عين السودانيين على خطة اقتصادية من الحكومة الجديدة وسط غلاء فاحش

عين السودانيين على خطة اقتصادية من الحكومة الجديدة وسط غلاء فاحش

09 فبراير 2021
انفلات سعر صرف الجنيه ينعكس سلباً على حركة الأسواق التجارية (فرانس برس)
+ الخط -

تحبس الخرطوم أنفاسها انتظاراً لما ستجترحه الحكومة السودانية الجديدة من حلول اقتصادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك.

توازياً مع إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة، قام "العربي الجديد" بجولة داخل السوق الموازي في الخرطوم، حيث تبيّن أنّ ارتفاع الدولار مستمر وهو متداول بحدود 400 جنيه، واختفاء كامل لصغار التجار الذين ينتشرون عادة في أنحاء السوق تخوفاً من الحملات الأمنية المتكررة ريثما تتضح رؤية الحكومة.

رئيس الغرفة التجارية السابق في ولاية الخرطوم حسن عيسى أعرب لـ"العربي الجديد" عن تفاؤله بحل الحكومة الانتقالية وتغيير وزراء القطاع الاقتصادي، داعياً إلى تطبيق سياسات اقتصادية جديدة رشيدة تُنهي معاناة المواطن المعيشية من الارتفاع الحاد لأسعار السلع الاستهلاكية الضرورية المحلية والمستوردة، والذي زادت حدته  في الآونة الأخيرة نتيجة انفلات سعر الصرف، الذي قفز إلى أكثر من 420 جنيهاً في السوق الموازي.

وقال عيسى إنّ شركات ومصانع المواد الغذائية توقفت عن طرح منتجاتها في الأسواق، وكذلك تجار الجملة والتجزئة في أسواق الخرطوم، ريثما يستقر سعر الصرف، تجنباً للخسائر وتآكل رؤوس أموالهم، مشيراً إلى أن المواطنين صاروا عاجزين عن الشراء، داعياً إلى تفعيل قانون الرقابة على السلع في الأسواق لحماية المستهلك.

وتشهد أسواق الخرطوم حالة هدوء كبير في حركتي الشراء والبيع ترقبا للتشكيل الحكومي الجديد واستقرار سعر الدولار، وسط زيادات كبيرة في أسعار السلع الضرورية المطروحة في المحال التجارية.

فقد قفز باكيت دقيق سيقا (فينو) زنة 10 كيلوغرامات إلى 2400 جنيه وسعر الكيلو 240 جنيها، ولبن كابو عبوة كيلوغرامين وربع إلى 4800 جنيه، وكيلو الأرز إلى 380 جنيها، والعدس 480 جنيها للكيلو، فيما قفز كيس النشويات مثل المعكرونة والشعيرية من 100 إلى 150 جنيها، والسكر زنة 50 كيلوغراما إلى 15 ألف جنيه.

وقال تجار تجزئة وجملة لـ"العربي الجديد" إن هذه الأسعار قابلة للزيادة، خاصة بعد استئناف طرح الشركات والمصانع الغذائية منتجاتها بالتسعيرة الجديدة.

عضو اللجنة الاقتصادية لـ"قوى إعلان الحرية والتغيير" (الحاضنة السياسية للحكومة)، عادل خلف الله، قال لـ"العربي الجديد" إنّ حل الحكومة الانتقالية يُنهي تراخي الأداء، خاصة أنها كانت تعيّن 6 وزراء مكلفين، ما أفضى إلى ما يشبه الفراغ السياسي مقروناً بالسياسات التي تبنّت بقساوة أسوأ ما توصلت إليه الرأسمالية المتوحشة.

وعبّرت السلطات عن هذه التوجهات بسياسات تحرير المحروقات والبدء بتحرير الكهرباء، والتصريحات المتعلقة بالاتجاه إلى تعويم العملة الوطنية في ظل غياب احتياطيات كافية من النقد الأجنبي والذهب من البنك المركزي، مقروناً بابتداع ما عرف بمحفظة السلع الاستراتيجية التي هي خلاصة لتنصل الدولة من واجبها في دعم وتوفير السلع الأساسية وتركها للأفراد والشركات الخاصة.

وقال خلف الله إنّ مجمل هذه المعطيات تسببت في زيادة حادة وطلب مستمر ومتصاعد على النقد الأجنبي مقابل تراجع العرض، ما شجع القوى الرأسمالية الطفيلية في السوق على امتهان المضاربة في النقد الأجنبي والسلع الأساسية، ما انعكس تدهورا مستمرا في قيمة الجنيه.

فقد قفز الدولار خلال أقل من 3 أسابيع من 265 جنيهاً إلى 420، وهو تدهور تاريخي غير مسبوق، نتج عن السياسات التي يصر على إنفاذها الطاقم الاقتصادي للحكومة، وتحاشيه وإحجامه عن تطبيق الإجراءات والبدائل التي قدمتها إليها اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير.

وأشار إلى تطلع الشعب لتبنّي سياسات مالية نقدية منسجمة ومتناغمة في أدائها وتباشر مهامها كمؤسسة، وأن تستعيد الدولة مسؤوليتها في توفير السلع الاستراتيجية وإحكام سيطرة الدولة على قطاع المعادن، لبناء احتياطيات من النقد الأجنبي والذهب ومكافحة التهريب والتجنيب وتأهيل شركات المساهمة العامة، وترشيد الواردات لإيقاف التدهور الاقتصادي وتحسين قيمة الجنيه وقوته الشرائية، وصولا إلى نقطة يكون سعر الصرف فيها مناسباً ومقنعاً لجذب تحويلات ومدخرات المغتربين في الخارج.

المدير السابق لأحد المصارف السودانية عثمان التوم قال، لـ"العربي الجديد"، إن الحل النهائي لانفلات سعر الصرف ينتظر خططاً من وزراء القطاع الاقتصادي بناء على رؤية واضحة قابلة للتطبيق، بما يساهم في حل المشاكل الاقتصادية الأُخرى الملحة ذات الصلة بمعيشة الناس، وكسر جمود ملفات التعاون الخارجي، خاصة مع المؤسسات المالية العالمية، من أجل استقطاب المنح والقروض.

وطالب المستشار الاقتصادي السابق لمجلس الوزراء هيثم فتحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الحكومة الجديدة باتخاذ إجراءات ملموسة وجادّة لمعالجة مشكلة تباطؤ النمو وتحسين واقع الاقتصاد، والسير بخطوات علميّة وعمليّة مدروسة لتحفيزه، ليكون قادراً على المنافسة والنمو وتوفير فرص العمل، إضافة إلى البحث عن حلول إبداعية غير تقليدية تعالج جميع المعوقات التي تحدُّ من تنافسية الاقتصاد الوطني، بما يمكّنه من استعادة كفاءته ليسهم في تحسين الواقع المعيشي للمواطنين.

وبرّر فتحي أسباب أزمة ارتفاع سعر الصرف بتراجع إيرادات مصادر الدخل الأجنبي، وفي مقدمتها انخفاض عائدات الصادرات، مؤكدا حتمية معالجة السبب الرئيسي لانفلات سعر الصرف، وهو نقص الدولار، فضلا عن ضرورة ضبط الواردات وفقا للأولويات، والتحرك عبر قرار استراتيجي نحو ربط الجنيه بسلة عملات وفك ارتباطه بالدولار حصرا.

المساهمون