صندوق النقد يحذر من ركود الاقتصاد العالمي

صندوق النقد يحذر من ركود الاقتصاد العالمي

09 يناير 2019
الاقتصاد الصيني يتباطأ (فرانس برس)
+ الخط -
أصدر صندوق النقد الدولي تحذيراً جديداً من ركود اقتصادي يراه قريباً، خاصة مع استمرار الحرب التجارية وتراجع أسعار النفط، وأكد أن الاقتصادات الكبرى غير مستعدة لتباطؤ الاقتصاد العالمي، ودعاها إلى التعاون معاً، كما دعا الصندوق البنوك المركزية لتكوين احتياطيات من النقد الأجنبي، لتجنب التبعات السلبية لركود متوقع.

خلال الاجتماعات السنوية لرابطة الاقتصاد الأميركي في أتلانتا بولاية جورجيا الأميركية، أكد ديفيد ليبتون، النائب الأول للعضو المنتدب بصندوق النقد الدولي، أن حكومات تلك الدول ستواجه صعوبات كبيرة في تطويع السياسات النقدية والمالية للتعامل مع الموقف، خاصة بعد تضاؤل فرص التعاون العابر للحدود، مثلما حدث من قبل، حين تكاتفت البنوك المركزية للدول الكبرى خلال 2008 – 2009 في مواجهة الأزمة المالية العالمية.

وأرجع تردي التوقعات للنمو الاقتصادي العالمي إلى الحروب التجارية وأخطاء السياسات الاقتصادية وتباطؤ الاقتصادات الآسيوية.

وليبتون شغل وظيفة العضو المنتدب في سيتي بنك، وكان مسؤولاً عن إدارة المخاطر لوحدات البنك الشهير في مختلف أنحاء العالم، قبل أن ينتقل إلى البيت الأبيض، ليصبح المستشار الخاص للرئيس السابق باراك أوباما، والمدير المسؤول في المجلس الاقتصادي الوطني، ومجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.

وقال ليبتون إن الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والأول باستخدام أسلوب تعادل القوى الشرائية لقياس الناتج المحلي الإجمالي، يتباطأ بوضوح، ونحن ندرك أنه لا بد أن يتباطأ، لكن منعه من التباطؤ بصورة تهدد الاقتصاد العالمي هو هدف هام". وأكد أن تبعات تباطؤ الاقتصاد الصيني ستكون "جسيمة على نطاق عريض، لا في آسيا فقط".

وشهدت اجتماعات رابطة الاقتصاد الأميركي يوم الجمعة الماضي تعليقات رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي جيرومي باول، التي أبدى فيها استعداده للتمهل قبل رفع معدلات الفائدة مرة أخرى، كما أعلن نيته عدم تقديم استقالته حتى لو طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ذلك، وهو ما أدى إلى ارتفاع مؤشر داو جونز بما يقرب من 750 نقطة، وارتفاع مؤشرات الأسهم الأخرى بنسب تجاوزت 4% لبعضها.

ويواجه المسؤولون في البنك الفيدرالي حالياً أحد أصعب المواقف التي تواجه السلطات النقدية في أي وقت، وهو محاولة تجنب الاشتعال الزائد عن الحد لاقتصادٍ قوي واحتواء الضغوط التضخمية الناتجة من ارتفاع الأجور، بعد ما يقرب من عقد كامل من الانتعاش، وهو ما يطلق عليه "الهبوط الآمن Soft Landing"، وفي نفس الوقت محاولة منْع الاقتصاد من الوقوع في مصيدة الركود. ويأتي هذا التحدي للاقتصاد الأميركي في وقت تزداد التوترات مع الصين وأوروبا بفعل تعريفات ترامب، كما الضغوط الداخلية، وإن كانت مؤقتة، بفعل إغلاق الحكومة وعدم إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن توفير التمويل اللازم لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك، ولهذا لم يكن غريباً أن مأزق البنك الفيدرالي يشكّل مادة أساسية خلال اجتماعات الرابطة هذا العام بحسب معلقين.

ويتطلع المستثمرون هذا الأسبوع إلى تصريحات جديدة من كلٍ من جيرومي باول ونائبه ريتشارد كلاريدا، لمعرفة توجهات البنك الفيدرالي في الفترة القادمة، وهو الإجراء المتبع عند وجود غموض في ما يتعلق بقرارات السياسة النقدية المستقبلية، إذ يكون أهم ما يحرك المستثمرين والأسواق تصريحات مسؤولي البنك الأكثر تأثيراً في العالم.

وتزداد أهمية تصريحات الأسبوع بعد تأجيل الإعلان عن بعض الأرقام من وزارة التجارة، بتأثير إغلاق الحكومة الأميركية، وعلى رأسها طلبات المصانع والسلع المعمرة، والتي تعد مؤشراً هاماً عن النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.

وعلى حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، علق الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان على تأخير إصدار البيانات الأميركية قائلاً: "آخر مرة حدث فيها مثل هذا التأخير، كان ذلك يعني أن البنك الفيدرالي والأسواق يعملان في حالة من الظلام الاقتصادي النسبي".

وأكد أن ذلك يضاف إلى النتائج غير المقصودة لإغلاق الحكومة الأميركية الحالي.
وفي إشارة أخرى إلى التأثيرات السلبية لغموض الرؤية وتشوه البيانات الصادرة خلال العام الماضي عن أداء صناديق التحوط، المعروفة باستقطابها أقوى العقول والخبرات في أسواق المال، ذكرت وكالة بلومبيرغ أن متوسط ما حققته صناديق التحوط خلال عام 2018 كان خسارة بنسبة 6.7%، بينما لم تتجاوز خسائر مؤشر اس آند بي 500، الذي يعد المقياس المعياري الأفضل للأسهم الأميركية، نسبة 4.4% خلال الفترة نفسها.

ويضيف إلى تعقيدات الصورة الحالية للاقتصادَين الأميركي والعالمي، تزايد ارتباطهما بالاقتصاد الصيني، وإن كان بصورة غير مباشرة في بعض الأحيان، بسبب تعقد سلاسل التوريد.

وإذا كان بعض المحللين يرون تشابهاً بين الظروف الحالية، وظروف عام 1998، وقت أزمة الأسواق الناشئة في آسيا وروسيا، فمن الواضح أن الاقتصاد الأميركي ليس بمعزل عن أي أزمات هناك في وقتنا الحالي، بعد أن أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للعديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، الأمر الذي يهدد الاقتصاد الأميركي بحالة تباطؤ نظيره الصيني.

وفي اجتماعات الرابطة أيضاً، قال هانك بولسون، الذي كان وزيراً للخزانة في أميركا وقت الأزمة المالية العالمية في 2008: "هؤلاء الذين يتمنون الفشل للاقتصاد الصيني، يتعين عليهم أن يدركوا ماذا يعني ما يتمنونه"، وهو ما اعتبره بعض المراقبين انتقاداً ضمنياً لسياسات ترامب الهادفة إلى إضعاف الصين، من أجل الحصول على مكاسب خلال المفاوضات التجارية بين الاقتصادين الأكبر في العالم.