نواذيبو... مقبرة السفن المتهالكة
أصبح حطام السفن بيئة محمية مناسبة لتكاثر الأسماك (Getty)
كما هو الحال في البلاد الفقيرة؛ تتنازل الحكومات كثيراً عن المواطنين، وتغض الطرف عن كثير من الانتهاكات. غضت الحكومة الموريتانية الطرف عن أصحاب السفن القديمة الذين جرّوا سفنهم المتهالكة ليتخلّصوا منها على شواطئ شبه جزيرة نواذيبو. وبعد ثلاثة عقود من هذه الممارسات المؤذية، أصبح ذلك الساحل أكبر مقبرة في العالم للسفن، فتحوَّلت إلى معلمٍ سياحيّ بفضل مئات السفن الصدئة والمهترئة الملقاة على الشاطئ!
ورأس نواذيبو، شبه جزيرة صغيرة بارزة من الساحل الغربي لأفريقيا؛ وتنقسم سيادتها بين موريتانيا والصحراء الغربية. الجانب الشرقي من جزيرة نواذيبو يتبع موريتانيا، وتوجد فيه مدينة يقطن فيها حوالي 100 ألف نسمة، حيث تعد ثاني أكبر منطقة سكنية في البلاد. تأسست المدينة في أغسطس/آب عام 1907 على يد الحاكم الفرنسي العام لغرب أفريقيا، إرنست رومي، وأطلق عليها اسم الوزير السابق للمستعمرات الفرنسية "أوجين إتيان"، ثم أصبحت بعد ذلك المدينة الرئيسية لخليج أرغين. ثم بعد استقلال موريتانيا تغيّر اسم المدينة إلى نواذيبو.
كان التجارُ الفرنسيّون قد استقروا في نواذيبو قبل الحرب العالمية الأولى، إذ ثمَّن التجار قيمة الجانب الشرقي من الجزيرة ومياهه الهادئة القادرة على حماية السفن من المياه الهادرة للمحيط الأطلسي. استند اقتصاد الجزيرة، بداية، على صيد الأسماك، ولكن الموقع أثبت مثاليته للتجارة. وسرعان ما تحوَّلت نواذيبو إلى ميناء مُختصّ بتوزيع خام الحديد المستخرج من موريتانيا.
وفي نهاية المطاف، اكتشف التجّار فوائد التخلّي عن السفن التي توقفت عن التشغيل في تلك المنطقة الخالية تقريباً، بدلاً من تحمُّل نفقات إعدام السفن وتفكيكها في الموانئ العالمية. كانت أوَّل سفينة تُلقَى في المنطقة هي الطراد البحري الفرنسي "شازلوب - لوبات"، والذي كان يُستخدَم قديماً منصةً بحريةً عائمةً في العشرينيات. ومع ازدياد المصاعب المالية بالمدينة، في ثمانينيات القرن الماضي، تخلَّى الكثير عن سفنهم هناك لتتعفن وتصدأ على سواحل المدينة.
يُعدّ الحطام الأكثر شهرة، والأكثر تصويراً هناك هو السفينة "مليكة المتحدة"، وهي ناقلةُ تبريد يبلغُ طولها حوالي 400 قدم، وقد جنحَت في عام 2003 على شاطئ نواذيبو، وتركها طاقمها المكوَّن من سبعة عشر فرداً. ولا تزالُ السفينةُ يأكلها الصدأ وتضربها الأمواج على الساحل.
لكنّ المقبرة أصبحَت مَصدر دخل جيد للعديد من قاطني نواذيبو، فقد صنَع حطام السفن بيئة محمية مناسبة لتكاثر الأسماك والحيوانات البحرية التي كانت قد تعرَّضت للصيد الجائر على يد سفن بلاد أخرى تستغل ضعف الرقابة الحكومية. كما استقرت الطيور البحرية على السفن دون مضايقات في البحر، ونشأ عن ذلك نظامٌّ أيكولوجيٌّ جديد بسبب الحطام. كما أصبح كثيرٌ من الشركات التجارية المحلية تشجّع الأهالي على تقطيع الحديد من السفن الخربة، واستخدام أي شيءٍ مفيد منها يمكن بيعه، مثل معدّات الإبحار. كما نشأت طبقة من الصناع الذين تم استئجارهم لنزع أجزاء من محركات السفن والأجهزة الإلكترونية بها.
اقــرأ أيضاً
ورأس نواذيبو، شبه جزيرة صغيرة بارزة من الساحل الغربي لأفريقيا؛ وتنقسم سيادتها بين موريتانيا والصحراء الغربية. الجانب الشرقي من جزيرة نواذيبو يتبع موريتانيا، وتوجد فيه مدينة يقطن فيها حوالي 100 ألف نسمة، حيث تعد ثاني أكبر منطقة سكنية في البلاد. تأسست المدينة في أغسطس/آب عام 1907 على يد الحاكم الفرنسي العام لغرب أفريقيا، إرنست رومي، وأطلق عليها اسم الوزير السابق للمستعمرات الفرنسية "أوجين إتيان"، ثم أصبحت بعد ذلك المدينة الرئيسية لخليج أرغين. ثم بعد استقلال موريتانيا تغيّر اسم المدينة إلى نواذيبو.
كان التجارُ الفرنسيّون قد استقروا في نواذيبو قبل الحرب العالمية الأولى، إذ ثمَّن التجار قيمة الجانب الشرقي من الجزيرة ومياهه الهادئة القادرة على حماية السفن من المياه الهادرة للمحيط الأطلسي. استند اقتصاد الجزيرة، بداية، على صيد الأسماك، ولكن الموقع أثبت مثاليته للتجارة. وسرعان ما تحوَّلت نواذيبو إلى ميناء مُختصّ بتوزيع خام الحديد المستخرج من موريتانيا.
وفي نهاية المطاف، اكتشف التجّار فوائد التخلّي عن السفن التي توقفت عن التشغيل في تلك المنطقة الخالية تقريباً، بدلاً من تحمُّل نفقات إعدام السفن وتفكيكها في الموانئ العالمية. كانت أوَّل سفينة تُلقَى في المنطقة هي الطراد البحري الفرنسي "شازلوب - لوبات"، والذي كان يُستخدَم قديماً منصةً بحريةً عائمةً في العشرينيات. ومع ازدياد المصاعب المالية بالمدينة، في ثمانينيات القرن الماضي، تخلَّى الكثير عن سفنهم هناك لتتعفن وتصدأ على سواحل المدينة.
يُعدّ الحطام الأكثر شهرة، والأكثر تصويراً هناك هو السفينة "مليكة المتحدة"، وهي ناقلةُ تبريد يبلغُ طولها حوالي 400 قدم، وقد جنحَت في عام 2003 على شاطئ نواذيبو، وتركها طاقمها المكوَّن من سبعة عشر فرداً. ولا تزالُ السفينةُ يأكلها الصدأ وتضربها الأمواج على الساحل.
لكنّ المقبرة أصبحَت مَصدر دخل جيد للعديد من قاطني نواذيبو، فقد صنَع حطام السفن بيئة محمية مناسبة لتكاثر الأسماك والحيوانات البحرية التي كانت قد تعرَّضت للصيد الجائر على يد سفن بلاد أخرى تستغل ضعف الرقابة الحكومية. كما استقرت الطيور البحرية على السفن دون مضايقات في البحر، ونشأ عن ذلك نظامٌّ أيكولوجيٌّ جديد بسبب الحطام. كما أصبح كثيرٌ من الشركات التجارية المحلية تشجّع الأهالي على تقطيع الحديد من السفن الخربة، واستخدام أي شيءٍ مفيد منها يمكن بيعه، مثل معدّات الإبحار. كما نشأت طبقة من الصناع الذين تم استئجارهم لنزع أجزاء من محركات السفن والأجهزة الإلكترونية بها.
