الملياردير الأميركي راي داليو ... حينما تتغلب المصالح على المبادئ

الملياردير الأميركي راي داليو ... حينما تتغلب المصالح على المبادئ

06 ديسمبر 2021
تبلغ استثمارات داليو في الصين نحو 1.25 مليار دولار (Getty)
+ الخط -

عاد لدائرة الأضواء حينما تعرض لانتقادات حادة ولاذعة بسبب تصريحاته الأخيرة حول الصين، التي بدا فيها مدافعا عن الاستبداد فيها، واصفا إياها بأنها مثل الأب الصارم.

إنه الملياردير الأميركي، راي داليو، واحد من كبار الأثرياء ومؤسس أكبر صندوق تحوط في العالم "بريدج ووتر أسوشيتس" Bridgewater Associates.

ورغم أن راي داليو، أكد في سلسلة من التغريدات على حسابه الرسمي على "تويتر"، أن التعليقات التي أدلى بها حول قضايا حقوق الإنسان في الصين خلال مقابلة تليفزيونية أُسيء فهمها، لكنه تعرض لمزيد من الانتقادات آخرها من السيناتور الجمهوري ميت رومني.
وداليو كان قد شبه في لقائه مع شبكة "سي إن بي سي"، تحرك الصين لإبعاد المواطنين العاديين عن أعين الجمهور بـ "الوالد الصارم".

المصالح أولا
وسأل المذيع داليو عن كيفية التوفيق بين الاستثمار في دولة لديها قضايا تتعلق بحقوق الإنسان واختفى بعض مواطنيها البارزين عن الرأي العام مؤخرًا.

وقال: "كبلد من أعلى إلى أسفل، ما يفعلونه - إنه نوع من الوالد الصارم. إنهم يتصرفون كأب صارم، ويخوضون ذلك. هذا هو نهجهم. ولدينا نهجنا".

وعزا بعض المنتقدين لآراء داليو انحيازه لتجاوزات الصين في مجال حقوق الإنسان بموقفه المسبق من اقتصادها، إذ إنه دائم الحديث عن فرص الاستثمار والاحتفاظ بأمواله في الصين كجزء مهم من محفظته، إلى جانب حيازات الأصول الأميركية.

كما أن داليو يحافظ على مصالحه في الصين، إذ تجاوزت شركته العديد من مديري الصناديق الخاصة هناك، لتبلغ قيمتها نحو 8 مليارات يوان (1.25 مليار دولار تقريبا).
ووفقا لتقرير "سي إن بي سي" نقلا عن صحيفة "سيكيوريتيز تايمز" الصينية الشهر الماضي، فإن داليو أطلق صندوقًا صينيًا جديدًا من خلال شركة محلية، حيث يستهدف جمع أكثر من 3 مليارات يوان (468.8 مليون دولار).

وفي عام 2018، أطلقت الشركة المملوكة بالكامل لشركته ومقرها شنغهاي، أول منتج محلي للمستثمرين في البر الصيني.

مستثمر بالفطرة
وبعيدا عن آراء داليو والضجة التي أثيرت حولها، فإن للملياردير الأميركي تاريخا كبيرا في مجاله جعله في بؤرة الاهتمام، ليس بسبب حجم ثروته وحسب، بل لتاريخه، فضلا عن آرائه التي ينشرها بشكل مستمر كنصائح ومبادئ في مجاله.
بدأ داليو استثماراته منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره، أي عام 1960 تقريبا عندما اشترى أسهما في شركة طيران، نورث إيست، بنحو 300 دولار تضاعفت قيمتها بعد ذلك، ليستمر في المجال مستثمراً ثم دارساً وخريجاً من قسم الاقتصاد بجامعة هارفارد، حتى أصبح حاليا مؤسسا لـ"بريدج ووتر أسوشيتس" Bridgewater Associates  والذي يعد أكبر صندوق تحوط في العالم.

ويبلغ حجم الأصول الخاضعة لإدارة الصندوق نحو 223 مليار دولار، وفقا لتقرير لجنة الأوراق المالية الأميركية في يوليو/تموز الماضي. وينتمي أكثر من نصف هذه الأصول وفقا للجنة ذاتها، أو ما يقرب من 59%، لعملاء غير أميركيين.
وقدرت مجلة "فوربس الاقتصادية في يونيو/حزيران الماضي، ثروة داليو بنحو 20 مليار دولار، حيث يحتل المرتبة 36 في قائمتها لأغنى 400 شخصية في الولايات المتحدة والـ88 بين المليارديرات الأغنى في العالم، والثالث بين مديري صناديق التحوط الأعلى ربحًا لعام 2019. وفي 2012، تم إدراج داليو في قائمة مجلة تايم الأميركية لأكثر 100 شخص نفوذاً في العالم .

صاحب سلسلة المبادئ
يشتهر داليو بالحفاظ على قائمة واسعة من القواعد وأفضل الممارسات حول الاستثمار والقيادة والإدارة، والتي يطلق عليها "المبادئ"، والتي تدور في غالبيتها حول آرائه ومفاهيمه في مجالات الاقتصاد والمال والاستثمارات.
وفي عام 2017، نشر داليو كتاب "المبادئ: الحياة والعمل"، والذي يشرح في 600 صفحة مبادئه في الحياة والعمل، وكان من أكثر الكتب مبيعًا في ذلك العام.
وكذلك كتاب (مبادئ التعامل وتغيير النظام العالمي.. لماذا تنجح الأمم وتفشل؟)، كما نشر هذا الشهر كتابا جديدا بعنوان "مبادئ التعامل مع النظام العالمي المتغير".

ومن مقولاته الشهيرة التي نشرها في كتبه أو على حساباته الرسمية بعد تفرغه من عمله على رأس مؤسسته، أن "أكثر الناس التي تحظى باحترامه هي التي تفشل بشكل جيد، مضيفًا: "أحترمهم بصورة أكبر من الأشخاص الناجحين".، مؤكدا: "إذا لم تفشل، فأنت لا تتجاوز حدودك، وإذا لم تتجاوز حدودك، فأنت لا تعظم إمكاناتك".
ويرى داليو أن اتخاذ القرارات السليمة يعتمد على ثلاثة أسس هي، البساطة عند التفكير، واختيار الأفضل وليس الأحدث، وعادات الفرد.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

كما أنه يرى "الحياة مثل لعبة تسعى فيها لتجاوز العقبات التي تعترض طريقك في تحقيق أهدافك.. فلا يمكنك منع المشاكل والخيارات من القدوم إليك، لذلك من الأفضل أن تتعلم كيفية التعامل معها".
كما حذر داليو من قبل من أن" يؤدي الاقتصاد العالمي الضعيف إلى اضطراب اجتماعي يمهد لوصول هتلر جديد إلى السلطة، كما حدث من قبل بوصول هتلر إلى الحكم بعد الكساد الكبير".
ولداليو موقف صريح من العملات المشفرة التي أصبحت في بعض الأحيان ملاذا آمنا، فهو يرى أن التدخل الرسمي لتنظيم التعامل بها سيقضي عليها.
وقال داليو إن بتكوين ليس لها قيمة جوهرية، لكن لها قيمة مدركة. وتاريخيا كان كثير من الأصول لديه نفس الخاصية، مشيرا إلى أنها بديل جيد للنقد.
ويرى داليو أن "النقد ليس استثمارًا آمنًا، وليس مكانًا آمنًا لأنه سيتم فرض ضرائب عليه بسبب التضخم"، مضيفا أنه "خلال الأوقات المضطربة، من المهم أيضًا أن تكون في محفظة آمنة ومتوازنة.

المساهمون