الأزمة السياسية تشلّ فنادق الجزائر

الأزمة السياسية تشلّ فنادق الجزائر

27 مايو 2019
السياحة ينتظرها موسم صعب وسط استمرار الحراك(بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -
تعيش الفنادق الجزائرية صدمة كبيرة قبيل أيام قليلة من انطلاق موسم السياحة الصيفية في البلاد، في ظل انكماش نشاطها منذ بداية الحراك الشعبي قبل أكثر من ثلاثة أشهر، ما بات يهدد فترة الذروة الصيفية بالفشل.
ويتخوف ملاك فنادق من خسائر باهظة في ظل غياب بوادر انفراج الأزمة السياسية، التي كان آخر فصولها غياب المرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو/ تموز المقبل، من جراء الرفض الشعبي لتنظيمها تحت إشراف رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي المحسوبين على نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي أطاحه الحراك، ما يدفع نحو تأجيلها إلى نهاية السنة.

أضرار بالغة
في وقت يتمسك فيه الجزائريون بإطالة عمر "حراكهم الشعبي" الذي طوى أسبوعه الـ 14، إلى حين ترجمة مطالبهم السياسية بتغيير جذري للنظام السياسي وإسقاط ما بقي من تركة بوتفليقة، بدأت الهزات الارتدادية للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، تخلف وراءها أضراراً على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ولا سيما السياحة إذ بدأت عمليات "إلغاء حجوزات" تتهاطل على الفنادق الجزائرية.
في قلب العاصمة، وعلى بعد أمتار من البريد المركزي "مركز حراك الجزائريين" يقع فندق "البريطانيك" الشهير، إذ يكشف مسؤول العلاقات التجارية فيه مقران أوقاسي، أن "الحجوزات تراجعت بقرابة 60 بالمائة، مقارنة بالسنة الماضية".

وقال أوقاسي لـ "العربي الجديد"، إن "الفندق يعدّ من بين الوجهات الأولى للأجانب وحتى الجزائريين الذين يأتون في مهمات عمل خاصة، لكونه في وسط العاصمة وقريباً من الوزارات والإدارات، لذلك هو مُفضل، إلا أنه ومنذ بداية الحراك بدأنا نلاحظ تراجع الحجوزات، قابله أيضاً إلغاء حجوزات مؤكدة سابقة.
وتابع: الجزائر تعيش مرحلة تاريخية نأمل أن توصلنا الى بر الأمان، وعندها سنتحدث عن السياحة الحقيقية في الجزائر.

فنادق مغلقة
لا يختلف حال فندق "بريطانيك" عن حال العشرات من الفنادق في العاصمة الجزائرية، التي استغل بعض ملاكها مرور نشاطها بمرحلة ركود حادّة، لإطلاق ورش إعادة تهيئتها تحسباً لما قد يحمله المستقبل للبلاد.
مالك فندق "بست نايت هوليداي" في الضاحية الشرقية من العاصمة، قرب مطار الجزائر الدولي، جمال شباطة، فضّل غلق الفندق منذ منتصف إبريل/ نيسان الماضي، وذلك عقب تهاوي حجوزات الفندق.

يكشف شباطة لـ "العربي الجديد"، أن الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر التي بلغت درجة متقدمة من التعقيد، أثّرت على صورة البلد. وقال: "طبيعي أن يخاف الأجانب من زيارة بلد يعيش توتراً سياسياً، وفراغاً بالمؤسسات كما تعيشه الجزائر".
وأضاف المتحدث لـ "العربي الجديد"، أنه "بحكم نشاطه يحتك كثيراً بالأجانب في فندقه، ولمس فيهم تخوفاً من المجهول، رغم سلمية المسيرات والتظاهرات، إلا أن الحذر واجب، فمثلاً السفارة الفرنسية ألغت دورة تدريبية كانت مبرمجة على ثلاث دفعات في الفندق، وألغت حجوزات الخبراء الأجانب"، وهو ما دفعه لاستغلال هذه الفترة الحرجة لإطلاق أشغال داخل الفندق.

مرحلة حرجة
تهاوي حجم الحجوزات في الفنادق الجزائرية، كشف عنه المدير العام لمجمع سياحة "فندقة وحمامات معدنية" الحكومي، لزهر بونافع، الذي أكد أن "الوضع السياسي الذي تعرفه الجزائر منذ أزيد من ثلاثة أشهر، بدأت آثاره تظهر جلياً على المؤسسات الفندقية والسياحية في البلد من خلال تراجع النشاط في هذه الفترة، إذ بلغ التراجع في الحجوزات 85 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية".

وأضاف بونافع لـ"العربي الجديد"، أن "قطاع الفندقة يعيش مرحلة حرجة، تتزامن مع انطلاق فترة الحجوزات الصيفية، والخوف أن تخسر الفنادق السيّاح المحليين، الذين بدأ عددهم في التراجع في السنوات الأخيرة، بسبب تفضيلهم لوجهات سياحية في الجوار، ما يؤثر على قطاع السياحة الذي شهد انتعاشاً في السنوات الأخيرة، دفع بمساهمة القطاع في الناتج الداخلي من 0.8 بالمائة إلى 3 بالمائة".

وفي 2016، كشفت أرقام رسمية لوزارة السياحة التونسية عن توافد 1.8 مليون جزائري إلى تونس، من جملة 5.3 ملايين سائح، وفي 2017 ازداد عددهم بنسبة 59.8 في المائة.
وما زال أداء السياحة الجزائرية دون التوقعات، على الرغم من امتلاك البلاد موارد طبيعية وإمكانات كبيرة.
ويؤكد خبراء سياحة أن القطاع يعاني من غلاء الأسعار، وتدني الخدمات والعديد من المشاكل، بالإضافة إلى سوء إدارة الحكومة لهذا الملف، ما أدى إلى ضعف الأداء السياحي وتراجع الإيرادات، قابله تراجع ميزانية القطاع الذي راهنت عليه الجزائر لتنويع عائدات البلاد المحصورة في بيع النفط، إلى 360 مليون دولار السنة الحالية بعدما كان 370 مليون دولار السنة الماضية، وهي الميزانية التي لم تتوقف عن التقلص منذ بداية الأزمة المالية سنة 2014.


المساهمون