البطالة في السعودية: ارتباك حكومي وتضارب في الإحصائيات الرسمية

البطالة في السعودية: ارتباك حكومي وتضارب في الإحصائيات الرسمية

05 مارس 2015
سعوديون يشتكون من البطالة (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


رغم النمو الاقتصادي الملحوظ الذي حققته السعودية في السنوات الأربع الماضية، إلا أن كل الجهود الحكومية لم تنجح في حل مشكلة البطالة، فزادت نسبة العاطلين إلى 11.8% عام 2014 مقارنة بنحو 11.7% عام 2013، وفقاً لمصلحة الإحصاءات والمعلومات (حكومية).

وحسب محللين اقتصاديين، يظهر ارتباك الوزارات المختصة في التعامل مع هذه الأزمة، في

تصريحات وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، محمد الجاسر، مؤخراً، والتي قال فيها "إن البطالة من سنن الله وكانت حاضرة منذ عصر النبوة وباختلاف المجتمعات صناعية كانت أو نامية"، ما أثار ردود أفعال ساخرة في الأوساط الاقتصادية ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف الجاسر في تصريحاته "إذا تم أخذ الإحصاءات الدولية للبطالة نجد أنها في المملكة أقل من 6%، والبطالة بين الرجال السعوديين وغير السعوديين تقدر بأنها حوالى 2.8% فقط"، وهو ما يتضارب مع الإحصائيات الرسمية التي تؤكد أن نسبة البطالة تبلغ 11.8%.

سياسات اقتصادية متضاربة

ويرى المحللون الاقتصاديون أن تضارب الإحصائيات يعكس ارتباك خطط وزارة العمل غير المدروسة، ما تسبب في تفاقم البطالة في السعودية، وهو ما أكده عضو مجلس الشورى السابق وأستاذ الاقتصاد، الدكتور سعود محمد القنيبط، لـ"العربي الجديد"، على أن تخبط واضطراب خطط الوزارة ساهما في تفاقم البطالة السعودية.

وقال، "لا توجد إحصاءات دقيقة عن البطالة في السعودية، فتصريح وزير الاقتصاد بأن نسبة البطالة بالمملكة 6% فقط، دليل على عدم وجود تواصل بين الجهات الحكومية وعلى أن الوزارة لا علاقة لها بمصلحة الإحصاءات، وأن وزارة العمل ليست أحسن حالاً منها".

وفي منتدى الرياض الاقتصادي الذي أقيم مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، اعترف المشاركون فيه أن السياسات الاقتصادية السابقة لم تنجح في إيجاد فرص عمل ملائمة ومستدامة، بسبب تركز معظم الشركات الكبرى في المدن الرئيسية وابتعادها عن المراكز السكانية الأقل كثافة سكانية، واعتبروا أن وجود نظامين للعمل بالقطاعين العام والخاص من الأمور التي تؤدي إلى عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص، لأنه لا يوفر الأمان الوظيفي الكافي لهم.

وشددوا على أن أهم معوقات العمل لدى الشباب السعودي هي عدم ملائمة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل وضعف برامج التدريب والتأهيل وتدني الرواتب وعدم تهيئة بيئة جاذبة لعمل المرأة.

ودفعت هذه الأوضاع المتأزمة في سوق العمل إلى استغلال كثير من رجال الأعمال الموقف وتوظيف السعوديين برواتب متدنية محاربين بضراوة أي فكرة أو اقتراح لرفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، ومهدّدين بأن أي محاولة في هذا الجانب ستزيد من تكلفة الإنتاج وهو مما يؤدي إلى رفع الأسعار للمواطنين في نهاية المطاف.

مخاطر سوق العمل

وقد تتسبب السياسات السعودية الحالية تجاه أزمة البطالة، في انهيار سوق العمل من خلال تستر الوزارات على" السعودة الوهمية" التي تنهش القطاع الخاص، حسب المحلل الاقتصادي

برجس البرجس، لـ"العربي الجديد".

ويقول البرجس، "البطالة في السعودية مرشحة للتضاعف خلال الـ15 عاماً المقبلة، وأن هناك تقارير رسمية تقول إن عدد المشتغلين السعوديين 4.9 ملايين شخص، وتقارير رسمية أخرى تشير إلى أن العدد لا يتعدى 3.5 ملايين شخص منهم 1.2 مليون في القطاع الحكومي المدني، و800 ألف تقريباً في القطاع العسكري، و1.5 مليون شخص في القطاع الخاص".

ويضيف، "لم توضح وزارتا العمل والتخطيط ومصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، حقائق 1.4 موظف مجهولي التعريف ما يرفع معدل البطالة كثيراً".

ويشدد البرجس على أن كل تلك التقارير لا تتحدث عن (السعودة الوهمية) ولكن تحسبها لصالحها في تجميل أرقام البطالة، ويضيف، "لو تم عدم الاعتراف بها ضمن القوى العاملة، فالبطالة سترتفع كثيراً، وأيضاً التقارير تخفي البطالة المهّمشة وهي شريحة من المواطنين تم تصنيفهم خارج سوق العمل".

فشل خطط التوظيف

من جهته يشدّد المحلل الاقتصادي فهد الزيد، على أن وزارة العمل فشلت في توطين الوظائف لأنها لم تضع الخطط الصحيحة لذلك، ويقول لـ"العربي الجديد"، "ركز المسؤولون في وزارة العمل على الوظائف متدنية الرواتب وحولوا الوظائف المؤقتة لوظائف دائمة وتناسوا خلق الوظائف الحقيقية"، مؤكداً أنه لا يمكن عمل سعودة حقيقة إلا اذا ركزت الوزارة على سياسة إحلال الوسطى والعليا المشغولة بالعمالة الوافدة بموظفين سعوديين.

وطالب الزيد الحكومة بانتهاج سياسة تساعد على خلق الوظائف في القطاع الخاص، لكي يكون القطاع الخاص مشغلاً حقيقياً للشباب، مضيفاً، "نعاني من مشكلة السعودة الوهمية، فوزارة العمل تقول إنها وظفت 700 ألف سعودي في عامين ولكن في المقابل نرى أن نسبة التأشيرات للعمالة الوافدة زادت 12% وهذا يؤكد أن غالبية الوظائف التي أُعلن عن شغرها هي وظائف وهمية للتحايل على برنامج نطاقات والحصول على تأشيرات استقدام فقط".

ويتابع، "ما يحدث يضرّ بالاقتصاد الوطني لأنه يعطي مؤشرات غير حقيقية، وهو ما تنتج عنه خطط حكومية غير فاعلة فإذا كانت الحكومة تعمل على أن معدل البطالة لا يتجاوز 12% بينما هي في الحقيقة تصل لأكثر من 22%، فإن أي خطط ستنفذها لمزيد من التوظيف ستكون قاصرة عن تحقيق الهدف المرجو منها".
 
وعلى الطرف ذاته، يؤكد أستاذ الاقتصاد إحسان الخيبري، لـ"العربي الجديد"، على أنه على الأقل هناك 650 ألف مواطن عاطل عن العمل، ولا يمكن توفير وظائف لكل هؤلاء في ظل أن هناك من يفكر في جلب عمالة وافدة رخيصة.

ويقول، "تتجاوز نسبة البطالة بين النساء السعوديات 32.8%، وهي إحصائيات رسمية

صادرة من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، وتوظيفهن كبائعات أو "كاشيرات" لن يحل مشكلة البطالة".

ويضيف "من الغريب أن تجد إعلاناً لطلب موظفة استقبال ومع ذلك تكون الشروط أن تحمل شهادة عالية وتتحدث اللغة الانجليزية وفي نهاية المطاف يكون الراتب 2500 ريال فقط، هذا أمر لا يحدث إلا في السعودية للأسف".

ويقول المحلل الاقتصادي مزيد العرفج، "إن الوافدين يسيطرون على 80% من الوظائف القيادية في القطاع الخاص وأغلبيتهم غير مؤهلين علمياً ويتفوق عليهم السعودي بمراحل"، مضيفاً، "لدينا أكثر من 120 ألف سعودي تعلموا في أفضل الجامعات العالمية لا تتاح لهم فرص عمل".


اقرأ أيضاً: السعوديات الأعلى بطالة عربياً

المساهمون