أهرامات مروي في السودان

أهرامات مروي في السودان

01 يناير 2017
ارتفاعات أهرامات مروي بين 6 إلى 30 متراً (Getty)
+ الخط -
كانت مدينة مروي الأثرية الواقعة في منطقة شندي بشمال السودان إحدى العواصم العريقة في التاريخ القديم. كانت مروي عاصمة خصيبة لمملكة النوبة، في أزمنة الفراعنة والبطالمة والرومان، وكانت لها علاقات وطيدة بالشعوب الأفريقية جنوباً. أطلق عليها قديماً اسم ميدوي ومرواة. أما الآن، فهي من المواقع التراثية العالمية المصنّفة حسب اليونيسكو.

تحتوي المنطقة، إضافة إلى بعض المعابد والآثار الأخرى، على 220 هرماً، كانت بمثابة أضرحة. وتسمّى بالأهرام النوبية لاختلافها في الحجم ومقاييس البناء عن تلك الفرعونية الموجودة إلى الشمال داخل الحدود المصرية. لا تزال معظم تلك الأهرامات قائمة في منطقة الشلالات بين الشلال الخامس والسادس. وتاريخ إنشائها يعود إلى فترة ازدهار مملكة مروي، والتي امتدّت من القرن السادس قبل الميلاد حتى القرن الرابع الميلادي.

تراوح ارتفاعات أهرامات مروي بين 6 إلى 30 متراً. وقد بُنيت كمدرجات من الحجارة المرصوصة بشكل أفقي، وقاعدة الهرم في العادة صغيرة لا يتجاوز عرضها ثمانية أمتار. إذ يكون المبنى هرماً منحدراً بزاوية 70 درجة تقريباً. وأمام كل هرم بُني مذبح يشبه المذابح الفرعونية. وهي مشيّدة من الحجر وبعض المقابر الهرمية مبنية باللبن. وقبل اكتشاف هذه الأهرامات من قبل البعثات الأثرية الغربيّة في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين كانت محتويات تلك الأهرامات قد سُلبت تماماً باستثناء بعض الأشياء القليلة غير الثمينة، ومعظم المعلومات عن محتويات تلك الأهرامات مأخوذة من النقوش المنحوتة على الجدران.
ولقد آمن المرويون بالحياة بعد الموت مثل الفراعنة، لذلك بنو مقابر للموتى، ووضعوا معهم أدوات يستخدمونها في الحياة الآخرة، وكانت مقابر الأغنياء تحتوي على تحف وكنوز.
عاش في مروي شعبان رئيسان هما الشعب النوباتي وشعب البليمز، وقد ارتبط تاريخ مملكة مروي بالتاريخ المصري القديم كأقوى ما يكون. فالموقع المميّز لمدينة مروي جعلها نقطة اتصال رئيسية بين مصر من جهة والحبشة والعمق الأفريقي من جهة أخرى.
وكانت هناك محاولات لفرض النفوذ الفارسي على مروي عبر الملك قمبيز الذي قاد جيشاً من مصر حتى وصل إلى النوبة عام 525 قبل الميلاد. ولكن بسبب الغرور وعدم الاستعداد الكافي وسوء الإدارة والاستهانة بأهل النوبة وطبيعة أرضهم أخفق قمبيز وفشل فشلاً ذريعاً، وعاد إلى مصر خائباً بعد أن هلك قسم كبير من الجيش في صحراء النوبة.

وفي العصر البطلمي عمّ مروي الرخاء والازدهار، وامتد سلطانها شمالاً حتى جزيرة فيلة جنوب أسوان، وكانت تربطها علاقات طيبة مع البطالمة حتى وفاة كليوباترا سنة 32 قبل الميلاد. وعندما تحوّلت مصر إلى ولاية رومانية اصطدمت مروي بالرومان، وكانت بينهم حروب مستمرة، إلى أن ضعفت سلطة مروي على القرى والمدن المجاورة، وتلاشى نفوذها شيئاً فشيئاً.
وفي عام 450 ميلادية، انتهى الصراع الروماني المروي بدخول مروي في المسيحية، وبذلك اختفت عقائدها الوثنية، وانتهى عصر تشييد الأهرامات كمقابر. كذلك اختفت عبادات كانت مروي ورثتها من الجانب الأفريقي ومزجته بالفرعونية وأقامت لها المعابد. وقد وثّقت الحقبة الأخيرة من حضارة مروي في مسلة انتصار نصبها أحد الملوك سنة 350 ميلادية.

المساهمون