عام الاختبار بالأردن...الحكومة تستنفد جيب المواطن والأسعار تؤجج الشارع

عام الاختبار بالأردن... الحكومة تستنفد جيب المواطن والأسعار تؤجج الشارع

08 يناير 2019
جانب من احتجاجات ضد الضرائب والغلاء العام الماضي (Getty)
+ الخط -

 

يترقب الشارع الأردني، نتائج الإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها على طريق الإصلاح الاقتصادي، التي شملت تقليص الدعم وزيادة الضرائب، فيما وصف خبراء اقتصاد 2019 بـ"عام الاختبار"، باعتبار أن الحكومة "استنفدت جيب المواطن لتوفير إيرادات إضافية لخزينة الدولة"، ما يضعها في مأزق البحث عن بدائل حال عدم تحقق النتائج المرجوة من القرارات المتخذة.

ونجحت حكومة عمر الرزاز في إقرار قانوني ضريبة الدخل المعدل، والموازنة العامة للدولة لعام 2019، رغم الاحتجاجات التي شهدها الشارع. وبحسب خبراء، فإن الكل يترقب باهتمام النتائج الاقتصادية، التي ستتحقق هذا العام استناداً إلى جملة الفرضيات التي ساقتها الحكومة، وهي تبرر أسباب رفعها نسب ضريبة الدخل المفروضة على الأفراد والقطاعات الاقتصادية، وكذلك رفع الدعم عن السلع الأساسية بخاصة الخبز ابتداءً من مطلع العام الماضي.

ووصف جواد العناني، رئيس الوزراء الأسبق، رئيس مجلس إدارة بورصة عمان، الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الأردن حالياً بـ"الصعبة"، ما يستدعي تراجع الحكومة عن بعض القرارات الاقتصادية، التي اتخذتها مؤخراً لكونها "غير مجدية"، مشيراً إلى "ضرورة التركيز على الاستثمار لأهميته في إيجاد فرص العمل، التي تحدّ من البطالة وباتت تشكل خطراً كبيراً لارتفاعها المطرد".

وقال العناني لـ"العربي الجديد"، إن "المواطن الأردني يعي أهمية حسن توزيع المال وإدارته وخاصة بعد فرض ضريبة المبيعات والكثير من الضرائب والرسوم على فواتير الخدمات كالكهرباء والمياه، لذلك دخلنا مرحلة صار فيها من حق الناس الذين يدفعون أن يسألوا لماذا يدفعون وكيف ينُفق ما يدفعونه، ما جعل قضية الفساد في غاية الأهمية، لأن المواطن يشعر أن الفاسد الذي سرق مالاً عاماً إنما سرقه من المواطن الذي يدفع، وأن هذا المال المسروق كان يجب أن ينفق على المواطن الذي دفعه".

وبدأ الأردن بحلول العام الجاري، العمل بقانون الضرائب الجديد، الذي بمقتضاه يتم رفع أعداد المواطنين الخاضعين لضريبة الدخل بشكل كبير، من خلال خفض قيمة دخل العائلات الخاضع للضريبة إلى نحو 28 ألف دولار خلال عام 2019 و25.4 ألف دولار في 2020، مقابل 33.84 ألف دولار سابقاً.

كما تم خفض دخل الأفراد الخاضع للضريبة إلى 14 ألف دولار خلال العام الجاري، ومن ثم خفضه إلى 12.7 ألف دولار العام المقبل، مقابل 22.5 ألف دولار في القانون السابق.

وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، خيرو صعيليك، "يفترض أن نشهد خلال العام الحالي نتائج اقتصادية على أرض الواقع أهمها الوصول إلى نقطة التعادل بين النفقات والإيرادات، وذلك بناءً على جملة الإجراءات التي تم اتخاذها في 2018".

وكان مجلس النواب قد أقرّ يوم الخميس الماضي، موازنة 2019 بحجم نفقات ناهز 13 مليار دولار، وعجز متوقع بنحو 910 ملايين دولار.

وأضاف صعيليك لـ"العربي الجديد": "المواطن يجب أن يلمس ثمار الإصلاح الاقتصادي، وألا يبقى هدفاً لرفع الضرائب وزيادة الأسعار"، مشيراً إلى معاناة الأردنيين نتيجة للغلاء وتدني مستويات المعيشة، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ولفت إلى ضرورة جذب الاستثمارات وتحفيز أصحاب الأموال على توسيع المشروعات، ولا سيما أن لدى البنوك مدخرات كبيرة تزيد عن 47 مليار دولار، بينما العائد المالي عليها متواضع.

وتعاني المملكة من أوضاع اقتصادية صعبة، ودين عام تجاوز 40 مليار دولار. وتفيد الأرقام الرسمية بأنّ معدّل الفقر ارتفع مطلع 2018 إلى 20% ونسبة البطالة إلى 18.5%.

واحتلّت عمّان المركز الأول عربياً في غلاء المعيشة والـ28 عالمياً، وفقاً لدراسة نشرتها العام الماضي مجلة "ذي ايكونومست" البريطانية.

وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب خالد البكار لـ"العربي الجديد"، إن "الإصلاحات الاقتصادية جاءت على كل شيء يمكن عمله، ووصلت الضرائب إلى أحجام كبيرة وتم رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية والمديونية تجاوزت كل الخطوط، بما في ذلك قانون إدارة الدين العام، ومن الصعب جداً العودة إلى الإجراءات التقليدية لمواجهة عجز الموازنة في العام المقبل".

ودفع ارتفاع الفجوة التمويلية بين دخل الأسر ونفقاتها، العديد من العائلات إلى بيع أصولها العقارية وممتلكاتها لتغطية الالتزامات المالية المترتبة عليها، وخاصة للبنوك ومؤسسات الإقراض.

ووفق بيانات البنك المركزي، فإن قيمة ديون الأفراد بشقيها الاستهلاكية والسكنية، ارتفعت في نهاية عام 2017 إلى نحو 15 مليار دولار، بزيادة نسبتها 9% عن 2016، مشيراً إلى أن نحو 67% من دخل الأفراد يذهب لسداد الديون للبنوك وجهات أخرى دائنة.

وأعاد حسام عايش الخبير الاقتصادي، إلى الأذهان تصريح رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، عندما كان رئيساً للحكومة عام 1999، بقوله إن "الاقتصاد الأردني في غرفة الإنعاش"، وأحدثت تصريحاته ضجة كبيرة في الشارع آنذاك.

وقال عايش لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة استنفدت كل شيء يمكن عمله على مدى عقدين من الزمان، تخللهما العديد من برامح الإصلاح الاقتصادية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، التي فشلت وصفاته في تحسين الاقتصاد الأردني، بل إنها عمقت الأزمة المالية وتسببت في تدهور خطير في مستويات المعيشة".

وأضاف أن "الوعاء الضريبي في الأردن يعتبر الأعلى من بين دول المنطقة، ويتقدم على كثير من الدول، حيث تبلغ ضريبة المبيعات عل السلع والخدمات 16%، والرسوم الجمركية تصل إلى أكثر من 150%، إضافة إلى ضرائب الدخل والرسوم المفروضة على العقارات وغيرها".

في المقابل، تعهد رئيس الحكومة عمر الرزاز بأنه لن تكون هناك رفع للضرائب في 2019، وأن 150 سلعة أساسية ضمن سلة الغذاء تم خفض ضريبة المبيعات عليها. وقال الرزاز في تصريحات لقناة رؤيا التلفزيونية، يوم الجمعة الماضي، إن "هناك إرادة حكومية لمحاربة الفقر والبطالة، ولكنها لا تمتلك عصا سحرية".

ويتوجه رئيس الحكومة، اليوم الثلاثاء، إلى الولايات المتحدة في زيارة عمل تستمر عدة أيام، بحسب بيان رسمي أصدرته رئاسة الوزراء يوم السبت الماضي، حيث سيلتقي مسؤولين في الجهات والمنظمات الدولية المانحة وصندوق النقد والبنك الدولي وممثلين عن القطاع الخاص.

وتهدف الزيارة، وفق مصادر أردنية في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى "وضع مسؤولي صندوق النقد الدولي في صورة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة إزاء زيادة الإيرادات المحلية، وبخاصة إقرار قانون ضريبة الدخل الجديد".