لبنان: أسعار المواد الغذائية ترتفع رغم انخفاض الدولار

لبنان: أسعار المواد الغذائية ترتفع رغم انخفاض الدولار... والمحروقات تهبط مرتين في يوم واحد

14 يناير 2022
فلتان سوق الصرف في السعر السوداء يواكبه غياب الرقابة عن أسواق الاستهلاك (حسين بيضون)
+ الخط -

لا تزال أسعار السلع الحيوية في لبنان على صعودها رغم تراجع الدولار خلال الساعات الماضية إلى ما دون 28 ألف ليرة، لكن البارز اليوم الجمعة كان الانخفاض المزدوج لأسعار كافة المحروقات صباحا ثم مساء للمرة الأولى في تاريخ لبنان. فماذا في التفاصيل؟

يأتي هذا التطور بعدما كان قد سجّل مستويات قياسية لامست 34 ألفا للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وهو مسارٌ رُبِطَ بالتعميم الأخير الذي أصدره حاكم البنك المركزي رياض سلامة.

وفي 11 يناير/ كانون الثاني، شرّع سلامة للبنوك شراء الدولار بسعر "صيرفة" من دون حدود، وذلك إثر اجتماع ضمّه في السراي الحكومي إلى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير المالية يوسف خليل.

وأدخل سلامة تعديلاً على التعميم 161 المتعلق بإجراءات استثنائية للسحوبات النقدية من خلال إضافة بندٍ يعطي الحق للمصارف بزيادةٍ عن الكوتا (الحصة) التي يحق لها شهرياً سحبها بالليرة اللبنانية، وأصبحت تأخذها بالدولار الأميركي على منصة صيرفة، أي أن تشتري الدولار الورقي من مصرف لبنان مقابل الليرات التي بحوزتها أو لدى عملائها على سعر منصة صيرفة من دون سقف محدد.

وتفاوت سعر الصرف، مساء اليوم الجمعة، في السوق السوداء بين 27800 ليرة و28200 ليرة، قبل أن يعاود الارتفاع إلى 29 ألفا في ساعات بعد الظهر مع تغيّر يسجل خلال النهار ارتفاعاً وانخفاضاً، في حين لم تلحظ أسعار السلع والبضائع والمواد الغذائية أي تغيّر، ولا تزال مسعَّرة على 33 ألف ليرة وما فوق، على الرغم من أن أصحاب المحال والسوبرماركت والتجار يسارعون إلى رفع الأسعار بمجرد ارتفاع سعر صرف الدولار.

ومساء الجمعة، جرى تداول الدولار في السوق السوداء بهامش بين 27700 ليرة أدناه و27750 أقصاه.

الصورة
صراف في بيروت حسين بيضون 2

خفضان لأسعار المحروقات في يوم واحد بلبنان

هذا الانخفاض انعكس بشكل "خجول" على أسعار المحروقات التي باتت تسعر يومياً تقريباً، إلا أن استثناء حصل اليوم بصدور جدولين تضمنا خفضين صباحا وعصرا لأسعار المشتقات تبعا للهبوط الكبير في سعر دولار السوق السوداء.

في الجدول الأول، انخفض سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 2200 ليرة، و98 أوكتان 2200 ليرة، المازوت أو ديزل أويل 11600 ليرة والغاز 9800 ليرة.

وأصبحت الأسعار على الشكل التالي: بنزين 95 أوكتان 375600 ليرة، 98 أوكتان 388400 ليرة، المازوت 398400 ليرة، الغاز 349700 ليرة.

وأبقى مصرف لبنان سعر صرف الدولار المؤمن من قبله لاستيراد 85 في المائة من البنزين على 24600 ليرة، أما سعر صرف الدولار المعتمد في جدول تركيب الأسعار لاستيراد 15% من البنزين والمحتسب وفق أسعار الأسواق الموازية والمتوجب على الشركات المستوردة والمحطات تأمينه نقداً فقد احتسب بمعدل 31237 ليرة بدلاً من 32187 ليرة، في حين لم تلحظ أسعار النفط المستوردة أي تعديل وفق ما يؤكده عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البركس.

وعصرا، صدر الجدول الثاني الذي تضمن خفضا إضافيا، فهبط سعر البنزين 95 أوكتان 6400 ليرة إلى 369.2 ألفا، والبنزين 98 أوكتان 6600 ليرة إلى 381.8 ألفا، والمازوت 35600 ليرة إلى 362.8 ألفا، وقارورة الغاز 10.1 آلاف ليرة إلى 319.6 ألفا. 

خفض الأسعار ممكن إذا استمر هبوط الدولار في لبنان

وفي تصريح تلفزيوني، اليوم الجمعة، قال رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية، هاني بحصلي: "تواصلت مع المدير العام لوزارة الاقتصاد، وإذا استمر سعر الدولار بالانخفاض فسنقدم يوم الإثنين لوائح جديدة للأسعار على أن يلمس الناس هذا الأمر بعد يومين"، مشدداً على أن "الأساس هو تثبيت سعر الصرف ومتى حصل ذلك تحل كل الأمور الأخرى".

ويحذر الخبراء الاقتصاديون المواطنين من صرف دولاراتهم تخوفاً من استمرار انخفاضه في لعبة دائماً ما تحصل بهدف لمّ دولارات الناس قبل معاودة رفعه وتحقيق أرباح كبيرة، خصوصاً أن لا أسباب جدية تساهم في مواصلة مسار هبوطه، سواء سياسية حيث مجلس الوزراء معطل ولا يزال وسط غياب أي مؤشرات لقرب انعقاده كما أن لا خطة تعافٍ ولا إصلاحات ولا ثقة أصلاً موجودة بالقطاع المصرفي ولا دعم نقدياً خارجياً للدولة اللبنانية.

سجال "غلاء" حكومي - نيابي في لبنان

في السياق، قال عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور في تصريح: "يرتفع الدولار ترتفع الأسعار، ينخفض الدولار لا تنخفض الأسعار. هل هناك من يراقب؟ هل هناك وزارة اقتصاد؟ هل هناك مصلحة حماية المستهلك؟".

أضاف: "نصيحة إلى وزير الاقتصاد إذا كان مهتما: اسجن تاجرا واحدا جشعا، وأقفل محلا واحدا من كبار الجشعين، وسترى كيف يلتزم الباقون بدلا من الضبط السخيف الذي ينظم، والذي إما ينتهي في الجارور أو تخفف قيمته بالواسطة في القضاء".

وهذا ما استدعى ردا من وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، الذي قال: "تبذل مديرية حماية المستهلك جهودا مضاعفة لمراقبة الأسواق في ظروف استثنائية وصعبة".

أضاف: "وسبق للوزارة أن وضعت موضع التنفيذ آلية لخفض أسعار السلع الأساسية، والتزمت نقابات أصحاب السوبرماركت ومستوردي المواد الغذائية والأفران والمطاحن علنا تنفيذها. لكن التذبذب في سعر الصرف لا يشكل عنصرا مسهلا. وأؤكد أنني اليوم تحديدا طلبت من النقابات العمل على خفض أسعار السلع الرئيسة مواكبة لانخفاض سعر الصرف، على أمل ألا نعود إلى دوامة الصعود".

أما في مسألة "سجن التجار الجشعين"، فقال الوزير: "أضم صوتي إلى صوتك، لأن الضبط لم يشكل يوما رادعا لكل من تسوله نفسه سرقة اللبنانيين في قوتهم الأساسي. وأنا على يقين بأنك تضم صوتك إلى صوتي، مطالبين معا القضاء بالضرب بيد من فولاذ واتخاذ أقصى العقوبات في حق المخالفين من التجار، وصولا إلى السجن".

لا عقوبات على استجرار الغاز المصري إلى لبنان

على صعيدٍ آخر، نقلت السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا إلى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي اليوم كتاباً رسمياً خطياً من وزارة الخزانة الأميركية، أجابت خلاله عن بعض الهواجس التي كانت لدى السلطات اللبنانية في ما يتعلق باتفاقيات الطاقة الإقليمية التي ساعدت الولايات المتحدة الأميركية في تسهيلها وتشجيعها بين لبنان والأردن ومصر، وذلك بحسب ما أفاد به مكتب ميقاتي الإعلامي.

وقالت شيا بعد لقائها رئيس الوزراء اللبناني إنه "لن تكون هناك أي مخاوف من قانون العقوبات الأميركية، وهذه الرسالة التي تم تسليمها تمثل زخماً إلى الأمام وحدثاً رئيسياً في الوقت الذي نواصل فيه إحراز تقدم لتحقيق طاقة أكثر استدامة ونظافة للمساعدة في معالجة أزمة الطاقة التي يعاني منها الشعب اللبناني".

وكان وزير خارجية لبنان عبد الله بو حبيب قد أعلن أمس أن "المسؤولين الأميركيين جددوا التأكيد على دعمهم استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان من مصر والأردن عبر سورية لتعزيز إنتاج الطاقة الكهربائية واستثناء لبنان من القيود التي يضعها قانون قيصر، وأن هذا الأمر تم إبلاغه إلى المسؤولين المصريين".