأثيرهما المباشرين في صناعة الصورة السينمائية. 

غربياً، تمكّن هاني أبو أسعد من تثبيت مكانٍ له في هوليوود، لمرة ثانية، خلال 5 أعوام. "الجبال بيننا" ثاني فيلم هوليوودي له بعد "المتخصّص" أو "الساعي" (2012). الحرفية المهنيّة سببٌ أساسيّ لتعاونٍ ثانٍ كهذا. فـ"الساعي" منتمٍ إلى النوع التشويقيّ، المليء بالمطاردات والأكشن؛ والمعطيات المتداولة عن "الجبال بيننا" تفيد أن التشويق سمة درامية أساسية، رغم الاختلاف الشديد بين القصتين، إذْ تدور الأولى حول شخصٍ واحد في مواجهة "أشرار"، وترتكز الثانية على مأزق يقع فيه طبيبٌ ومُصوّرة صحافية، في مواجهة "غضب" الطبيعة.

في الأول، يجد ساعٍ (جيفري دين مورغان) نفسه في ورطةٍ تكاد تودي بحياته. وظيفته؟ تسليم "أغراض" يرسلها رجال عصابات إلى "زملاء مهنة". آخر مهمّة له تضعه في مأزقٍ، يُفترض به ـ بمساعدة مقرّبين وأصدقاء قلائل جداً ـ النفاد منه بأي شكلٍ من الأشكال. التقنية المعتمدة في تنفيذ المشروع كامنةٌ في إعلاء مستوى التشويق، من دون التغاضي عن مشاعر وذكرياتٍ وعلاقاتٍ، تظهر حكاياتها بين فينة وأخرى. باختصار، هذا فيلم مستوفٍ شرطه الهوليوودي التجاري العاديّ، لكنه خطوة عملية ومهنيّة مهمّة لهاني أبو أسعد.

في الثاني، ينجو الطبيب بن باسّ (إدريس ألبا) والمُصوّرة الصحافية ألكس مارتن (كايت وينسلت) من تحطّم الطائرة، لكنهما يضطران إلى مواجهة تحدّيات الطبيعة، بحثاً عن مخرجٍ من المأزق، ودربٍ لبلوغ الأمان. السيناريو، الذي كتبه كريس فايتز وجي. ميلز غوودلو، مأخوذ من رواية بالعنوان نفسه، للكاتب الأميركي، تشارلز مارتن (1969)، صادرة عام 2010. أما ميزانية الإنتاج فتبلغ 35 مليون دولار أميركي، علماً أن إيراداته الأميركية والدولية، بين 6 أكتوبر/ تشرين الأول و16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، تساوي 52 مليوناً و398 ألفاً و610 دولارات أميركية (عروضه التجارية الدولية مستمرة في مدنٍ مختلفة).

لكن علاقة هاني أبو أسعد بهوليوود غير محصورة بهذين الفيلمين فقط. فاشتغاله السينمائيّ العربيّ أحد أسباب بلوغه عاصمة الفن السابع. عام 2006، يحصل "الجنّة الآن" (2005) على ترشيحٍ رسميّ لـ"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي، الذي يحصل عليه ثانيةً عام 2014، عن "عمر" (2013). علماً أن "الجنّة الآن" حاصلٌ على جائزة "غولدن غلوب" في الفئة نفسها، عام 2006.

هذه ليست تفاصيل عابرة. تأسيس الحضور الغربيّ مؤسسٌ على اشتغال فلسطيني بحت، وإنْ بمشاركة إنتاجية من دول ومؤسّسات أوروبية مختلفة. وإذْ يطرح "الجنّة الآن"، من بين أمور أخرى، سؤال العمليات الاستشهادية، في إطار نزاعات فردية ذاتية؛ فإن "عمر" يتناول مسألة تعاونٍ فلسطيني أمني مع إسرائيل، عبر تساؤلات عن الصداقة والحب والجدار العنصري ومعنى الهوية والانتماء.

والجانب التقني الفني لن يكون أقلّ أهمية من الأسئلة الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، المطروحة في هذين الفيلمين، تحديداً. هذا دافعٌ إضافيّ إلى تعاونٍ أميركي معه، يجعله أحد السينمائيين العرب القلائل العاملين في هوليوود. أما بلوغ تلك المرحلة، فنتاج مسارٍ عمليّ يبدأه أبو أسعد نهاية ثمانينيات القرن الـ20، بعد دراسة الهندسة التقنية في هولندا، حيث عمل فترة في مجال اختصاصه. عام 1998، يبدأ مرحلة السينما (الصوص الـ14)، وعام 2002 يُقدِّم أول روائي طويل له بعنوان "عرس رنا ـ القدس في يوم آخر.

من أفلامه الفلسطينية: "يا طير الطاير" (2015) عن محمد عساف "آراب إيدول"، إلى وثائقيات مختلفة.

دلالات

المساهمون