المكان الأكثر مطراً في العالم

المكان الأكثر مطراً في العالم

15 اغسطس 2016
تستخدمُ جذور الأشجار كجسور (Getty)
+ الخط -
مشهدٌ صباحيّ يوميّ: أطفال قرية، نونجسوهفان، بولاية ميغالايا بالهند، يعبرُون جسراً نما من جذور شجرة مطَّاطٍ في رحلتهم اليوميَّة إلى المدارس. وذلك في ظل أجواء ضبابيَّة شديدة، وفي نطاق منطقة غابات مطيرة، لا تهدأ رطوبتها أبداً.

مشهدٌ يوميّ آخر: تطفو قرية، ماوسينرام، فوق سلسلة من تلال خاسي الموجودة شمال شرق الهند. العمَّال على حدود القرية، يمارسون أشغالهم في الهواء الطلق، وهم يرتدون سترات واقية من المطر مصنوعة من الخيزران وأوراق الموز. فالمنطقة هي أكثر بقعة في العالم تهطل عليها الأمطار؛ إذ تستقبل سنويا 457 بوصة من الأمطار. أما المشهدُ الأكثر غرابة وروعة أيضاً، فهو الجسور الحية التي تغطي الوديان، والتي أغرقتها مياه الأمطار.

لقد عرف أهالي ميغالايا منذ قرون أنّ الهياكل الخشبية العادية تُهلَك سريعاً وتتعفَّن بفعل الرطوبة، ولن تكون عملية في بناء الجسور، ولذلك، لجؤوا إلى جذور أشجار المطاط المرنة، والقابلة للتشكيل بسهولة؛ فقاموا بوضعها وزراعتها وتوجيهها؛ لتنمو كالجسور على هيئة أقواس طبيعية فوق الأنهار، في مشهد نادر لا يُرى في مكان آخر. والجسور بهذه الطريقة، تعزِّز نفسها ذاتيّاً بالنمو الطبيعي لتصبح أكثر قوَّة بمرور الوقت، ثم مع نمو المجموع الجذري لها، تصبح الجسور أشدَّ صلابةٍ وأكثرّ دعامة.

ينشأ هذا المطر الغزير نتيجة تيَّارات الهواء الصيفيَّة التي تجتاح السهول الفيضيَّة المتبخِّرة في بنغلادش، فيتجمَّع البخارُ والرطوبة ويتحرَّكان باتجاه الشمال. وعندما تضرب الغيوم الناتجة عن ذلك تلال ميغالايا، تنعصر الغيوم في الفجوة الضيقة بالغلاف الجوي، ثم تُضغَط إلى الحد الذي يجعلها غير قادرة على حمل الماء، فتسبب المطر المستمر الذي تشتهر به قرى المنطقة.

تتلقى، ماوسينرام، وحدها حوالي 10 أمتار من المطر سنوياً، ويهطلُ غالبيّة هذا المطر خلال الأشهر القمريّة الموسميّة، ويرجع ذلك للارتفاع الشاهق، لذلك، فإنّ الجو نادراً ما يكون حاراً بالفعل. فالحرارة تتراوح متوسطاتها، بين 11 درجة مئوية في يناير/ كانون الثاني، إلى حوالي 20 درجة مئوية في أغسطس/ آب. كما تواجه القرية فترة وجيزة من موسم الجفاف خلال الفترة من ديسمبر/ كانون الأول حتى فبراير/ شباط، عندما لا يتجاوز معدل هطول المطر الشهري 30 ملم في المتوسط. وهو موسم انخفاض الشمس والمطر.

دخلت القرية موسوعة "غينيس" كأغزر مكان على وجه الأرض هطولاً للأمطار. وعلى بعد عشرة أميال للشرق، تقع أيضاً مدينة تشيرابونجي، التي يقال إنها ثاني أغزر مكان مطراً على وجه الأرض، وتحمل رقماً قياسيّاً لم ينكسر بأغزر شهر مطير على الإطلاق، وهو شهر يوليو/ تمّوز عام 1861، عندما قدرت الأمطار بـ 9300 ملم (366 بوصة).

هذان المكانان هما الأكثر بللاً على سطح الأرض بولاية ميغالايا، والتي يترجم اسمها إلى "دار الغيوم". والسكان الذين يعيشون في هذه المنطقة، يسافرون متنقِّلين تحت مظلات مصنوعة من القصب تُسمَّى "كنوبس". والغريب، أنّ هذا المكان المليء بالماء، يتعرَّض للجفاف في شهور قليلة، وفيها يكافح السكان من أجل الحصول على مياه الشرب، في واحدة من أغرب المفارقات.




المساهمون