"حرب العملات" تضع بكين أمام خيارات صعبة

"حرب العملات" تضع بكين أمام خيارات صعبة

19 مايو 2019
الرئيس الصيني يبحث عن غطاء أوروبي من نيران ترامب(Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي يتجه فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو بناء علاقات جديدة وقوية مع روسيا، تتدهور العلاقات الأميركية مع الصين وينهار الأمل في التوصل إلى حل للنزاع التجاري الذي يتحول تدريجياً إلى معركة "حرب عملات" بين عملاقي التجارة والاقتصاد.

وتتجه الدولتان نحو استخدام السلاح النقدي في المعركة، خاصة أن لدى بكين احتياطات ضخمة بالدولار.

وحسب تصريحات نشرها موقع البنك المركزي الصيني على الإنترنت اليوم الأحد، ونقلتها وكالة "رويترز"، فإن البنك سيحافظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف اليوان داخل نطاق معقول ومتوازن.

وقال بان قونغ شنغ نائب محافظ بنك الشعب الصيني، لصحيفة "فايننشال نيوز"، التي يديرها البنك نفسه، إن البنك المركزي واثق من قدرته على إبقاء الوضع مستقراً بسوق الصرف الأجنبي في الصين.

وأضاف بان، وهو أيضاً مدير الإدارة الحكومية للصرف الأجنبي، أن البنك سيجري التعديلات الضرورية المعاكسة لاتجاه الدورة الاقتصادية.

وتسعى الصين إلى دعم سعر صرف اليوان، عبر بيع جزء من رصيدها بسندات الخزانة الأميركية الذي يقدر بحوالى 1.17 ترليون دولار. وباعت الصين في مارس/آذار الماضي سندات فاقت قيمتها 10 مليارات دولار، حسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية.

وبإمكان الصين أن تستخدم "السلاح النقدي" في حربها مع الولايات المتحدة، وذلك ببيع السندات التي تملكها دفعة واحدة. لكن اقتصاديين يرون أن احتمال اللجوء لهذا السلاح ضعيف، لأن ذلك سوف يدفع بالاقتصاد الأميركي والعالمي إلى هاوية الفوضى، وسيضر بمصالح الصين، لأنه ببساطه سيعني انخفاض قيمة السندات وخسارة الصين من مبيعاتها.

كما أن بإمكان الصين أيضا أن تردّ على الولايات المتحدة الأميركية بتخفيض سعر العملة الصينية، وهو ما سيرفع من تنافسية البضائع الصينية بسبب رخص أسعارها، وهو رد واقعي غير مستبعد من بكين، ويبدو أن هذه النقطة تحديداً من بين النقاط الرئيسية التي أفشلت الاتفاق التجاري الصيني الأميركي في الشهر الماضي.  

لكن المشكلة تكمن، حسب اقتصاديين، في تناقض هذين الإجراءين فخفض سعر العملة الصينية يحتاج إلى وجود طلب مرتفع على الدولار، أي شراء نفس سندات الخزانة الأميركية، التي تسبب شراؤها في رفع رصيد الصين من تلك السندات إلى ما فوق ترليون دولار.

كذلك، فإن زيادة الاستثمار في سندات الخزانة الأميركية أمر محفوف بالمخاطر لأسباب سياسية.



ولكن اتخاذ مثل هذه الإجراءات من جانب الصين ربما يدفع واشنطن إلى تبني سيناريوهات قاسية ضد الصين، خاصة أنها تهدد مكانة الدولار في الاحتياطات الدولية، وبالتالي تهدد السيادة الأميركية.

ويعني هذا أنه من غير المستبعد، في حال محاولة الصين بيع حيازتها من السندات، أن تلجأ الولايات المتحدة إلى التحفظ على أو مصادرة استثمارات الحكومة الصينية في الدين الأميركي. وباعت الصين في مارس/آذار الماضي ما قيمته 10 مليارات دولار من السندات، لكن ذلك يمثل  قطرة في بحر السندات التي تملكها الصين.

وكانت روسيا وتحت ضغوط الحظر في العام الماضي قد حولت نحو 85 مليار دولار من موجوداتها في السندات إلى أصول أخرى، أوروبية بالأساس.

لكن الصين لن تتمكن من فعل ذلك، لأن حجم استثماراتها ضخم لدرجة يستحيل معها تحويل تلك الاستثمارات من عملة لأخرى، دون أن يتسبب ذلك في صدمة اقتصادية. كما أنه لا توجد في العالم أدوات مالية حرة، من عملات أخرى، لاستقبال استثمارات بهذا الحجم المهول.

المساهمون