الدراما التركيَّة تغزو أوروبا

الدراما التركيَّة تغزو أوروبا

30 ديسمبر 2016
بيرين سات بطلة مسلسل السلطانة "كوسم"(برك اوزكان -الاناضول)
+ الخط -
أعاد مهرجان مونتريال السياحي هذا العام، بمشاركة تركيا بـ11 فيلماً سينمائياً، الضوء إلى التطور الذي حققته تركيا بقطاعي الدراما والسينما. إذ بلغت المرتبة الثالثة عالمياً بالإنتاج السينمائي، بعد الولايات المتحدة والهند، وتفوَّقت على الإنتاج الأوروبي منذ أعوام.

وأتمّت تركيا العام الفائت، مئويتها بالإنتاج السينمائي، ليبلغ حجم الإنتاج السينمائي السنوي، نحو 3 مليارات ليرة تركية، أي نحو مليار دولار، بعد التطور المتسارع خلال الأعوام العشرة الأخيرة.

وزير الثقافة والسياحة التركية، نابي أفجي، أكَّد خلال لقائه مع عدد كبير من منتجي الأفلام التركيّة قبل يومين، أنَّ بلاده حاليّاً الأولى في أوروبا. ففي حين كانت تركيا تنتج قبل 15 سنة، نحو 9 أفلام كل عام، ارتفَع عدد إنتاج الأفلام إلى 139 فيلما في السنة. مضيفاً أن متابعي الأفلام التركية في أوروبا وصلت نسبتهم إلى أكثر من 60 في المئة من سكان أوروبا، وبذلك تصبح تركيا هي الأولى في أوروبا بأفلامها.

وحول نقل السينما والدراما التركية إلى لغات أخرى، يقول الوزير أفجي: "يتم ترجمة عدد كبير من الأفلام والمسلسلات التركية إلى عدة لغات من طرف شركات الدوبلاج في العالم. وتعرض هذه الأفلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية والغربية وآسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. وتمت ترجمة 150 فيلماً ومسلسلاً في 100 دولة مختلفة، شاهدها 500 مليون شخص".

وأكد أفجي أن نسبة المتابعين والمشاهدين للأفلام والمسلسلات التركية تزداد يوماً بعد يوم. واليوم، الدراما التركية تأتي في الدرجة الثانية عالمياً، واعداً بحل المشاكل التي يواجهها منتجو الأفلام وتقديم الدعم الكامل لهذا القطاع في السنة القادمة من أجل تطوير الدراما التركية بشكل أكبر. 

وكان حجم صادرات المسلسلات التركية في العام الماضي زاد عن 300 مليون دولار، بعد أن وصل الإنتاج سنويّاً إلى ما يزيد عن سبعين مسلسلا، أربعون منها لا ينجح في استقطاب نسبة مُشاهدة عالية، بينما من 15 إلى 20 مسلسلا ينجح في الاستمرار على الشاشات.

وأعلنت شركة الوكالة العالمية التركية "غلوبال إيجنسي"، أخيراً، أن قيمة ما تجنيه تركيا من بيع مسلسلاتها التلفزيونية، بلغت نحو 300 مليون دولار سنويّاً، في حين كانت قيمتها نحو 100 ألف دولار فقط قبل 8 سنوات.

ويقول الاقتصادي التركي، جهاد آغير مان، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن النظر لما تحققه الدراما التركية على صعيد الاقتصاد، من خلال بيع المسلسلات فقط، لأن تركيا تحمّل من خلال الإنتاج المرئي بشكل عام رسائل للخارج حول السياحة أولاً، ومن ثم بعض الصناعات كالألبسة والإكسسوارات وشركات السيارات وجذب المستثمرين بالعقارات وغيرها".

ويضيف آغير مان: "وذلك فضلاً عن تحريك عجلة الاقتصاد التّركي الداخلي، من خلال توفير فُرص عمل لعدد كبير من الأشخاص من مُصمّمي الأزياء إلى عمال الديكورات، وخصوصاً بعد أن احتلّت تركيا المرتبة الثانية في تصدير المسلسلات بعد الولايات المتحدة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة".

وكانت شركات الدوبلاج السورية، أكثر من سوّق للدراما التركية بالمنطقة العربية، لتحتل مساحة واسعة بالعرض التلفزيوني، وخاصة في منطقة الخليج العربي.

وحول تنامي صناعة الدراما، ووصول صادراتها نحو 300 مليون دولار، تقول صاحبة شركة دوبلاج سابقة، ميساء حسين: "أعتقد أن أرقام عائدات صناعة الدراما بتركيا معقولة، وربما تكون أكثر من 300 مليون دولار، نظراً لاتساع رقعة الاستهلاك والمشاهدة والتي وصلت لأميركا الجنوبية، بعد أن غزت متلقّي وتلفزيونات دول أوروبا الشرقية كبلغاريا رومانيا صربيا التشيك كرواتيا، فضلاً عن السوق في الجمهوريات التركية أواسط آسيا كتركمانستان وأذربيجان كازاخستان".

وتشير حسين، العاملة بقطاع الدوبلاج سابقاً، إلى أنَّ المنطقة العربية هي أقل المناطق أهميَّة في سوق الدراما التركية، وخاصة بعد مقاطعة تلفزيون أبو ظبي، ثاني أكبر مستهلك، بالتزامن مع سوء العلاقات الإماراتية التركية بسبب انقلاب السيسي على الدكتور محمد مرسي.

وتلفت حسين إلى أنه، وعلى عكس الشائع، فإن المنطقة العربية لا تشتري إلا جزءاً يسيراً من الدراما التركية، مُقارنةً مع دول أوروبا الشرقية وأواسط آسيا. وكان تلفزيون "إم بي سي" هو المشتري الأول للدراما التركيّة عربيّاً. وللإشارة، فإنَّ MBC احتكرت الكثير من الأعمال التركية، ولكنها لم تكن تدبلج وتعرض كل ما تشتري. وأتى تلفزيون أبو ظبي لاحقاً الذي دبلج وعرض كل ما كان يشتري، قبل الخلافات السياسية أخيراً.

وتقول حسين خلال حديثها لـ"العربي الجديد" إنّ الشاشات العربية جاءت كآخر عارض ومشتر للدراما التركية. إذ بدأت عام 2006 عبر شركة "ساما" لصاحبها المرحوم، أديب خير. ومن ثم تمخَّض عنها شركة "الفردوس" لصاحبتها لورا أبو أسعد، كشركتين رائدتين بالدبلجة من التركي للعربي. ومن ثم دخلت الكثير من الشركات التي تعمل على الدوبلاج على الخط. لذا لا يمكن نسبة النجاح في انتشار الدراما التركية خارج المنطقة العربية، للدبلجة أو للعرض العربي.

ولكن، تستدرك حسين، قائلة بأنَّ للهجة السورية المحببة عربياً، وبعد نجاح الدراما السورية بعد 2003، دوراً مهماً بانتشار الدراما التركية عربياً. وعلّقت حسين على عدم نجاح الدبلجة باللهجة العراقية التي أنتجتها شركة "فردوس" قائلة: "التلفزيون العراقي نفسه خير مثال ودليل".

المساهمون