9 أساليب يستخدم بها السياسيون علم النفس للتلاعب بالتصويت

9 أساليب يستخدم بها السياسيون علم النفس للتلاعب بالتصويت

18 نوفمبر 2017
يُستخدم أسلوب "التحيز السلبي" (جورج فراي/Getty)
+ الخط -

شكّل باراك أوباما أثناء التحضير لحملته الانتخابية عام 2012، فريقاً خاصاً من الخبراء لمساعدته في كسب أصوات الجماهير، إلا أن ما قد يفاجئك هو أنهم لم يكونوا رجال سياسة محنكين، بل مجموعة من علماء النفس المكلفين بتطبيق أحدث النظريات في علم السلوك لإقناع الناس بغاياتهم. فإذا كنت ممن يعتقدون أن هذا الأمر غريب في عالم السياسة، إليك 9 أساليب يستخدم بها السياسيون علم النفس للتلاعب بالتصويت.

 

1- ادعاء وجود إقبال مرتفع على التصويت:

شاعت فكرة خاطئة، في وقت ما، تشير إلى أن إخبار الناخبين بانخفاض الإقبال الجماهيري على التصويت سيجعلهم يتدافعون للاقتراع، لظنهم أن أصواتهم ستكون مؤثرة أكثر. إلا أن الدراسات الحديثة تؤكد أن انخفاض الإقبال يضعف رغبة الناس في التوجه إلى صناديق الاقتراع، وارتفاعه يحفزهم على التصويت. ويفسر علماء النفس استخدام السياسيين لهذا التكتيك الفعال في استهداف جماهيرهم، بأن البشر كائنات اجتماعية، تتأثر أفعالهم بسلوك غيرهم.

2- إثارة الاشمئزاز في نفوس الناس لجعلهم يتخذون مواقف أكثر محافظة:

أكدت دراسة في جامعة كورنيل أن وضع علبة مطهر الأيدي بجانب الطلاب، دفعهم إلى الإجابة بطريقة أكثر تحفظًا على الأسئلة المتعلقة بالقضايا الاجتماعية التقليدية مثل تشريع الإجهاض والممارسات الجنسية. كما وجد الباحثون في جامعة بليموث في المملكة المتحدة أن جعل رائحة غرفة الاقتراع سيئة، جعل الناس أكثر عرضة لمعارضة هذه القضايا.

ويرجع هذا الأمر إلى أن أغلب المواقف التي ترتبط في اللاوعي الجمعي بنظام المناعة السلوكي، هي أمور نميل غريزيًا إلى التفكير فيها بطريقة محافظة اجتماعيًا. ويعتبر الاشمئزاز، على وجه التحديد، شعورا يوحي للغالبية العظمى من البشر بالحذر، واتخاذ رد فعل دفاعي. وهذا ما استغله أغلب السياسيين المحافظين للتسويق لقضاياهم، مثل كارل بالادينو، أحد المرشحين، قبل بضع سنوات، لمنصب حاكم نيويورك، والذي وزع منشورات حملته في بيئة تعج برائحة القمامة.

3- استخدام التشهير العلني لدفع الناس للتصويت:

وصلت رسائل موضوعة في مظاريف رسمية المظهر، إلى صناديق بريد الناخبين في أوائل عام 2017، قبل انتخابات مدينة لوس أنجليس، وكتب فيها: "ماذا لو عرف أصدقاؤك وجيرانك إن كنت صوت أم لا؟".

وأدرجت الرسائل تواريخ تصويت المتلقي في الانتخابات السابقة، مقارنة إياها بتواريخ تصويت جيرانه، مما زاد إقبال الجماهير على التصويت بنسبة 4.5%، على الرغم من بقاء اسم المرسل مجهولًا.

4- التلاعب بصياغة الأفكار:

يؤكد عالم النفس نعوم شبانسر أن الناس يتحيزون إدراكيًا، ويتخذون خيارات مختلفة اعتمادًا على طريقة تقديم المعلومات لهم، ويقول: "دعني أفترض أنك تمثل الشعب الأميركي في المفاوضة معي على صفقة ما، أن أقدم لك اختراعًا تكنولوجيًا من شأنه زيادة ثروة البلاد، وجعلها أكثر إنتاجية، بالإضافة إلى منحنا المتعة، مقابل السماح لي باختيار 40 ألف شخص عشوائي كل عام، وقتلهم، قد تقبل الصفقة وقد ترفضها، إلا أنك في حال الرفض ستكون متأخرًا قليلًا لأن الاختراع الذي أقدمه لك أخذته مسبقًا ولا تستطيع التخلي عنه، إنه سيارتك!".

وتعتبر تجربة ستانفورد مثالًا آخر على التلاعب بصياغة الأفكار الذي يستغل بشكل كبير في مجال السياسة، حيث قُسم المشاركون إلى مجموعتين، وطلب منهم قراءة مقطع قصير عن ارتفاع معدلات الجريمة في مدينة متخيلة، ووصفت الجريمة في المقطع الذي قدم للمجموعة الأولى بالوحش، في حين وصفت في المقطع الذي قدم للمجموعة الثانية بالفيروس. ووجد الباحثون أن الحلول المقترحة للتعامل مع الجريمة من قبل المشاركين، تغيرت بشكل جذري تبعًا للوصف المقدم لهم، إذ وصل عدد المطالبين بالتنفيذ الصارم للقانون إلى 71% في المجموعة الأولى، في حين انخفض هذا الرقم إلى 54% في المجموعة الثانية.

ونلاحظ استخدام هذا الأسلوب في الحملات السياسية في الاحتيال على استخدام المصطلحات بحسب الغاية منها، مثل "غير قانوني" و"غير شرعي"، "مؤيد للحياة" و"مؤيد للإجهاض"، وعلى الرغم من اعتقاد البعض أنها عابرة أو عفوية، إلا أن انتقاءها غير عشوائي، وأكثر أهمية مما نظن.

5- التحدث مع الناخبين المحتملين عن تفاصيلهم اليومية أثناء فترة الانتخابات:

اكتشف الباحثون أمرًا مثيرًا للاهتمام أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2008، حيث وجدوا أن المكالمات الهاتفية الموجهة من المتطوعين إلى الناخبين المحتملين، أكثر فعالية من النصوص البرمجية النموذجية التي تسأل الناس ببساطة إن كانوا ينوون التصويت أم لا، وصدرت التعليمات وقتها بسؤالهم عن مخططاتهم قبل توجههم للاقتراع، إن كانوا ينوون الذهاب قبل العمل أو بعده، وكيف سيذهبون إلى هناك، ومن سيرعى أطفالهم في غيابهم، كما أشار البروفيسور تود روجرز من كلية كينيدي في جامعة هارفارد، ومؤلف الدراسة، إلى أن التخطيط المعرفي لا يشكل مجرد حافز، بل هو جزء رئيسي من قرار التصويت.

6- الوعود بمتابعة تجربة الناخبين بعد انتهاء الاقتراع:

قسم المشاركون الذين بلغ عددهم حوالي 700 ألف شخص إلى مجموعتين، في دراسة أجريت خلال الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية عام 2010، وتلقت المجموعة الأولى رسائل تشجعهم على التصويت، في حين تلقت المجموعة الثانية رسائل بذات المضمون مع زيادة طفيفة، تحمل وعودًا بالتواصل مع الناخبين للتحدث عن تجربتهم بعد انتهاء التصويت.

ووجد الباحثون أن الرسائل التي ذكرت المتابعة المحتملة كانت أكثر فعالية بمقدار 3 أضعاف من الرسائل الأخرى، وربطوا ذلك بفكرة أن الناس أكثر عرضة للقيام بالأشياء عندما تكون سمعتهم على المحك، وأعمالهم أكثر وضوحًا للآخرين.

7- استخدام الضغط الاجتماعي لدفع الناس للتصويت:

أرسل المسؤولون عن حملة أوباما الانتخابية عام 2012، بريدًا الكترونيًا لأنصاره يتيحون لهم به معرفة عدد المواطنين الذين سجلوا أسماءهم من أجل التصويت. وأكدت الصحافية ساشا إيزنبرغ، مؤلفة كتاب "العلوم السرية للحملات الرابحة" أن أوباما استفاد من حقيقة أن الإنسان يكون أكثر قابلية للقيام بالشيء لدى اعتقاده أن أشخاصًا آخرين يقومون بمثله، وأن هذا التكتيك هو جزء من نهج سلوكي في علم النفس العام، لتحفيز الناس على أداء المهام المطلوبة.

 

8- استخدام الأسماء لا الأفعال في الحملات الانتخابية:

قسم المشاركون في إحدى الدراسات إلى مجموعتين، وسئل أفراد المجموعة الأولى عن أهمية أن يكونوا "ناخبين" (اسم)، في حين سئل أفراد المجموعة الثانية عن أهمية أن "ينتخبوا" (فعل)، فوجد الباحثون أن استخدام اسم "ناخب" زاد اهتمام الناس بالتسجيل من أجل التصويت في الانتخابات القادمة، أكثر من استخدام فعل "ينتخب"، وربطوا ذلك بأن الاسم يلتصق بهوية الشخص الذي يقوم بالفعل أكثر من الفعل نفسه، ويجعله ينظر إليه على أنه جانب نبيل من شخصيته.

9- التحيز السلبي:

يقول الناخبون عادة إنهم يكرهون الحملات الانتخابية الهجومية، فلماذا نجدها تنجح في معظم الأحيان؟

ينبع هذا مما يسميه علماء النفس بـ"التحيز السلبي"، أي ميل الناس لتذكر المعلومات السلبية بشكل انتقائي، ووقوعهم تحت سيطرة المشاعر السلبية أثناء صناعة قراراتهم، وهذا ما يستغله السياسيون عند تركيزهم على عيوب خصومهم، حيث يقول جون كروسنيك، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد، والخبير في مجال علم النفس السياسي: "يعد كرهك لأحد المرشحين في الانتخابات دافعًا كافيًا للمشاركة في التصويت، أما في حال ميلك لهم بدرجات متفاوتة، فإنك ستظل لا مباليًا تجاه الفكرة".


(العربي الجديد)


المساهمون