هارفي وينستين بعيونٍ فرنسية

هارفي وينستين بعيونٍ فرنسية

24 أكتوبر 2017
المخرجة كلير سيمون (Getty)
+ الخط -
لن تهدأ عاصفة هارفي وينستين قريباً. فضيحة تحرّشاته واعتداءاته الجنسية غير محصورة في الولايات المتحدة الأميركية، وغير مُختزلة بعلاقاته "العنيفة" مع النساء، لأن سلوكه اليومي "شنيعٌ" و"كريهٌ" مع موظّفين لديه (كما يصف مقرّبون منه سلوكه هذا).
للفرنسيات "حصّة" من الحكاية أيضاً. فـ "تحرّشاته" طاولت ممثلات وفتيات يبحثن عن شهرةٍ عبر المنتج، "الأكثر سلطةً في عالم السينما". سلوكه العنيف متمثّلٌ، أيضاً، في تواصله مع عاملين معه. لهذا كلّه، يمكن متابعة أقوال سينمائيين فرنسيين، تناول بعضهم واقعاً، بات مُلحّاً العمل على تغيير آلياته المتحكمة فيه منذ زمن.
هنا، أقوال لـ 3 فرنسيين عاملين في صناعة الصورة السينمائية، واعتراف سائقٍ عمل مع هارفي وينستين نحو 6 أعوام متتالية، أثناء حضوره مهرجان "كانّ" السينمائي.
تبدأ المنتجة آنياس فالّي (1971) تعليقها على المسألة بالقول، إن أكثر ما آلمها في الموضوع برمّته كامنٌ في أن نساءً عديدات، لديهنّ حالياً "مسارات مهنية مُنجزة"، ارتضين "الصمت أعواماً طويلة". أشارت إلى أن التحرّش حاضرٌ بقوّة في كل مكان؛ لكن، لديه حضور أقوى وأحدّ في عالم السينما، "إذْ يتمتّع هذا العالم بقيمٍ، كالفتنة والإغراء والسحر، يُفترض بالممثلات تجسيدها، "بأوامر" مباشرة من سينمائيين" يعملن معهم: "يجب على السينما أن تتحرّك. المنتجون في فرنسا مُنَمَّطون: لم تتجاوز أعمارهم الـ 50 عاماً، بيض، ورجال. على السينما أن تُفكِّك "نموذج الذكر"، بدلاّ من أن تستمر في تثبيت كليشيهات مبتذلة".
ورأت أن الشاشة الكبيرة تُقدِّم النساء، غالباً، "إما بشكل كاريكاتوري ساخر، وإما حمقاوات، وإما ضحايا". وانتهت إلى القول إن "هذا سيتغيَّر، إذا ارتفع عدد النساء في مناصب صنع القرار".
من جهته، قال الممثل رضا كاتب (1977) إنه لا يعرف وينستين، وإنه التقاه مرة واحدة في إحدى دورات مهرجان "كانّ" السينمائيّ: "عندما صافحته، شعرتُ أني أصافح الشيطان". أضاف أن "العلاقة بالمرأة ـ الشيء أو المرأة ـ الأداة، في هذا الوسط، "مُغوٍ" أكثر من مكان آخر في المجتمع". فالممثلات "مفروضٌ عليهنّ، أحياناً، فعل أشياء لا يتمنّين فعلها، كي يُحقِّقن أحلامهنّ". وقال إنه كان يشعر بممثلات "مُحاصرات وضائعات في "صورة جنسية متطرّفة" عن أنفسهنّ"، مضيفاً أن الممثلات "فرائس سهلة" بين أيدي المخرجين: "يجب أن يُفهم جيداً أننا نستطيع الشعور سريعاً بالانزلاق إلى حالاتٍ مُضلَّلة أو شاذّة أو منحرفة، من دون أن نكون راضين أو موافقين (على ذلك). بالنسبة إلى الرجال، الأمر أقل تعقيداً، فجسدي ليس "رأسمال تجاري". وأنا متمسّكٌ بفكرة رفض كلّ علاقة لها بُعدٌ سلطوي".
أما المخرجة كلير سيمون (1955)، فقالت إن السينما تُشبه أي عمل آخر، "يُعاند الرجال فيه كي يبلغوا الكمال، (ما يجعلهم) يُدافعون عن هيمنتهم عليه". ورأت أن مسألة "التضامن بين الذكور" يجب إنشاؤها بين النساء، "اللواتي يُفضِّلن، غالباً، أن يكنّ منافساتٍ، للحصول على تأييدٍ أو استحسانٍ أو تعاطفٍ، بهدف التقدّم في وظائفهنّ". وانتهت إلى القول إنّ أموراً كهذه "يعرفها الجميع"، مشيرةً إلى مسألة حسّاسة: "للعمل مع هذا المخرج أو المنتج، يجب المرور بسريره". لكن، بما أنها مخرجة، فهي ليست معرَّضة لهذا، "ولا أريد أن أتعرّض له". ربما لهذا "يُصبح نطاق حركتي محدوداً، وتتقلّص مساحة عملي".
في مجال آخر، كشف مايكل شَمْلوول (56 عاماً)، السائق الخاص بهارفي وينستين أثناء مهرجان "كانّ" بين عامي 2008 و2013، عن أمورٍ عديدة، من دون أن يذكر أسماء "ضحاياه". قال: "رأيتُها تخرج من الفندق وهي تبكي، حاملةً حذاءها بيدها. لم أنبس بكلمة. لم أكن أعرف ما الذي يجري في اللقاءات الخصوصية. لكني كنتُ أعرف، بالضبط، أنه بغيضٌ (في تعامله) مع الجميع، وأنه يطرد موظّفين لديه من أجل لا شيء. ذات مرّة، كسر مساند السيارة. ثم طردني من العمل، لأنه غضب مني بسبب عدم مرافقتي فتاتين أرسلني إلى "سان تروبي" للبحث عنهما من أجله. كان يصيح بي، ويشتمني بأقذع الشتائم. كان يُسدِّد إليّ ضرباتٍ عديدة أثناء قيادتي السيارة. ذات مرة، حطّم نظّارتي، وكسر إصبعاً لي. كان يُمكن، حينها، أن نتعرّض لحادث سير. عندها، تركتُ العمل، وتقدّمت بشكوى (لم تُستكمل لاحقاً)".
لا يملك شَمْلوول جواباً على هذا السؤال: "لماذا الصمتُ طويلاً عن ممارساتٍ كهذه؟". كثيرون يعرفون أنه يستأجر، سنوياً، الجناح نفسه في فندق Cap-Eden-Roc ("آنتيب"، بالقرب من "كانّ")، بـ 2800 يورو في الليلة. أحد العاملين هناك قال إنه "لم يكن لطيفاً أو ودوداً، لكن، ما من شيء كان يوحي أنه رجل خطر". كان يستأجر "شقّة صغيرة" في Majestic، ومكتباً في الطابق الأخير من Gray D’Albion، المواجه لـ "قصر المهرجانات". يقول شَمْلوول: "كانت فتيات عديدات تأتين إليه في المكتب، منتصف الليل! كيف يُمكنهنّ الموافقة على موعد كهذا؟"، مضيفاً أن وينستين طلب منه، ذات يوم، الذهاب إلى "قصر صغير" لإحضار فتاة تخلّى عنها هناك: "كانت تبكي. طلبَتْ مني بطاقة العودة بالطائرة. لم يكن قد أعلمني بهذا. اتصلت بـ "شركة وينستين" في نيويورك، كي يُرسلوا لها بطاقة سفر. شابات كثيرات وممثلات فرنسيات معروفات اليوم ذهبن إليه. بعضهنّ لا يزال صامتاً لغاية الآن. ليس عليهنّ البقاء صامتات هكذا".
لم يذكر مايكل شَمْلوول أسماء أحد. أخيراً، تمكّن من الخروج من حالةٍ نفسية صعبة، وتوقّف عن تناول عقاقير مُضادة للاكتئاب، وانتهى من تأليف كتابٍ عن هذه المرحلة، ينشره قريباً: "طلب الأميركيون مني هذا. تحدّثوا من الآن عن اقتباسٍ سينمائيّ أيضاً".




المساهمون