رحيل رفيق سبيعي… "أبو صياح" البيئة الشاميّة

رحيل رفيق سبيعي… "أبو صياح" البيئة الشاميّة

06 يناير 2017
رفيق سبيعي (يوتيوب)
+ الخط -
في عصر الخميس، الموافق لـ 5 يناير/ كانون الثاني، فارق الحياة الفنان السوري القدير، رفيق سبيعي، عن عمرٍ يناهز السابعة والثمانين سنة. وحسب ما أُشيع فإنَّ سبب الوفاة يعود لتأثّره بإصابة تعرَّض لها منذ مدة، إذ وقع في منزله الكائن في منطقة المزة، في العاصمة السورية دمشق، وكُسِر حوضه. وجاء خبر وفاته مُفاجئاً بعد أيام من الإعلان عن نجاح العملية التي أجريت له.
ويحظى الفنان، رفيق سبيعي، بشعبيَّة كبيرة واحترام لدى السوريين، رغم عدم إعلانه لموقف واضح وصريح من الثورة السورية، بل عمل على تحييد نفسه عن الواقع السياسي. وقد وجّهت له الكثير من الانتقادات، لأنّ الظرف في سورية، هو إنساني قبل أن يكون سياسيّاً، وبالتالي لا معنى للحياد في ظلّ هكذا ظروف، خصوصاً أنَّ أكثر الفنانين السوريين، مثل دريد لحام وغيرهم، أعلنوا جهارةً تأييدهم الصريح لنظام بشار الأسد.
واستطاع سبيعي خلال مسيرته الفنيّة الطويلة أن يحصل على لقب "فنان الشعب"، وبدأ مسيرته الفنية في خمسينيّات القرن الماضي، إذ جال مسارح سورية كممثِّل ومُغنٍ و"مونولوجيست". وعرفه الناس من خلال شخصيَّة قبضَاي الحارة "أبو صياح"، والتي تشبه دمشق في تلك الحقبة، ومن خلال القيم التي تحملها كالرجولة والشهامة والكرم والشجاعة، وأيضاً بارتدائه الزي التقليدي الذي كان سائداً في دمشق أيام الحكم العثماني.
ومع انطلاقة التلفزيون السوري سنة 1960، تحوَّلت شخصيَّة "أبو صياح" من شخصية مسرحيَّة إلى شخصية تلفزيونية. وتواجدت في العديد من الأعمال التلفزيونية الأولى في تاريخ سورية الحديث، ومنها "مقالب غوار"، "حمام الهنا"، "أبو صياح الثاني عشر" وغيرها.
وبعد أن نشبت خلافات بينه وبين دريد لحام، تحرَّر سبيعي من شخصية "أبو صياح"، وشارك في في العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية الهامة. ففي الثمانينيات، كانت له تجربة مميّزة في السينما، إذ شارك في فيلم "أحلام المدينة" للمخرج محمد ملص، والذي يعتبر حتى يومنا هذا، واحداً من أفضل الأفلام السورية. وفي التسعينيات، كان سبيعي حاضراً في أغلب أعمال البيئة الشامية، مثل مسلسل "أيام شامية"، "الخوالي" وغيرها. ولعب في جميع هذه الأعمال دور "زعيم الحارة"، وأكسب هذا الدور الطابع المهيب والوقور، والذي لا يزال مهيمناً على هذه الشخصية حتى يومنا هذا؛ وعاد لتجسيد الشخصية نفسها في السنين الأخيرة، في مسلسلات البيئة الشامية الجديدة، مثل "طالع الفضة" و"أهل الراية" وكان آخر هذه الأعمال مسلسل "صدر الباز" الذي قدم سنة 2016. كما شارك أيضاً في العديد من أعمال الدراما الاجتماعية والكوميديّة، ولكن الجمهور كان يفضَّله دائماً في أعمال البيئة الشاميّة، بل إنَّ صورته ترسَّخت في أذهان الجمهور من خلال هذه الأعمال.
وجاء خبر وفاة الفنان رفيق سبيعي، بعد يومين فقط من الإعلان عن إغلاق القناة الأولى في التلفزيون الرسمي السوري، لتبدو أن سنة 2017، جاءت لتنهي مسيرة التلفزيون السوري التاريخيّة. وتكتب السطور الأخيرة للجيل الذي أسّس للدراما السوريّة. فرحيل، فنان الشعب، "أبو صياح" يمثل نهاية مرحلة جميلة من ذاكرة الدراما السورية.

دلالات

المساهمون