المغرب يعتزم ربط زيادة الأجور بإنتاجية الموظفين

المغرب يعتزم ربط زيادة الأجور بإنتاجية الموظفين

19 يونيو 2018
مطالب بوضع التضخم في الاعتبار عند زيادة الأجور (Getty)
+ الخط -

يتجه المغرب نحو ربط الأجور في الوظيفة الحكومية، بمردودية الموظفين، وليس بالانتماء والأقدمية، في سياق متسم بالحديث عن فوارق واختلالات تعتري منظومة الأجور بالمملكة. 

وأكد وزير الوظيفة العمومية، محمد بنعبد القادر، حين مثوله أمام مجلس النواب، أن الحكومة تنوي إعادة النظر في الوظيفة العمومية، حيث ستحتكم لمبدأي الإنصاف والكفاءة. وذهب الوزير، في تصريحاته، أول من أمس، إلى أن متوسط الأجور في المغرب ارتفع في العشرة أعوام الأخيرة، حيث ارتفع من 540 دولارا في الشهر إلى حوالي 770 دولارا في الشهر بين 2007 و2016.

ويشير تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، إلى أن الأجر الصافي المتوسط في المغرب، يمثل حوالي ثلاثة أضعاف الناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد، مقابل 1.2 ضعف في فرنسا.

ويعتقد مراقبون أن عدد الموظفين غير مرتفع بالمغرب، حيث لا يتعدى 5 % من من إجمالي السكان النشطين البالغ عددهم 11 مليونا، متسائلين حول الأسباب التي تدفع الدولة إلى الشكوى من عدد الموظفين، في الوقت الذي يعاني التعليم والصحة من نقص كبير على مستوى الموظفين.

وينحصر المشكل في المغرب في الفوارق في الأجور، التي ترتفع من واحد إلى أكثر من ثلاثين مرة في المغرب، وهي فروق قد تصل إلى مستويات قياسية عند الأخذ في الاعتبار أجور المسؤولين الكبار في مؤسسات الدولة وشركاتها.

واعتبر الوزير أن المشكل الذي تعرفه منظومة الأجور في المملكة، عائد إلى اعتماد نموج قائم على ربط تلك الأجور بالأقدمية والفئة، مشيرا إلى أنه يجب تغيير ذلك من أجل الاسترشاد أكثر بالكفاءة والمردودية.

وتسعى الحكومة إلى إعادة النظر في مبدأ الاستقرار الوظيفي والتوجه نحو ترسيخ التعاقد في الوظيفة الحكومية، في سياق اعتبارها أن كتلة الأجور وصلت إلى مستويات مرتفعة، على اعتبار أن 583 ألف موظف يتلقون حوالي 12 مليار دولار.

وتتطلع الحكومة إلى التحكم في كتلة الأجور في الوظيفة الحكومية، من أجل حصر عجز الموازنة في حدود 3 %، بينما تلح الاتحادات العمالية على ضرورة اعتماد زيادة عامة في الأجور.
واقترحت الحكومة في الحوار الاجتماعي الأخير زيادة بـ30 دولارا على مدى ثلاثة أعوام، في أجور فئة محدودة من الموظفين، وهو ما قوبل بالرفض من الاتحادات، ما ساهم في عدم التوصل إلى اتفاق قبل عيد العمال الأخير.

ودعت الحكومة إلى العودة لنظام كان اعتمده المغرب في الستينيات من القرن الماضي، ويقوم على ربط الزيادة في الأجور تبعا لمستوى التضخم، غير أن الحوار الاجتماعي لم يعمق النقاش حول ذلك المقترح.

ووعد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني باتخاذ تدابير لها علاقة بتحسين الدخل في مشروع قانون مالية العام المقبل، في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الاتحادات العمالية قبل بلورة الموازنة المقبلة.

من جهة أخرى، دعا اتحاد عمالي، شارك في الحوار الاجتماعي الأخير، الأجراء والمهنيين، إلى تنظيم إضراب عام اليوم الأربعاء، للتنديد بتدهور القدرة الشرائية والمكتسبات الاجتماعية والتعليم والتربية والصحة والسكن والنقل.

وتحاول الحكومة إبرام عقود مع الموظفين الكبار في الإدارة المغربية، حيث تعول عليهم من أجل تجسيد الإصلاح الذي تخطط له، غير أنهم يطالبون بتوضيح طبيعة التعاقد الذي ترنو إليه الحكومة ويشددون على ضرورة إعادة النظر في نظام المكافآت الذي لم يتطور.

ويرى رئيس الاتحاد النقابي الوطني، عبد الرحيم هندوف، أن الرغبة في التحكم في عدد الموظفين وعدم تعويض المحالين على التقاعد، وكتلة الأجور، سيؤثر على إصلاح الإدارة العمومية على اعتبار أنه سيفضي إلى إشاعة نوع من الهشاشة في وضعية الموظفين الحكوميين.

ويتساءل حول النتائج التي ستترتب على الانخراط في مسار التعاقد مع الموظفين، الذين اتضح في العام الحالي أكثر، عبر التعاقد مع مدرسين، معبرا عن خشيته من أن يؤدي ذلك إلى التأثير سلبا على جودة الخدمات ووضعية الموظفين.

ولم يتفاعل رجال الأعمال، بشكل إيجابي، مع مطالب العمال في الفترة الأخيرة، حيث رفضت شركاتهم الزيادة في الأجور، وأوصت بخفض الضريبة على الدخل، وهو ما سيساهم في تحسين إيرادات الأجراء والموظفين على حد سواء.

وسبق للاتحادات العمالية أن شددت في حوارها مع الحكومة ورجال الأعمال، على ضرورة استحضار مستوى التضخم وتراجع القدرة الشرائية للموظفين والأجراء منذ آخر اتفاق اجتماعي يعود إلى 2011.