السدود العراقيّة سلاح داعش لخنق بغداد

السدود العراقيّة سلاح داعش لخنق بغداد

06 اغسطس 2014
سد الموصل أهم مورد لمياه بغداد(احمد الربيعي/فرانس برس/getty)
+ الخط -

بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، "داعش"، على مناطق شمالي العاصمة بغداد، وتحديداً في الأنبار والموصل، بدأت التنظيمات المسلحة بالاستيلاء على الثروات الطبيعية. البداية مع حقول النفط في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ثم ما لبث أن وسّعت نشاطاتها لبسط سيطرتها على المياه، خاصة السدود الواقعة على نهري دجلة والفرات، بالاضافة الى محاولاتها السيطرة على البحيرات في تلك المناطق.

سلاح المياه لا يقل خطورة عن النفط، "بل يعدّ أهم"، وخاصة أن تنظيم داعش لوّح مراراً بتفجير السدود وإغراق البلاد، فماذا لو نجح داعش في السيطرة على السدود المائية، خاصة سدي الموصل والحديثة؟ وما هي الانعكاسات الاقتصادية لسلاح المياه؟


الضربة القاتلة

أوردت صحيفة "الجارديان" البريطانية، في تقرير نشر الشهر الماضي، عن خطورة سيطرة داعش على المياه، قول مايكل ستيفن، وهو نائب مدير مركز أبحاث المعهد الملكي للخدمات المتحدة في قطر: "إن الأنهار والقنوات المائية والسدود والصرف الصحي ومنشآت لتحلية المياه، أصبحت أهدافاً عسكرية في المنطقة شبه القاحلة التي تواجه نقصاً شديداً في المياه"، مشيراً الى أن "التحكّم في إمدادات المياه يعطي سيطرة استراتيجية على المدن والريف".


وأضاف: "إذا كنت تتحكم في المياه في العراق، فبإمكانك السيطرة على بغداد، ويمكنك أن تتسبّب في مشاكل كبيرة. إن الماء ضروري في هذا الصراع".

ومنذ يومين، بدأ تنظيم داعش معارك للسيطرة على سد الموصل، وتضاربت الانباء حول نجاحه في السيطرة بعد هروب قوات البشمركة الكردية التي تحمي وتدير السد، إلا أن الخوف الرئيسي لا يتعلق بمدى قدرة داعش على السيطرة، بقدر ما يتعلق بمدى قدرتها على تنفيذ تهديداتها السابقة بتفجير السد.

وقال المبعوث العراقي السابق في الامم المتحدة والمتخصص في الشؤون البيئة، صلاح الحديثي، لـ"العربي الجديد": "إن سيطرة التنظيمات المسلحة على السدود أمر جائز، ولا يمكن استبعاده، لكن التهديد والتلويح بتفجير السدود أمر غير صحيح، ولا يمكن القيام بذلك، لعدة أسباب، أهمها صلابة القواعد التي ترفع السدود، ومتانة الترسانة الحديدية، والتي تحول دون حدوث انفجار كبير كما يتردد في وسائل الاعلام".

وأضاف: "يمكن لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات المسلحة السيطرة على السدود، لكنه من الناحية الفنية لا يمكن لهذه التنظيمات إدارة السدود المائية، نظراً لتعقيد العملية الفنية لإدارة السدود المائية. وتستطيع التنظيمات المسلحة السيطرة على أبواب السدود، كسد الموصل، وبالتالي التحكم في ضخ المياه وتوزيعها على القرى والمدن التي يغذيها هذا السد، بعبارة اخرى، يمكن لداعش استخدام سلاح الماء لخنق العاصمة بغداد ومناطق الجنوب".

واوضح الخبير الحديثي أن كميات المياه المتدفقة من سد الموصل تقدّر بـ600 ألف متر مكعب في الثانية، في حين أن مجرى نهر دجلة في مدينة الموصل لا يتحمل تصريف أكثر من 3500 متر مكعب في الثانية، ما يلخص مدى أهمية هذا السد والسيطرة عليه".

وأشار إلى أنه في حال تمكنت داعش من السيطرة عليه، فإنها ستقوم باقفال الامدادات المائية على العاصمة، وبالتالي حدوث كارثة اقتصادية في شتى القطاعات، واولها القطاع الزراعي.

سد الحديثة

منذ اكثر من أسبوع، يحاول تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الدخول الى منطقة الحديثة في الانبار. وتشهد المناطق المحيطة بمدينة الحديثة أعمال عنف بين الجيش العراقي وتنظيم داعش، ويحاول الاخير الدخول الى مدينة الحديثة والسيطرة على الموارد الطبيعية، ومنها سد الحديثة الذي يقع على نهر الفرات، شمال المدينة، وهو ثاني أكبر السدود في العراق من حيث مساهمته في توليد الطاقة الكهربائية، وهو ذو طاقة إنتاج قصوى تقدّر بـ1050 ميجا واط، ويحوي على ستة محطات توليد كهرومائية بطاقة قصوى تقدّر بـ660 ميجا واط.

ويحصر السد خلفه المياه في بحيرة القادسية، وفي سيطرة داعش على السد، يعني التحكم بالطاقة الكهربائية التي تغذي مناطق الجنوب والوسط، بالاضافة الى العاصمة بغداد.

واشار الخبير، صلاح الحديثي، الى أن السيطرة على سد الحديثة، تؤدي الى وقف إمدادات الكهرباء، لأن السد ينتج أكثر من 30 في المئة من حاجة العراق، ما يعني توقف الصناعة والتجارة في العاصمة، وقال: "حتى اليوم لم تنجح داعش في السيطرة على المدينة. ولمدينة الحديثة أهمية استراتيجية في الحرب الدائرة، فهي تمتلك خطاً نفطياً استراتيجياً هاماً يربط الشمال بالجنوب، بالاضافة الى وجود عدد من البحيرات التي تنتج الطاقة، إضافة الى السد".

إلى ذلك، نقلت "الجارديان" عن الباحث الأمني لشؤون الشرق الأوسط في البرلمان البريطاني وجامعة كوين ماري في لندن، ماثيو ماشوسكي، قوله إن الجماعات المتمردة في العراق تهدف إلى قطع إمدادات المياه عن جنوب العراق، بالاضافة الى إغراق المدن بالظلام، كما أن السيطرة على مصادر المياه أهم من السيطرة على مصافي البترول.

المساهمون