حكومة الأسد تطارد الباعة الجائلين

حكومة الأسد تطارد الباعة الجائلين

17 نوفمبر 2016
تزايد اعداد العاطلين في سورية (Getty)
+ الخط -
كثّفت حكومة بشار الأسد حملاتها ضد الباعة الجائلين في العاصمة دمشق، خلال الفترة الأخيرة، وفي هذا الإطار أغلقت محال ملابس المستعملة وأكشاكاً غير مرخصة بحجة إعاقة حركة المرور وتشويه العاصمة، ويأتي ذلك في الوقت الذي منحت فيه تراخيص لمقربين من النظام لتأجير عدد من الساحات العامة والسماح لهم بإشغالها. 
وتؤكد مصادر من دمشق، رفضت ذكر اسمها، أنه تمت إزالة أكثر من أربعة آلاف بسطة ومتجر في الأسواق الشعبية والشوارع الرئيسية في العاصمة. وتبرر الحكومة السورية الخطوة بانتشار السلع المخالفة للمواصفات والأغذية غير الصالحة للاستهلاك البشري، وإعادة الجمال إلى شوارع دمشق، التي شغلت معظم أرصفتها البسطات والباعة الجائلين، ما يعيق حركة المرور ويسيء إلى منظر العاصمة.
وأكد رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها عدنان دخاخني، في تصريحات صحافية، أخيراً، أن "ميول المستهلكين نحو السلع الأرخص ثمناً شكل مناخاً ملائماً للعديد من الباعة والتجار لطرح مواد وسلع رخيصة نوعاً ما لكنها رديئة ومنخفضة المواصفات، بل هناك مواد تطرح في الأسواق غير صالحة للاستخدام البشري وخاصة في مجال المواد الغذائية".
وفي المقابل، تساءل الاقتصادي السوري محمود حسين، هل البسطات التي يعيش من مردودها السوريون، في ظل عدم وجود فرص عمل، هي ما يسيء لشكل ومنظر دمشق؟ أم الحواجز الأمنية وانتشار عناصر المليشيات الإيرانية، التي تقطع أوصال دمشق وتحوّل شوارعها إلى متاهات؟
وأضاف حسين لـ"العربي الجديد" أن "الدول تمنع دخول المنتجات المخالفة والسلع الضارة إلى أسواقها، ولكن في الحالة السورية هناك ضعف ملحوظ في الأجهزة الرقابية التي تسمح بدخول تلك السلع المخالفة إلى البلاد عبر المنافذ البرية والبحرية".
وقال الاقتصادي السوري: "ادعاءات محافظة دمشق تتجاهل دور التجار الذين يتحكمون في السوق ويؤجرون الأرصفة والحدائق والممتلكات العامة ليقيموا عليها مطاعم ومحال تجارية".
وأكد ضرورة تطبيق القانون على الجميع متسائلاً، لماذا لا تتبع الحكومة سوى صغار التجار والباعة الجائلين رغم أنهم يعيلون أسرهم في ظل قلة فرص العمل والغلاء في سورية؟
وأكد مركز الإحصاء السوري (مستقل)، أن نسبة الفقر في البلاد بلغت نحو 80% والبطالة أكثر من 70%، بعد سنوات الحرب الخمس التي أتت بخسائر على البنى التحتية والاقتصاد السوري، بنحو 256 مليار دولار، حسب آخر تقرير لاتحاد العمال بدمشق.


وفي هذا السياق، قال الباحث الاقتصادي سمير قيس، لـ"العربي الجديد": "ارتفعت نسبة البطالة في سورية من 8.6% عام 2010 إلى 57.7% نهاية عام 2014 لتزيد عن 70 % نهاية عام 2015، أي يوجد نحو 3.72 ملايين عاطل من العمل، ما أدى إلى فقدان مصدر الدخل الرئيسي لنحو 12.22 مليون سوري".
وأشار قيس إلى أن عدد المنشآت السورية المتضررة من الحرب بلغت 193 ألف منشأة وعدد المتضررين بشكل مباشر من حرب النظام السوري على الثورة، يتراوح بين 400 و500 ألف عامل.
وفي حين تغيب الإحصاءات الرسمية، بسبب منع المكتب المركزي للإحصاء بدمشق (حكومي)، من إصدار أي أرقام حديثة، تؤكد تقديرات رسمية تفاقم نسبة البطالة إلى مستويات قياسية، ما ينذر بانفجار شعبي، حتى ضمن المناطق التي يسيطر عليها الأسد ويحكمها بقوة السلاح، بعد أن توقفت معظم القطاعات الإنتاجية عن العمل وتقلّص الإنفاق الحكومي وتهاوت الليرة، حسب مراقبين.
وكانت محافظة دمشق، التي تلاحق الباعة على الأرصفة، قد سمحت قبل شهرين، لأصحاب المطاعم والمقاهي، بإشغال الأرصفة، بعد أن أجّرت ضفاف نهر بردى العام الماضي.
وبررت المحافظة ذلك بأنها رخصت لأصحاب المطاعم والمقاهي الموجودة في المجمعات التجارية بوضع الكراسي والطاولات في الأملاك العامة، باستثمار هذه الأماكن، محددة بدل إيجار للمتر على الأرصفة، بين 75 و200 ليرة سورية يومياً.
كما فرضت محافظة دمشق العام الماضي قيمة بدل إشغال المتر المربع على نهر بردى بين 35 و200 ليرة يومياً، على حسب مكان الإشغال، ضمن ما أسمته "حرص المحافظة على تحصيل الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع الخدمية للمواطنين".
وتشير مصادر من دمشق، إلى أن قيمة ميزانية المحافظات من الموازنة العامة للدولة، تراجعت إلى أقل من النصف منذ بداية الثورة، بسبب تراجع سعر صرف الليرة، ما دفع المحافظة إلى البحث عن موارد جديدة بعد خسارتها الموارد من المخالفات والضرائب السابقة على الأبنية والمحال التجارية.