كواليس لندن بين التاريخ والهندسة الحديثة

كواليس لندن بين التاريخ والهندسة الحديثة

07 أكتوبر 2016
"تاور بريدج" أحد معالم لندن (دان كيت وود/ Getty)
+ الخط -
دعت مؤسّسة مدينة لندن، عدداً من الصحافيين الأجانب، إلى جولة تعمّق فيها معلوماتهم عن معالم هذه المدينة العريقة، وما تختزنه من كنوز وثقافة وتاريخ.

وبما أنّ لندن غنيّة عن التعريف، بدأت الجولة من مكان لا يصل إليه معظم الناس. لم يكتف، كريس إيرلي، رئيس "تاور بريدج" أو "جسر البرج"، بالتحدّث إلينا عن تاريخ البرج، بل رافقنا إلى دهاليزه، فنزلنا عبر سلّم حديدي طوابق عديدة تحت الأرض، وشعرنا بانخفاض درجة الحرارة عند النزول إلى غرفة ضخمة لنرى الماكينات التي ترفع الجسر، ما يؤدي إلى إيقاف ما يقارب 21 ألف مركبة تعبره يومياً. والأهم، أنّ "تاور بريدج" سيغلَق لمدّة ثلاثة أشهر، بدءأ من شهر أكتوبر/تشرين الأول، لإجراء أعمال إصلاح وصيانة على هذا المعلم البالغ عمره 122 عاماً. وتاور بريدج، جسر معلق ومتحرك، يربط بين ضفتي نهر التايمز قرب برج لندن الذي ينسب إليه الجسر، ويعتبر الجسر أحد معالم مدينة لندن، وأحد أعلى الجسور ارتفاعاً فيها.

ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1876، إذ تشكلت لجنة خاصة لإيجاد حل لمشكلة عبور نهر التايمز ومواجهة الزيادة في النشاط التجاري وحركة النقل، وأجريت مسابقة، لأفضل تصميم لإنشاء جسر يربط ضفتي نهر التايمز، ويحل مشكلة عبور النهر مع مراعاة تلبية التوسّع المستقبلي في حركة النقل. وفاز بالمسابقة تصميم المهندس، جون وولفي باري، لأنّ فكرة التصميم اعتمدت على الجسر المتحرك.

عبور الجسر مجّاني للمشاة والمركبات، بيد أنّ هناك رسوماً تدفع مقابل التجوّل في ممرّات برجي الجسر، وغرف المحرّك الفيكتوري التي تشكّل جزءاً من "تاور بريدج". وكما هبطنا إلى أعماق الأرض صعدنا إلى أعلى البرج، وسرنا فوق جسر زجاجي حيث شاهدنا المركبات والناس في الأسفل من ارتفاع يقارب الـ 45 متراً، وحين أشحنا بنظرنا إلى البعيد، بدت مدينة لندن بمبانيها المتداخلة بين القديمة والحديثة التي تخترق سماءها.

وأسهب، كوين ريتشاردز، رئيس مؤسّسة مدينة لندن للتصميم، في التحدّث إلينا، عن المباني الشاهقة التي ارتفعت وسترتفع في مدينة لندن، بين مبانيها التاريخية الفيكتورية، وكيف ستبدو مدينة الضباب بعد سنوات من اليوم. مجرّد السير في سوق ليدينهيل، كان كفيلاً بأن يشعرنا بسحر التاريخ فيها، فالمقاهي والممرّات تعود بنا إلى زمن بعيد، وما هي سوى أمتار حتى ندخل عالماً من الحداثة في شارع ليدنهيل حيث يقضي المشروع ببناء عشرة مبانٍ شاهقة، أنجز بعضها، وبعضها الآخر لا يزال قيد الإنشاء.

لم تنته جولتنا عند هذا الحد، بل دخلنا إلى مكتبة "غيلدهول"، أوّل مكتبة عامّة في بريطانيا سمحت للجميع بدخولها مجّاناً. وتحوي هذه المكتبة كنوزاً تقدّر بالملايين ومنها أحد أكثر كتب شكسبير قيمة، والذي يعود تاريخه إلى عام 1623، وتقدّر قيمته بنحو ثلاثة ملايين جنيه إسترليني. جمع الكتاب صديق شكسبير بعد وفاته بثماني سنوات.

كذلك لم يتوان، أندرو باكنغهام، في جلب صولجان الملك، هنري الخامس، والذي تقدّر قيمته بعشرة ملايين جنيه إسترليني من مكتبه إلى قاعة المكتبة، حيث اجتمعنا لنستمتع بالنظر إلى تلك القطعة الفريدة من نوعها، التي صنعت قبل 600 عام، وتعتبر قطعة نادرة وغاية في الجمال.

وتبقى مكتبة "غيلدهول" الجزء الأهم، إذ يوجد فيها نسخة عن وثيقة الـ "ماغنا كارتا"، تعود إلى القرن الثالث عشر، وتسمّى أيضاً بالوثيقة العظمى، كونها طالبت الملك بمنح المزيد من الحريّات، وفرضت عليه القبول بتقييد حريّته.



المساهمون