صفاقس ومعنى الاحتفال السينمائيّ

صفاقس ومعنى الاحتفال السينمائيّ

31 أكتوبر 2016
عادل إمام (فيسبوك)
+ الخط -
مهرجانٌ سينمائيٌ عربيّ جديد، يُقام في مدينة عربية تحتفل باختيارها "عاصمة للثقافة العربية" لعام 2016. هذا، بحدّ ذاته، كافٍ لطرح سؤال معنى المهرجان السينمائيّ، ومستقبله. المناسبة تستدعي وقوفاً على نتاجٍ سينمائيّ تزخر به دولٌ عربية عديدة، خصوصاً أن مرحلةً تجديدية فاعلة وأساسية تعكس براعة في تحقيق أفلام تخرج من عباءة صانعي الماضي، أو بعضهم على الأقلّ، وتُقدِّم كلّ جديد ممكن. سؤال يختزل آلية تفكير تعتمد على المؤقّت، غالباً، ولا تنتبه إلى أولوية وضع خطط تتيح لهذا المهرجان أو ذاك ديمومة وتطوراً، واختلافاً في التعاطي مع السينما، قبل كلّ شيء.
المدينة التونسية "صفاقس" تحتفل بكونها "عاصمة للثقافة العربية". هذا يتطلّب جهداً استثنائياً، وميزانية تليق بمقام مدينة تاريخية، في بلدٍ يمتلك مقوّمات صناعة ثقافية أساسية في العالم العربي. صناعة تتفوّق فيها السينما، ويحتل المسرح مكانة مرموقة فيها، من دون تناسي الاشتغال الموسيقيّ والتشكيلي والأدبي والنقدي، إلى بحوثٍ ودراسات. ولأن السينما التونسية تبتكر أعمالاً تجديدية لمخضرمين وشباب، فإن الاحتفال بصفاقس لن يكتمل من دونها.
بين 4 و8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، تُقام دورةٌ أولى لـ "أيام صفاقس السينمائية". استخدام تعبير "دورة أولى" يعني، تلقائياً، أن هناك استمرارية تؤكّدها دورات مقبلة، يُفترض بها أن تتطوّر في مستوياتها المختلفة. الاحتفال الثقافي بالمدينة لن تتجاوز مدّته عاماً واحداً. فهل تخرج الـ "أيام" من العام الاحتفاليّ، وتستكمل مشوارها السينمائي؟
والاحتفال الثقافي بالمدينة التونسية لن يبدأ إلا بتكريم فنان مصري، له شعبيته الكبيرة في بلده وخارج البلد، هو عادل إمام. تحتاج مهرجانات سينمائية عربية كثيرة إلى "نجوم" يؤمنون لها، ولو ضمنياً، بعض جماهيرية مطلوبة، إذْ يأتي الناس إليها للقاء ضيوف لهم حضور مؤثّر في الوجدان الفردي والعام. لن يكون مهماً البحثُ عمن يُفيد السينما ومسائلها وأسئلتها الجمالية والفنية والدرامية. ولن يكون مفيداً التوقّف عند مغزى دعوة هذا النجم أو ذاك، خارج إطار الترويج الإعلامي ـ الشعبي، وإنْ ليومٍ واحد فقط. هذه حال مهرجانات تستند إلى أبطال جماهيريين، لجذب الناس إليها. لكن عادل إمام لن يكون أكثر من نجمٍ يفقد، عاماً تلو آخر، بريق أدائه القديم، وألق قضايا أفلامٍ تواجه فساداً وتطرّفاً وعنفاً وعفناً يعتمل في الاجتماع المصري. لن يكون أكثر من صورة تُشوّهها خيارات سينمائية وتلفزيونية، منذ أعوام عديدة، تميل إلى فراغ المضمون، وينعدم فيها إبداع الشكل، ناهيك عن التزامه مواقف سلطة ينتفض شعبها عليها بحركة سلمية، وسلطة تخلفها وتستمرّ في قمع شعبها، والانصراف عن حقوقه وواجباتها.
صحيحٌ أن "أيام صفاقس السينمائية" تحتفل بسينمات عربية مختلفة، كالفلسطينية والتونسية، بعرض أفلامٍ قديمة. وصحيحٌ أن الأيام فصلٌ من فصول الثقافة المحتفى بها في المدينة. لكن التساؤلات السابقة جزءٌ من سجال نقدي لن يهدأ، وإنْ يبقى مجرّد سجال لا أكثر.



دلالات

المساهمون