زياد حرب يغني لسورية والثورة والحياة

زياد حرب يغني لسورية والثورة والحياة

01 أكتوبر 2016
الفنان السوري زياد حرب (العربي الجديد)
+ الخط -
برز اسم زياد حرب في الشهرين الماضيين، بعد انتشار أربع أغان له على موقع "يوتيوب"، وانتقلت لاحقاً إلى باقي مواقع التواصل الاجتماعي. أغنيته الأشهر كانت "عمين بدك تحزن ولّا عمين؟" التي لحّنها بنفسه وهي من كلمات غسان جباعي، وتنقل وجع الأمهات السوريات اللواتي فقدن أولادهنّ منذ انطلاق الثورة وحتى اليوم.





تلتها "أغنية إلى داريا" التي كتبها ولحنها هو نفسه. "العربي الجديد" التقت زياد حرب، للحديث عن موسيقاه وعن ارتباطها بالألم السوري، خصوصاً أنه هو شريك ورفيق مشوار الفنان السوري سميح شقير، ويعتبران أبرز من نقل وجع السوريين في السنوات الأخيرة، وقبلها حتى.



البداية من علاقة الكلمة بالموسيقى والتي يتقن حرب صياغتها بشكل تلقائي فيقول: "الكلمة والموسيقى هما وسيلتان للتواصل والتعبير، لأن الموسيقى هي أيضاً لغة واللغات وجدت عبر التاريخ بهدف التواصل بين الناس. أما بالنسبة لي فالكلمة دخيلة تماماً على الموسيقى. وبما أنه توجد قوالب موسيقية غنائية فهذا يتطلب وعياً أكثر بضرورة التناغم ما بين الكلمة والموسيقى، وهنا يتم الخلط بين تلحين الكلمة و"موسقة" الكلمة أي التأليف الموسيقي لها، وليس وضعها في جملة لحنية فحسب".
وعند الكلام عن الموسيقى، يعرّج على الرحلة الطويلة مع سميح شقير قائلاً: "أنا أعتز وأفتخر بالعمل مع سميح لفترة تجاوزت 27 عاماً، كانت دائماً فترة غنية ومشحونة بالنجاحات وبالهموم وبالعمل الدؤوب والحرص على تقديم ما هو أفضل وأجمل، تقاسمنا خلالها كل أنماط الفرح والحزن والتعب والراحة والجوع والكفاف. طبعاً بدأت معه كعازف فلوت في الفرقة، بعد ذلك وضمن اهتمامي بالتأليف والتوزيع الموسيقي، قمت بتوزيع بعض أعماله، وكان آخر الأعمال ألبوم قيثارتان الذي كانت كل أغانيه من قصائد لمحمود درويش وألحان سميح. أنا وزعت قسماً من أغاني الألبوم على سبيل المثال أغنية منكم السيف، سقط القناع، حين نعتاد الرحيل، الجميلات".
لكن تجربة زياد حرب ليست حديثة في التأليف الموسيقي "منذ صغري كنت دائماً أرتجل ألحاناً وجملاً ونغمات موسيقية تجول في داخلي ولكني لم أكن حينها قد درست الموسيقى بعد. فكانت مجرد ألحان أرددها شفهياً ولم أكن حتى أجيد العزف على أي آلة موسيقية. بعدها بدأت بتعلم العزف على آلة الترومبيت، والعود وأنا في الرابعة عشرة من عمري، وكنت أعزف بعضاً من الألحان التي كنت أرددها، بالإضافة إلى محاولات لتلحين بعض الأغاني، ولكني لم أتمكن من كتابة الموسيقى إلا في سن الثانية والعشرين بعد أن درست الموسيقى بشكل أكاديمي". لكن لما تأخّر كثيراً في تقديم أعماله الخاصة؟ يفصّل مشواره الفني مؤكداً أن عوامل كثيرة أدت إلى هذا التأجيل في المشاريع الخاصة: "في الحقيقة هناك عوامل كثيرة لعبت دوراً في هذا التأخر. أولاً المحسوبيات والشللية المتعارف عليها على جميع الأصعدة والمجالات في بلدنا كما تعرفين، لا يوجد تكافؤ فرص. يجب أن تكون لديك علاقات، أو تكوني من شلة ما حتى تأخذي بعض الفرص، إن لم يكن كل الفرص. فالمتعارف عليه بطبيعة الأمور في سورية مخرج واحد يتم الإنتاج له في مؤسسة السينما، وموسيقي واحد يؤلف الموسيقى التصويرية لكل مسلسلات المخرج الفلاني،...لذلك ولأنني لم أكن أريد تقديم سلعة تجارية كانت أبواب شركات الإنتاج مسدودة".



لكن سرعان ما يستدرك حرب قائلاً إنه حتى الساعة لم يقدم أعماله الحقيقية: "أعمالي مازالت مركونة جانباً بانتظار قدرة إنتاجية لتنفيذها، والحقيقة هي بحاجة لقدرة مادية كبيرة لتتمكن من رؤية النور. وحتى الآن فقط قررت أن أقدم بعض الأغاني بعد تردد كبير على قناتي على يوتيوب، منها ثلاث أغان ساخرة هي "كل مالنا لَوَرا"، و"سكرنا الدكان"، وأغنية "بالشوارع" من كلماتي وألحاني... إلى جانب أغنيتين كنت قد سجلتهما للثورة هما "عمين بدك تحزني ولا مين" من كلمات الفنان والمخرج المسرحي غسان جباعي، وأغنية "إلى داريا" ألفتها في ذكرى الاجتياح الأول لداريا... كل هذه الأغاني انتظرت كثيراً كي أعطيها فرصة ليتم تسجيلها في استوديو احترافي. فقد سجلت هذه الأغاني في الاستوديو المنزلي الخاص بي بإمكانيات متواضعة جداً، لأني لم أكن أملك الوضع المادي الذي يمكنني من دخول استوديو والاستعانة بالعازفين اللازمين لتنفيذ هذه الأعمال. وعندما مر وقت طويل دون أي تغير بالظروف المادية، وأدركت أنه لن يتغير حتى بعد فترة، قررت حينها أن أنشرها على صفحتي في اليوتيوب حرصاً عليها من الموت. ما زالت هناك عدة أعمال بانتظار التنفيذ والنشر".
لكن هل حاول زياد حرب أيضاً الانطلاق بمسيرته الخاصة معوّلاً على الإقبال الذي تحققه أغاني الثورة في السنوات الأخيرة؟ أم أنّ النقص في الأعمال التي تحاكي بشكل حقيقي مأساة السوريين هو ما دفعه لتسجيل هذه الأعمال؟ ولماذا برأيه بعض الأعمال التي حاولت مقاربة موضوع الثورة خرجت بإنتاج موسيقي ومستوى فني سيئ؟ يأتي جوابه واضحاً وحاسماً: "طالما أنني أغنّي لأي قضية فإن العمل سيكون حالة فنية بحد ذاته... وإلا لماذا نختار الفنّ للتعبير عنه، يمكن أن ننزل إلى الشارع ونحمل اللافتات... المستوى الفني الجيد هو شرط لازم وضروري لأي عمل موسيقي".


المساهمون