الصور وما تبقّى من سورية

الصور وما تبقّى من سورية

03 نوفمبر 2016
إحدى صور المعرض (كارول الفرح)
+ الخط -
يقام حالياً في البيت العربي في مدريد casa árabe، والذي هو عبارة عن المركز الثقافي العربي الأول في كل أوروبا، معرض للتصوير الضوئي للمصورة الفوتوغرافية الأكاديمية السورية، كارول الفرح، بعنوان "وا حبيبي"، وهي الترنيمة الشهيرة، التي ترثي فيها مريم العذراء ابنها يسوع الناصري وهو على الصليب.
ويحتوي المعرض على عدد من الصور الكبيرة ذات الدقة العالية والتي تصور بمجملها الوجع السوري. وكارول تصور هذا الوجع من خلال قدرتها المميزة على التقاط زوايا عميقة وحقيقية للملامح الإنسانية المؤثرة.
يحتوي المعرض على لوحة لبيت قديم في حمص، بيت له شكل البيوت الدمشقية القديمة الجميلة ففيه بحرة وكان فيه الكثير من الورود والأشجار في باحة البيت، لكنه اليوم، بعد حصار حمص وتدميرها، فارغ تماماً من الحياة التي كانت تركض في باحته هذه. نوافذه كلها محطمة ويملأ الباحة والورود الغبار والعطش.
الصورة الكبيرة الثانية هي لبقعة دم كبيرة على إسفلت شارع الميدان وكانت قد التقطتها كارول بعد تفجير الميدان الأول، وقصدت التقاطها بدلاً من التقاط صور للجثث المقطعة التي كانت مرمية في الشارع.
تأتي الصورة الثالثة وهي صورة كبيرة جداً منفذة بتقنية عالية لمنظر واسع وممتد لمدينة حمص المدمرة. وقد نقلت الصورة إلى ثلاث قطع من القماش علقت بثلاثة مستويات مختلفة متباعدة ومتتالية مع ثلاث خلفيات مختلفة اللون لنفس المنظر، مما يجعل الناظر اليها يشعر وكأنه يقف فعلاً أمام المدينة مطلا عليها من أحد السطوح. وأمام هذه اللوحة نثرت كارول صوراً صغيرة كثيرة كانت قد التقطها لما تركه سكان البيوت قبل موتهم أو هروبهم. وقد قالت الفرح إنها قصدت نثر هذه الصور الصغيرة على الأرض، أمام الصورة الكبيرة جدا للمدينة، ليشعر من يزور المعرض بحقيقة المنظر الذي أصبح الآن هو منظر حلب والرقة ودير الزور وإدلب وريف دمشق ودرعا.
وقد عرضت الفرح على هامش المعرض فيلما وثائقياً لمجموعة من الصور كانت قد التقتطها، واستعرضتها بصوت بسيط وحقيقي وقادر على الوصول للقلب.
والفرح السورية، ابنة منطقة الميدان في دمشق، هي ابنة لأب وأم صيدليين وخريجة كلية الفنون قسم التصوير الضوئي بدمشق. وكانت قد جاءت إلى برشلونة في إسبانيا نهاية عام 2012 بعد أن بدأت الحرب تقتل إمكانية استمرار الحياة في سورية، وبعدما تحولت الكاميرا في سورية إلى سبب للاعتقال وللقتل، فضاق الأفق على كاميرتها وجاءت إلى إسبانيا لإكمال دراستها وحلمها الذي قتلته الحرب وقصفته الطائرات، فهي كانت تحلم أن تصور دائما تفاصيل الجمال والحياة النابضة والطيبة في سورية.

كارول الفرح تعيش في إسبانيا وتعد الآن لنيل شهادة الماجستير في التصوير الضوئي من جامعة برشلونة، كما أنها تعيش الآن في مدريد، فتعمل في جامعة العاصمة الإسبانية مدريد، وتعد مشروعاً عن تصوير حالات مميزة من اللاجئين السوريين في أوروبا الناجحين والمتميزين منهم لتقدمها للعالم في المعارض والمهرجانات، التي تدعى إليها. وكانت كارول قد حصلت عام 2011 على جائزة مؤتمر اليونسيف الإقليمي حول وضع الأطفال في الشرق الأوسط وأفريقيا، من خلال لقطة مؤثرة جداً لطفل صغير فقير جداً يبيع على بسطة حلويات بسيطة على الشارع، وهو يعد الغلة البسيطة جداً التي جمعها.

المساهمون