نيسم جلال... بحثٌ عن الغيب بأنغام صوفية

نيسم جلال... بحثٌ عن الغيب بأنغام صوفية

28 ابريل 2019
تشبه نيسم جلال ببذرة سورية نبتت في فرنسا (فيسبوك)
+ الخط -
تواصل الموسيقية السورية الفرنسية، نيسم جلال، سلسلة حفلاتها في باريس، والعديد من المدن الفرنسية الأخرى. إذْ تعزف في هذه الحفلات مقطوعاتٍ من ألبومها الأخير بشكل خاص، والذي حمل عنوان "البحث عن الغيب".

أرادت جلال لموسيقاها هذه المرة، أن تكون بعيدة عن السياسة، ومنحتها بُعداً روحانياً، وركزت فيها على التأمل، وتأثرت بالتيار الصوفي في الحضارة العربية والإسلامية. وقالت جلال في حديث لـ"العربي الجديد": "كنت أرغب أن أصل بالموسيقى إلى حالة من فقدان الوعي بذاتي. لأكون على تواصل مباشر مع النور، إنها تجربة كنت أبحث عنها، وإن كنت لم أبلغها كلياً".
ولفتت جلال، إلى أنه على الرغم من رغبتها في عدم تناول أي موضوع سياسي في ألبومها الأخير، إلا أن مجرد حملها لبعدٍ روحاني في مجتمع رأسمالي، كل ما فيه قائم على الملكية، هو أمرٌ يحمل معنىً سياسياً. وتقول نيسم إن الناي أصبح قطعة منها، وجزءاً من جسدها وأنفاسها، وليس مجرد آلة منفصلة عنها. وعبرت عن ارتياحها إزاء الصدى الجيد الذي حققه ألبومها الأخير المطروح في الأسواق، وكذلك تفاعل وسائل الإعلام الفرنسية معه، وردود أفعال الجمهور في حفلاتها.

ولدت نيسم جلال لأبوين سورييّن في فرنسا، يمتهِنان الفن التشكيلي، ويعشقان الموسيقى. وبحسب قولها، فإنهما شجعاها على تعلم العزف. وبمحض الصدفة ذكرت آلة الفلوت، فسارعاً إلى تسجيلها في مدرسة الموسيقى بعمر ست سنوات. ووجدت نفسها أمام معلمة العزف على الفلوت، لتكتشف أنها آلة جميلة براقة وجذابة. واليوم مضى على علاقتها مع هذه الآلة حوالي 28 سنة. تقول جلال: "تأثرت كثيراً بالفن التشكيلي الذي كان يتقنه كلّ من أبي وأمي. وبالتحديد الألوان والضوء التي تشربتها موسيقاي، فالرسم والعزف هما من الفنون التي لا تستخدم الكلمات، ولها علاقة قوية مع روح صاحبها". عاشت الشابة نيسم هواجس تتعلق بالهوية والاختلاف، ونوع الصورة النمطية التي يحملها بعض الفرنسيين عن العرب. وتشبه نفسها بالبذرة التي جاءت من سورية ونبتت في فرنسا. إلا أن المجتمعات لا تتعامل مع الاختلاف بتلك البساطة، لذلك قررت اكتشاف جذورها، والسفر إلى سورية، وتعلم اللغة العربية، ودخلت المعهد العالي للموسيقى في دمشق. وبعدها انتقلت إلى مصر لتعيش فيها 3 سنوات، حيث تعلمت الموسيقى الشرقية مع فنانيين مثل فتحي سلامة وعبدو داغر.

تؤكد جلال أن شخصيتها هي عبارة عن مزيج من الثقافة الفرنسية والعربية ببلدانها المختلفة. وكل ذلك أثر على إنتاجها من الموسيقى، فقد تربت على سماع الموسيقى العربية الكلاسيكية. كما كانت تسمع الكثير من الموسيقى الأفريقية عن طريق الأفارقة الذين يعيشون في فرنسا، وخاصة من مالي والسنغال. وتقول: "موسيقى كل شعب ترادف لغته. عندما تتعلم لغة جديدة ستصبح لديك مفردات وقاموس جديد، وستجد نفسك تعبر عن المشاعر بطريقة مختلفة في كل ثقافة، قد تختار كلمة من هذه اللغة وأخرى من تلك، وأنا كذلك عندما أعزف".
تعتبر جلال أنها اكتشفت هويتها العربية خلال عيشها في مصر، لكن شعوراً قوياً بالانتماء إلى سورية، تفجّر بداخلها عندما بدأت الثورة فيها، تقول في ذلك: "عندما نزل الشعب إلى الشوارع مطالباً بالحرية. أحسست بشعور عميق بالفخر والرغبة في أن أكون جزءاً منه". الثورات العربية شغلت جلال واستحوذت على اهتمامها وموسيقاها، فأطلقت أول ألبوم لها تحت عنوان "أسلوب حياتي"، والآخر "الموت ولا المذلة"، وألفت مقطوعة "أم الشهيد".

المساهمون