العقوبات تشدّد الخناق... خطة أوروبا التجارية مع إيران تتداعى

العقوبات تشدّد الخناق... خطة أوروبا التجارية مع إيران تتداعى

14 نوفمبر 2018
اقتصاد إيران يدفع ثمناً باهظاً بسبب العقوبات الأميركية (Getty)
+ الخط -
بدأت العقوبات الأميركية تشدّد الخناق على إيران عمليا، إذ بدا أن بحث أوروبا عن وسيلة لدفع الأموال إلى طهران مقابل استئناف التجارة معها قد وصل إلى طريق مسدود تقريبا، فيما تشير بيانات أسواق الطاقة إلى أن مزيدا من الدول تخفض مشترياتها من النفط الإيراني، كما بدت المصاعب أكبر على استثمارات إيران الخارجية، ولا سيما في سوريا.

وتواجه مبادرة الاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى حماية التجارة مع إيران من العقوبات، انهيارا محتملا، مع عدم استعداد أي دولة في التكتل لاستضافة العملية، خشية التعرض لعقوبات أميركية، ومنها ما نقلته "العربي الجديد" في تقرير موسّع أمس الثلاثاء عن وكالة "بلومبيرغ"، مفاده أن النمسا تقاوم ضغوطا أوروبية لاستضافتها مقر آلية الدفع، وهو ما استدعى تصريحا لوزير خارجيتها يعلن صراحة عدم رضا فيينا بهذا المقترح.

وبعد إعلان النمسا صراحة رفضها الخطوة، نقلت "رويترز" مساء اليوم، عن دبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، قولهم إن القوى الأوروبية الرئيسية، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ستزيد الضغط على لوكسمبورغ لاستضافة ما تعرف بالآلية ذات الغرض الخاص.


وتبدو المخاطر مرتفعة على هذا الصعيد، فقد حذرت إيران من أنها ربما تلغي اتفاقا أبرم عام 2015، لفرض قيود على برنامجها النووي كانت قد توصلت إليه مع قوى عالمية من بينها الدول الأوروبية الثلاث، إذا أخفق الاتحاد الأوروبي في الإبقاء على المزايا الاقتصادية للاتفاق في مواجهة الضغط الأميركي.


طبيعة آلية الدفع وظروف طرحها


والآلية ذات الغرض الخاص هي نوع من المقايضة، قد يُستخدم في تقدير قيمة صادرات إيران من النفط والغاز مقابل منتجات أوروبية من أجل تفادي العقوبات الأميركية.

ونقلت "رويترز" عن 6 دبلوماسيين، قولهم إن الهدف يتمثل في إضفاء الصبغة القانونية على الآلية هذا الشهر، على الرغم من أنه لن يتم العمل بها حتى العام القادم.

ويُنظر إلى الآلية ذات الغرض الخاص، على أنها عنصر حيوي في الجهود الأوروبية الرامية إلى إنقاذ الاتفاق النووي، الذي انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب منه في مايو/ أيار الماضي، قائلا إنه يصبّ في مصلحة إيران.

وقال دبلوماسيون، إن النمسا رفضت طلبا لاستضافة الآلية. وبلجيكا ولوكسمبورغ من الأماكن المحتملة الأخرى، لكنهما أبدتا تحفظات قوية على الرغم من عدم تعليقهما علنا.


وأضافوا أن معارضة البلدين، نتجت عن مخاوف من أن اعتماد الآلية على بنوك محلية لتيسير التجارة مع إيران، ربما يتسبب في غرامات أميركية، ويمنع البنوك من دخول أسواق الولايات المتحدة.

خفض مشتريات النفط الإيراني

في سياق تداعيات العقوبات على إيران، أظهرت بيانات أولية من الجمارك الكورية اليوم الأربعاء، أن كوريا الجنوبية لم تستورد أي كميات من النفط الإيراني في أكتوبر/ تشرين الأول، مقارنة بـ 1.7 مليون طن قبل عام.

وتشير البيانات أيضا إلى أن خامس أكبر بلد مشتر للخام في العالم، استورد 13.1 مليون طن من النفط في المجمل الشهر الماضي مقارنة مع 12.4 مليون طن قبل عام، وفقا لبيانات "رويترز".

تقويض استثمارات في سورية

في جانب آخر من عواقب الحظر الأميركي، يبرز العدد المحدود من السيارات على خط التجميع، في مصنع سيارات مملوك للحكومة الإيرانية قرب حمص، المصاعب التي يواجهها طموح طهران الاقتصادي في سورية.

فقد أُسس المصنع قبل بدء الحرب السورية، فيما كانت تسعى الدولتان الحليفتان لتحقيق تقارب بين اقتصاديهما، وأُعيد تشغيله عام 2016 بناءً على أوامر من طهران بعد إغلاقه في بدايات الحرب.

وبدلا من العدد البالغ 50 إلى 60 سيارة التي كان المصنع يجمعها يوميا قبل الحرب، بات يُنتج اليوم 3 أو 4 سيارات فقط. كما يغطي الغبار عشرات السيارات في مخزنه، إذ إن القليل جدا من السوريين بمقدورهم تحمل تكلفة شراء تلك السيارات حتى مع عرض حسومات.


ويتعين شحن أجزاء السيارات بحرا بدلا من المسار البري الأقصر، بسبب إغلاق حدود سوريا مع العراق. وتتسبب العقوبات الغربية في صعوبة تحويل الأموال.

ويؤثر ذلك المزيج من ضعف السوق والمشاكل اللوجيستية والعقوبات، فضلا عن التنافس مع شركات من روسيا الحليف الآخر الرئيسي لدمشق، على الكثير من الشركات الإيرانية العاملة في سوريا.

وتقول شركات إيرانية إنها تريد التصدير لسوريا أو ممارسة أنشطة هناك، وإنها متفائلة بأن السوق ستتحسن مع تحرك دمشق قدما صوب إعادة الإعمار.

وقال مهدي قوام رئيس العلاقات العامة لدى شركة عمران ومساكن إيران، وهي شركة تطوير عقاري ترتبط ببنياد مستضعفان التي تسيطر عليها الحكومة، "نتطلع إلى مشاريع تشييد هناك، سكنية، ومساحات مكتبية، وقاعات رياضية. توجد سوق جيدة جدا هناك".

ومنذ بدء الصراع، يباع المزيد من السلع الإيرانية. بيد أن حركة البيع لا ترقى إلى مستواها في العراق، الذي يشترك في حدود طويلة مع الجمهورية الإسلامية، حيث نالت إيران نفوذا واسعا في السوق هناك.