أزمة الدواجن في العراق: إغلاق مئات المشاريع وسط فوضى الاستيراد

أزمة الدواجن في العراق: إغلاق مئات المشاريع وسط فوضى الاستيراد

14 يناير 2023
إضعاف القدرة التنافسية للإنتاج المحلي (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -

يواصل قطاع الدواجن في العراق التراجع في مستويات الإنتاج للعام الثاني على التوالي، مكبدا بذلك المنتجين المحليين خسائر كبيرة، مع استمرار عمليات التهريب وفتح مجال الاستيراد بالتزامن مع انخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، وما ترتب عنه من ركود كبير تشهده السوق العراقية منذ مدة.

وكان العراق يمتلك أكثر من 7 آلاف مزرعة لإنتاج لحوم الدجاج، بينما يصل عدد المشاريع المتوقفة منها قرابة 3 آلاف مشروع، وفقا لدراسة أعدها جهاز الإحصاء المركزي العراقي سنة 2020. فيما تشكو المحافظات العراقية من توقف عدد كبير من المشاريع، وغياب الحلول اللازمة من قبل الحكومة الاتحادية في وضع خطط عملية لمواجهة الأزمة.

أضرار كبيرة

وكشفت مديرية زراعة محافظة بابل (وسط العراق)، أخيراً، عن توقف 582 مشروعاً من بين 800 مشروع دواجن في المحافظة، ما أدى إلى تراجع كبير في مستويات إنتاج الدواجن.

وقال مدير زراعة بابل، ثامر الخفاجي، إن التدهور الكبير الـذي يشهده قطاع الدواجن وتوقف المشاريع المختصة بإنتاج لحوم الدجاج وبيض المائدة أثرا كثيراً في الأسواق المحلية، ما زاد من بطالة العاملين في هذه المشاريع. وأضاف الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، أن أكثر من 400 مشروع لتفقيس الدجاج و175 مشروعاً لتسمينها وسبعة مشاريع لتربيتها توقفت عن العمل بشكل كامل، ما تسبب بانخفاض حجم الكميات المعروضة من الدجاج.

وبحسب الخفاجي، فإن هيمنة بعض موردي الدواجن على مقدرات السوق والتحكم بالأسعار، من خلال تسويق الدجاج إلى المحال التجارية، ألحق أضراراً كبيرة أثرت بشكل مباشر على الإنتاج المحلي. وفي محافظة نينوى (شمالا)، توقف أكثر من 400 مشروع دواجن بشكل كامل، فضلاً عن نفوق أعداد كبيرة من الدجاج بسبب البرد الشديد وعدم توفر الطاقة الكهربائية.

وقال رئيس لجنة الخدمات في مجلس النواب، محمد خليل، إن أصحاب مزارع الدواجن في محافظة نينوى تكبدوا خسائر كبيرة نتيجة شح الوقود من مادتي الديزل والغاز السائل، وإن الحقول تعاني من نقص كبير في تجهيز الطاقة الكهربائية. وطالب خليل، في تصريح صحافي، وزارة النفط بضرورة توفير مادتي الديزل والغاز السائل للمنتجين وأصحاب حقول الدواجن، لأنهم تكبدوا خسائر كبيرة نتيجة شح الوقود الذي تسبب بنفوق أعداد كبيرة.

يقول علي العامري، وهو أحد منتجي الدواجن، إنهم قلصوا حجم الإنتاج وعدد العاملين، بسبب الخسائر التي تكبدوها نتيجة غزو الاستيراد وارتفاع سعر الأعلاف، التي بلغ سعر الطن الواحد منها نحو 700 دولار مع تذبذب أسعار الدولار، فضلاً عن وجود عمليات تهريب أغرقت السوق المحلية قادمة من إيران وتركيا بطرق غير رسمية.

وكشف العامري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن وجود متنفذين يمتلكون شركات استيراد، يستوردون منتجات الدواجن رخيصة الثمن، لأنها مدعومة من بلد المنشأ أو قرب انتهاء صلاحيتها، ما أضر بشكل كبير بحجم التداول السلعي محلياً وشكل انتهاكا كبيرا بحق الإنتاج الوطني.

وذكر العامري أن هناك عراقيل تواجههم من قبل بعض كبار الموظفين والمسؤولين، تصعب عليهم الحصول على إجازة استيراد المواد التي تدخل في صناعة الدواجن أو معدات إنتاج الأعلاف محلياً.

عدم توفر الفرص

ويشكو اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق من عدم توفر فرص النهوض بقطاع الثروة الحيوانية بشكل عام و قطاع الدواجن خصوصاً. وقال رئيس الاتحاد حسن التميمي إن غياب الدعم الحكومي أدى إلى تراجع إنتاج الثروة الحيوانية، فضلاً عن تجاهل ضبط الحدود ومنع الاستيراد، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف.

وبيّن التميمي، لـ"العربي الجديد"، أنه رغم تكرار المطالبات والمناشدات من قبل الاتحاد والمزارعين والمنتجين لحل هذه المشاكل، إلا أنها قوبلت بالتجاهل ولم تحل لغاية الآن. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف تسبب بخسارة كبيرة تعرض إليها مربو الدواجن، ما أدى إلى قلة الإنتاج، مطالباً الحكومة العراقية بضرورة دعم الثروة الحيوانية تحديداً التي تعتبر عاملا مهما من عوامل النهوض بالواقع الاقتصادي العراقي.

وتابع أن عدم الاهتمام بقطاع الإنتاج الزراعي يسبب خسائر كبيرة ويجعل البلد رهينة للاستيراد من الخارج، وهذا ما تعمل عليه الأجندات الخارجية ليبقى العراق بلدا مستهلكا غير منتج .

ورأى الباحث الاقتصادي، أحمد العبد الله، أن هناك انهيارا كبيرا في قطاع الدواجن العراقي. وأشار العبد الله، لـ"العربي الجديد"، إلى أن عددا كبيرا من المشاريع توقف بشكل كامل خلال عامين فقط، بسبب "الكارثة الحكومية" وهي فتح الاستيراد، الذي ألغى إلى حد كبير أهمية الإنتاج المحلي من الدواجن.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

فيما رأى المختص في الاقتصاد الزراعي، عادل المختار، أن الوزارات والمؤسسات المعنية في الحكومات المتعاقبة بعد سنة 2003، لم تتمكن من العمل بشكل منطقي لتطوير إنتاج الدواجن في العراق.

وحذر المختار، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، من أن البلد يشهد انهيارا كاملا لقطاع الدواجن، خصوصا بعد ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع أسعار الأعلاف وشحة وجودها في الأسواق. ولفت المختار إلى أن أغلب مربي الدواجن جزروا الحيوانات وأغلقوا حقولهم لعدم تمكنهم من مقاومة العمل في هذه الظروف، بسبب ما تعرضوا اليه من خسائر كبيرة.

وأضاف أن هناك الكثير من الحقول بذمتها أموال لصالح المصرف الزراعي الذي بدأ يطالب بالأموال التي أقرضها للمنتجين المديونين لكونهم غير مشمولين بقرار تأجيل السداد.

مشاريع تقنية

كشفت وزارة الزراعة، الثلاثاء الماضي، عن تقديم دراسة مشروع أتمتة الثروة الحيوانية عبر إنشاء سجل إلكتروني لمربي الأسماك والدواجن، واستخدام التقنيات الحديثة في الخطة الزراعية للموسم الشتوي عبر تجهيز المزارعين بمنظومات ري حديثة.

وقال المتحدث الرسمي للوزارة حميد النايف، في تصريح صحافي، إن وزارته قررت استخدام التقنيات الحديثة في الخطة الزراعية الشتوية، من خلال دعم المزارعين والفلاحين بمنظومات الري الحديثة والمرشات المحورية والثابتة، على أن يجرى بيعها للفلاحين بأسعار مدعومة، لتحقيق نجاح الخطة الزراعية وزيادة الإنتاج كماً ونوعاً.

وتابع النايف أن الزيادة الحاصلة في الخزين المائي بسبب كميات الأمطار الساقطة خلال الأيام الماضية، ستحقق زيادة في المساحات الزراعية، ما يتطلب العمل على توفير متطلبات الخطة الزراعية والعمل على نجاحها.

وأضاف النايف أن قرارات الحكومة السابقة لا تزال سارية بفتح باب الاستيراد لبيض المائدة ولحم الدواجن، مشددا على أهمية منح الوزارة القدرة على التحكم بعملية الاستيراد والتصدير وحماية المنتج المحلي، بالإضافة إلى دعم قطاع الدواجن والأعلاف واللقاحات البيطرية.

المساهمون