إفلاس أولى شركات النفط الصخري والباقي بالطريق

إفلاس أولى شركات النفط الصخري والباقي بالطريق

17 يناير 2015
هل اقتربت شمس النفط الصخري من الغروب (Getty)
+ الخط -
حتى الآن أفلست شركة واحدة من شركات النفط الصخري في تكساس، وهي شركة "دبليو بي إتش إنيرجي". وربما تكون هذه الشركة رغم انها صغيرة بداية اقتراب فقاعة النفط الصخري الأميركي من الانفجار.
ومنذ قرار "أوبك" الأخير بالابقاء على سقف الانتاج في إجتماع فيينا، تتزايد الخسائر الضخمة التي تتكبدها شركات النفط في اميركا ويرتفع معدل إغلاق الحقول ولكن رغم ذلك، فإن إنتاج النفط الأميركي يواصل الارتفاع . وهذا لغز يحتاج إلى شرح. 
وحسب تصريح خبراء لـ "العربي الجديد" فإن معظم حقول النفط الصخري في تكساس تنتج حالياً بالخسارة تقريباً. ومعروف أن كلفة إنتاج برميل النفط الصخري تتراوح في المتوسط بين 60 و80 دولاراً، ولكن الكلفة تنخفض في بعض الحقول إلى 40 دولاراً.
وحتى الآن بلغ عدد آبار النفط المنتجة التي تم إغلاقها في أميركا 61 حقلاً، لينخفض عدد الحقول المنتجة إلى 1421 حقلاً. وذلك وفقاً لإحصائيات شركة "بيكر هيوز" الأميركية التي تعمل في الهندسة وحفر الآبار.
من جانبه قال كريستيان يولير تشسين، خبير الطاقة الزميل بمعهد جيمس بيكر التابع لجامعة "رايس يونيفرستي" لـ"العربي الجديد" إن 37 حقلاً من بين 38 حقلاً نشطاً في مجال استخراج النفط الصخري في الولاية، بات ينتج بالخسارة حالياً. وقال يولير تشسين في تعليقاته عن آثار انهيار أسعار النفط على النفط الصخري لـ" العربي الجديد"، إن عدد حقول النفط الصخري سجل عموماً انخفاضاً في أميركا عن مستويات الذروة في منتصف العام الماضي 2014 . وأشار إلى أن شركات النفط الصخري خفضت العديد من الوظائف وأن آثار انهيار أسعار النفط بدأت تظهر في النشاط الاقتصادي بولاية تكساس. وتعد ولاية تكساس وداكوتا الشمالية ومونتانا من أكثر الولايات الأميركية الغنية بالنفط الصخري.

وفي ذات الصدد شكك المستثمر الأميركي في موجودات الطاقة تيموثي غرامتوفيتش في استمرارية ثورة النفط الصخري. وقال إن العوامل التي خلقت هذا المعدل الكبير من الإنتاج، لم تعد موجودة اليوم، حيث أن فورة النفط الصخري، استفادت أولاً من التمويل الرخيص وثانياً من أسعار النفط المرتفعة. ويُذكر أن الفائدة على الدولار ظلت عند مستوى 0.25% منذ العام 2008. كما أن أسعار النفط ظلت فوق 100 دولار للبرميل طوال السنوات الأربع الماضية. وقال إن هذين العاملين لم يعودا موجودين اليوم، حيث انتهى عهد الدولار الرخيص وانخفضت أسعار النفط إلى 50 دولاراً. وبالتالي، قال غرامتوفيتش سنرى انخفاضاً كبيراً في معدلات إنتاج النفط الصخري خلال النصف الثاني من العام . وحذر غرامتوفيتش المستثمرين من وضع أموالهم في شركات النفط الصخري، خاصة الشركات التي دخلت مجال الإنتاج مؤخراً. وقال "أنا شخصياً لن أستثمر في هذه الشركات".
لا تزال الانعكاسات السلبية لتراجع أسعار النفط تلقي بظلالها على كبرى الشركات العاملة في مجال الإنتاج والتنقيب، وهو ما يمثل تحدياً، في الوقت الذي هبط فيه خام برنت اليوم إلى أدنى مستوياته منذ عام 2009 عند 48.90 دولاراً.
وفقدت كبرى شركات قطاع الطاقة مليارات الدولارات من قيمتها السوقية بعد تراجع النفط بحوالى 55% منذ الصيف الماضي، وعلى سبيل المثال بلغت خسارة "شيفرون" و"إكسون موبيل" معاً قرابة 95 مليار دولار من قيمتهما السوقية حتى الآن. ومن خلال قائمة "فورتشن 500" الشهيرة التي تحوي أكبر 500 شركة عالمية من حيث الإيرادات، توجد 24 شركة تنتج النفط والفحم والغاز تراجعت أسهم 22 منها.
ومنذ بداية يوليو/تموز وحتى نهاية العام الجديد الحالي، خسرت القيمة السوقية لشركات النفط الأربع والعشرين الكبرى في أميركا حوالى 263 مليار دولار، وذلك وفق بيانات "فاكسيت سيرش سيستمز". وهبطت القيمة السوقية لشركة "إكسون موبيل" حوالى 11.7%، وتراجع سعر سهم "شيفرون" بحوالى 17.9%. وتبقى الإشارة إلى أن الشركتين اللتين خالفتا الهبوط، هما شركة "ماراثون بتروليم" و"تيسورو"، وكلتاهما تمتلك مصافي للنفط، وهو ما يبرر الاستفادة التي حققتاها من هبوط أسعار النفط الخام في زيادة الهامش الربحي للمنتجات المكررة.
ولكن رغم توقف حفر آبار نفطية جديدة، وإغلاق العديد من الحقول، ارتفع إنتاج النفط الأميركي إلى 9.19 مليون برميل يومياً، حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وهذا لايعني أن إنتاج النفط الصخري يتحدى بذلك انخفاض الأسعار، ولكن يعني أن شركات النفط الصخري تنتج من حقول النفط التي دفعت أثمان حفرها وتشغيلها مسبقاً.
ورغم أن النفط الصخري الذي ينتج حالياً في أميركا، ينتج أكثر من 50% منه بالخسارة، إلا أن الشركات التي تنتجه تتفادى التوقف، لأن توقفها عن الإنتاج سيعني حدوث ضغوط على أسهمها، وتعرضها لمزيد من الضغوط المالية بسبب ارتفاع كلف ديونها وربما تتعرض للإفلاس.  
وتعاني شركات النفط الصخري في أميركا من عدة مشاكل، أهمها أن عمر الحقول النفطية قصير وأن معدل تدهور الإنتاج اليومي مرتفع، أي أن إنتاج البئر يمكن أن ينخفض من مائة ألف برميل يومياً إلى 10 الآف برميل في شهور. وفيما تستطيع العديد من الحقول المنتجة حالياً من الإنتاج، لأن تكاليف حفر الحقل والتجهيزات الخاصة بالانتاج قد دُفعت مسبقاً، وتستمر شركات أخرى في الإنتاج بالخسارة لتلافي نتائج الإغلاق المترتبة على خسارة أسهمها وارتفاع كلف تأمين وخدمة ديونها. فلايعني ذلك ان صناعة النفط الصخري كسبت جولة الصراع ضد السعودية ودول الخليج.  
وبالتالي فصراع تهشيم العظام مستمر بين منظمة "أوبك" وشركات إنتاج النفط الصخري في أميركا. وهذا الصراع رغم كلفته العالية على دول الخليج، التي تقود دفة المنظمة البترولية، إلا أنه في النهاية ستتنصر فيه دول الخليج التي فضلت تحمل الخسائر الباهظة على المدى القصير، في سبيل استعادة هيمنتها مرة أخرى على سوق النفط العالمي على المدى الطويل.

صراع البقاء والحصص

لايزال السؤال المطروح في أسواق النفط، منذ نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الذي رفضت فيه منظمة"أوبك" خفض الإنتاج، يبحث عن إجابة، وهو من يملك القوة والقدرة على البقاء مع تدهور الأسعارنحو 45 دولاراً لخام غرب تكساس، وما هو السعر الذي سيتمكن فيه النفط الصخري من الصمود في هذا الصراع المكشوف؟
وحتى الآن لم تظهر السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، أي دلالة على أنها تدرس خفض إنتاج النفط لدعم الأسعار حتى مع هبوطها دون 50 دولاراً للبرميل. وذلك رغم الاستجداء الإيراني وزيارة الرئيس الفنزويلي التي انتهت الإسبوع الماضي.

المساهمون