دور هامشي لـ"أوبك" بالسوق... ماذا لو سقط مادورو؟

دور هامشي لـ"أوبك" بالسوق النفطية... ولكن ماذا لو سقط مادورو؟

05 فبراير 2019
محطة وقود في أميركا (Getty)
+ الخط -
فقدت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، بوصلة توجيه أسواق النفط وتحديد أسعارها عبر موازنة الطلب والعرض، خلال الفترة الأخيرة. وإلى درجة كبيرة، أصبحت المنظمة البترولية التي كانت ترفع وتخفض أسعار النفط بكلمة واحدة، لعبة في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يوجهها بتغريداته لحماية مصالحه السياسية ومصالح شركات النفط الصخري الأميركي.
 
وبالتالي، باتت اجتماعات "أوبك" بقيادة الرياض التي تنسق مع موسكو ثم تملي قراراتها على بقية الأعضاء، اجتماعات رمزية. وتدريجياً، أصبحت المنظمة تلعب دوراً هامشياً في صناعة السوق النفطية.

على صعيد تأثير دور ترامب، يمكن ملاحظة تغريدتين، كان لهما الأثر في توجيه سياسات "أوبك" وضرب الانتعاشة النفطية التي شهدتها أسعار النفط، خلال العام الماضي، الأولى كانت خلال شهر أكتوبر/تشرين الثاني التي سبقت انتخابات النصف في الكونغرس، والتي كان يرغب فيها ترامب خفض سعر الوقود في أميركا ليسهل مهمة أعضاء حزبه في الفوز في الانتخابات ويحتفظ بالأغلبية في المجلسين.

أما التغريدة الثانية، فكانت بخصوص حث السعودية على رفع الإنتاج لتعويض النفط الإيراني، والتي كانت قاصمة الظهر لـ "أوبك".

ما حدث في النصف الثاني من العام الماضي، انتعشت أسعار النفط لتصل إلى 86 دولاراً، في سبتمبر/أيلول، ثم تدهورت لتصل إلى 50 دولاراً لخام برنت في الربع الثالث من العام الماضي.

ويعود هذا التدهور في الأسعار إلى تغريدة الرئيس ترامب التي طلب فيها من الملك سلمان، ملك السعودية، زيادة الإنتاج لتعويض أي نقص يطرأ في إمدادات النفط العالمية، بسبب حظر النفط الإيراني.

وفعلاً، رفعت السعودية إنتاجها من حوالى 10 ملايين برميل يومياً إلى 11.07 مليون برميل يومياً. ولكن المأساة أن "أوبك" فوجئت بإعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إعفاء ثماني دول من المستوردين الكبار للنفط الإيراني.

وبالتالي، تحوّل النقص في الإمدادات النفطية في الأسواق العالمية إلى صفر، فيما زاد الإنتاج السعودي بأكثر من مليون برميل يومياً ليخلق تخمة في أسواق النفط.

وتدهورت أسعار النفط لتفقد حوالى 30 دولاراً في شهرين، وبدلاً من الاتجاه الصعودي لأسعار النفط الذي توقعت له مصارف كبرى أن يبلغ 100 دولار للبرميل، حدثت انتكاسة كبرى خسرت بموجبها "أوبك" وأعضاؤها عشرات المليارات من الدولارات ولا تزال تخسر.

على صعيد، أخطاء سياسات "أوبك" والمنتجين خارجها، تقول محللة الطاقة الأميركية جوليان لي، في تحليل بوكالة بلومبيرغ، إن انتعاش إنتاج النفط الصخري في أميركا، يعود في جزء كبير منه إلى أخطاء "أوبك" والمنتجين خارجها، حيث ينتهي كل خفض في الإنتاج تقره المنظمة البترولية وحلفاؤها إلى زيادة في إنتاج النفط الأميركي.

وبالتالي، تتوقع الخبيرة لي، أن "أوبك" ربما سيكون عليها أن تواصل الخفض لفترات طويلة، إذا كانت تأمل في تحسّن أسعار النفط. وحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأخيرة، فإن إنتاج النفط الأميركي ارتفع إلى 11.8 مليون برميل يومياً، في يناير/كانون الثاني الماضي، لتصبح بذلك أميركا أكبر منتج للنفط في العالم.

وتتوقع الإدارة التي تراقب السوق النفطية لصالح الحكومة الأميركية، أن تتمكن أميركا من أن تصبح "مصدراً صافياً" للنفط والمشتقات النفطية في عام 2020، وتتمكن من تصدير 1.2 مليون برميل يومياً كإنتاج صاف.

ويذكر أن الولايات المتحدة، هي أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث تستهلك يومياً حوالى 20 مليون برميل، أي حوالى خمس الإنتاج العالمي البالغ 100 مليون برميل يومياً، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

ويرى محللون أن "أوبك"، لم تستثمر بشكل كاف في تقنيات خفض كلف الإنتاج مثلما فعلت شركات النفط الأميركية. وبالتالي، ربما يتحول العديد من أعضائها إلى منتجين خارج المنافسة في حال حدثت تغيرات جيوسياسة في دول أميركا اللاتينية.

وعلى الرغم من أن أزمة فنزويلا حالياً تساهم في زيادة طفيفة في أسعار النفط، إلا أنه في حال سقوط نظام الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، وصعود زعيم المعارضة الموالي لواشنطن خوان غوايدو للحكم، فإن ذلك سيحدث شبه انقلاب في معادلة النفط العالمية، خاصة على صعيد المعروض النفطي. وذلك ببساطة، لأن فنزويلا التي تملك أكبر احتياطات النفط في العالم وتقدر بحوالى 300 مليار برميل، ستتحول بسرعة إلى منتج نفطي ضخم.

وذلك بفضل زواج التقنية المتقدمة التي تملكها الشركات الأميركية والحقول الغنية بالخامات النفطية التي لدى فنزويلا. ويذكر أن إنتاج فنزويلا انخفض من 3.6 ملايين برميل يومياً إلى 1.1 مليون برميل يومياً. ومن غير المعروف ماذا كانت فنزويلا في حال سقوط النظام الحالي ستستمر عضواً في منظمة "أوبك".
ويذكر أن أسعار النفط ارتفعت، أمس الإثنين، إلى أعلى مستوى منذ بداية العام، نتيجة للمخاوف من تطورات فنزويلا. حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت إلى أعلى مستوى منذ بداية عام عند 63.37 دولارا للبرميل في التعاملات الصباحية، بعد أن صعدت ثلاثة بالمائة في الجلسة السابقة.

وسجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي أعلى مستوى هذا العام عند 55.68 دولارا للبرميل، بعد أن ارتفعت بالفعل 2.73% في الجلسة السابقة. ولكن جزءا من هذا الارتفاع يعود إلى انخفاض سعر صرف الدولار.