أفلام الميلاد... تشويقٌ وكوميديا ضاحكة لممثلي العضلات المفتولة

أفلام الميلاد... تشويقٌ وكوميديا ضاحكة لممثلي العضلات المفتولة

24 ديسمبر 2016
أرنولد شوارزينيغر الكوميدي يواجه كاري الحاقد على العيد(تيبرينا هوبسون/Getty)
+ الخط -
لم يكن عيد الميلاد موضوعاً عادياً في السينما الأميركية، رغم ابتعاد الإنتاجات المختلفة، غالباً، عن مضمونه الديني المباشر، متّخذة منه الجانب الاجتماعي والاحتفالي فقط، المتمثّل بشجرة العيد، وبتبادل الهدايا، وليلة السهر والأفراح، أكثر من توقّفها عند دلالاته المسيحية، من دون تناسي إشارات، من هنا أو هناك، إلى تلك الدلالات، في هذا الفيلم أو ذاك.

مع هذا، تمكّن سينمائيون عديدون من التحايل الدرامي والجمالي على النصّ المباشر للاحتفال الديني بميلاد يسوع الناصري، مستعينين بهذه الدلالات، لإسقاطها على أحداثٍ أو حوارات أو حالات أو انفعالات، مكتوبة في سيناريوهات، تنحو باتّجاه الكوميديا، أو التشويق والحركة، أو المطاردة البوليسية، أو الرومانسية.

وهذا لا علاقة له بأفلامٍ تاريخية، مثلاً، تتناول حكاية ميلاد المسيح، أو سيرته، وإنْ تكن جزءاً من الصناعة، يُعيد تصوير وقائع التاريخ، ويُحاول الاستفادة من دروسه، والاشتغال السينمائي من وحي الحكاية نفسها، وما تلاها من مسارات.

فهوليوود، المنشغلة بالمواضيع كلّها من دون استثناء، تستفيد من الأحداث والوقائع والمعطيات، بإنتاجها أفلاماً تتنوّع أشكالها وأنواعها، وتتشابه مناخاتها الفنية والدرامية، لأن قصصها تدور في ظلّ عيد الميلاد وأجوائه الإنسانية تحديداً، بالإضافة إلى طقوسه الاحتفالية المختلفة.
فأن يُشارك الكوميدي الكندي، جيم كاري، مثلاً، في فيلم يتّخذ من عيد الميلاد مظلّة له، يعني أن للكوميديا دوراً أساسياً في كتابة العمل وتنفيذه. وهذا الدور لن يكون أقلّ أهمية كوميدية عن ذاك الذي يؤدّيه "بطل العضلات المفتولة" و"أفلام الحركة والتشويق"، النمساوي الأصل، آرنولد شوارزينيغر. فالأول يُشارك في بطولة "ذو غرينش" (2000) لرون هاورد، والثاني يُمثّل في "جَلْجَلَة على طول الطريق" (Jungle All The Way)، الذي يُحقّقه براين ليفانت عام 1996.

الـ"غرينش" شخصية خُرافية، لغُولٍ له زغب أخضر (كاري). في الفيلم، يعيش كناسكٍ غاضب لوحده، برفقة كلب، ويكره عيد الميلاد، إلى درجة أنه لن يتردَّد في إفساد سهرات أهل بلدة شوفيل في أسفل الوادي، خصوصاً أثناء تحضيراتهم السنوية للاحتفال بعيد الميلاد. لكن سيندي لو (تايلور مامسن)، المراهقة الصغيرة، تُصرّ على معرفة حقيقة ذاك الكائن، الذي يعتبره الجميع بمثابة "وحش"، فتتسلّق جبل "كرامبيت"، وتبلغ بيت الـ"غرينش"، وتلتقيه. معاً، يكتشفان أموراً عديدة عن الذات والعلاقة بالآخر ومعاني العيد والاحتفال.

أما آرنولد شوارزينيغر، فيُقدِّم في فيلم "ليفانت" شخصية أبٍ صالح ومحبٍّ، يعملُ كل ما في وسعه للحصول على "توربو مان"، اللعبة التي يريدها ابنه من بابا نويل. ولأن الفيلم منتمٍ إلى الأعمال الخاصّة بعيد الميلاد، فإن المغامرات والمطاردات، وعملية البحث برمّتها، ستتمّ كلّها وفقاً للكوميديا المُضحكة، التي ينجح "شوارزي" في تقديمها.

في النطاق الكوميدي أيضاً، يظهر الممثل ماكولاي كولكن في واحدٍ من أفلامه الأولى التي صنعت مجده وشهرته، وهي "وحيداً في المنزل" (1990)، لكريس كولومبس. الفيلم هو الحلقة الأولى من ثلاثية تتنوّع أمكنة أحداثها الكوميدية، وأزمنتها أيضاً. في هذه الحلقة الأولى، تُقرِّر عائلة ماك كاليستر تمضية فترة عيد الميلاد في باريس. لكن، بسبب ارتباك علاقة الصبي كيفن (8 أعوام)، بوالديه وإخوته وأخواته، ولأن الجميع مستعجلون للحاق بالطائرة، فإنهم ينسون كيفن في المنزل الذي يتعرّض لمحاولة سرقة من لصّين اثنين، سيعيشان إحدى أسوأ تجاربهما اللصوصية، بفضل حنكة الصبي وذكائه، في إطار كوميدي ضاحك.

إلى ذلك، يستعيد الأميركي، لِسْ مايفيلد، عام 1994، فيلماً أميركياً بعنوان "أعجوبة في شارع 34"، حقّقه الأميركي أيضاً جورج سيتون عام 1947، الحاصل على 3 جوائز أوسكار، في دورة العام 1948، في فئات أفضل ممثل ثان (إدموند غوين)، وأفضل قصّة أصلية (فالنتاين دايفيس)، وأفضل سيناريو مقتبس (سيتون نفسه). في نسخة 1994، يُمثّل، البريطاني ريتشارد أتنبوروه، والأميركية إليزابيت بيركنز، الدورين الأساسيين اللذين أدّاهما الإيرلندية مورين أوهارا والأميركي جون باين، في أحداثٍ سينمائية متشابهة: موظّفة في سلسلة محلات ضخمة، تبحث عمن يؤدّي دور بابا نويل، ليلة العيد، فتلتقي رجلاّ يدّعي دائماً أنه هو نفسه بابا نويل، ما يثير بلبلة في المنطقة، تدفع الجميع إلى الاحتكام إلى المحكمة، لتبيان حقيقة الأمر، في مفارقات إنسانية لا تخلو من الكوميديا والضحك.

على نقيض هذا، يُقدِّم بيلي بوب ثورنتون صورة أخرى عن علاقة المرء بشخصية بابا نويل. ففي "سانتا الشرير" (2003)، لتيري زويغوف، يؤدّي دور ويلي، المعتاد على أن يكون سانتا كلوز في كل عام، قبل أن يُصاب بأزمة نفسية، تنبثق من عدم قدرته على الاستمرار في هذه اللعبة، مع إحساسه بالأهمية الكبيرة للشخصية نفسها، بالنسبة إلى الصغار. غير أن ويلي يجد نفسه في مأزق كبير، عندما يوافق على مشاركة صديقه بتنفيذ سرقة ليلة العيد، ما يفضح حقيقته أمام عيني مراهق يؤمن بوجود بابا نويل.

سرقة من نوع آخر، يتعرَّض لها موظّفو إحدى الشركات الكبيرة، أثناء احتفالهم بالعيد نفسه، في المبنى الرئيسي لشركتهم، في "الموت قاسياً" (1988)، لجون ماكتيرنان. لكن الفيلم لن يكون لا عن العيد، ولا عن شخصية سانتا كلوز، وإنْ يتّخذ من العيد خلفية لليلة مليئة بالتشويق والمطاردات والتفجير والعنف الجسدي، إذْ يُقرِّر التحري جون ماكلاين (بروس ويليس)، أن يُفاجئ زوجته، الموظّفة في الشركة، في اللحظة نفسها التي يتمّ فيها أسر الموظّفين جميعهم من قِبل العصابة السارقة.



المساهمون