المغرب مهدّد بفقدان آلاف فرص العمل بسبب "اللائحة الأوروبية"

المغرب مهدّد بفقدان آلاف فرص العمل بسبب "اللائحة الأوروبية"

27 مارس 2019
إعفاءات بالمناطق الحرة والمركز المالي للدار البيضاء(فرانس برس)
+ الخط -
لا يخفي مسؤولون مغاربة مخاوفهم من بقاء المملكة في اللائحة الرمادية الأوروبية للملاذات الضريبية، منتقدين الضغط الذي يمارسه الاتحاد الأوروبي، والذي يمكن أن يؤدي إلى فقدان المغرب آلاف فرص العمل في المناطق الحرة والمركز المالي للدار البيضاء.
وأثار الاتحاد الأوروبي في اتهاماته للمغرب مفهوم "الجباية الضارة"، التي تفضي إلى التآكل الجبائي أو الضريبي لدى بلدان أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى سلبيات عديدة على كثير من الشركات التي تعمل في أوروبا.

وقد اقترح الاتحاد قبل اجتماع وزراء المالية الأوروبيين الأخير، نقل المغرب إلى اللائحة السوداء، وهذا ما أشار إليه تقرير لمنظمة "أوكسفام" العالمية، إذ أخذ المغرب علما بذلك قبل خمسة أيام من الاجتماع، ما استدعى اتصالات والتعبير عن التزامات من قبل المملكة لتفادي القرار.
غضب وتحرك
ويعتبر المغرب أنه لا يمكنه تغيير الجباية بسرعة، فقد شرع في تبني بعض المقتضيات ذات الصلة بمطالب الأوروبيين، غير أنه يفترض فيه ملاءمة الجباية الخاصة بالمناطق الحرة والشركات المصدرة والخاصة بالمركز المالي للدار البيضاء التي توفر فرص عمل كثيرة للمغاربة.

ويرى مسؤولون مغاربة، حسب مصدر مطلع، لـ"العربي الجديد"، أن الأوروبيين يمارسون نوعا من التدخل غير السديد، غافلين عن الآثار التي يمكن أن تنجم عن المطالبة بالملاءمة الضريبية، علما أن بلداناً أوروبية تنتهج سياسة تسعى إلى خفض الضرائب على الشركات بهدف جذب المستثمرين، فبولونيا تطبق سعر 9 في المائة وأيرلندا تعمل بسعر 12.5 في المائة، حسب المصدر، الذي رفض ذكر اسمه.

وعبر محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، يوم الثلاثاء الماضي، عن ارتياحه لعدم ضم المغرب إلى البلدان التي التحقت باللائحة السوداء، غير أنه شدد على ضرورة أن تكتسي "المباحثات طابعا شاملا"، موضحا "نحن نتعاون معهم في ملفات مهمة، مثل الإرهاب والهجرة السرية، يجب أن يكون التعامل مع حزمة الملفات بشكل شامل".
انتقادات الأوروبيين
وانتقد الاتحاد الأوروبي اعتماد المغرب سياسة جبائية تستند إلى المناطق التفضيلية، ما يفضي إلى نوع من المنافسة غير المشروعة، حيث يتمتع المستثمرون الصناعيون في هذه المناطق بإعفاء من الضريبة على الشركات لمدة الأعوام الخمسة الأولى، قبل إخضاعهم لمعدل بـ8.75 في المائة لمدة عشرين عاما، علما أن المعدل العام المعمول به في المغرب محدد بـ31 في المائة.
ويؤكد الخبير الجبائي، محمد الرهج، لـ"العربي الجديد"، أن ما يعيبه الاتحاد الأوروبي أن منح إعفاءات لشركات صناعية أوروبية، وخاصة الفرنسية، نوع من المنافسة غير المشروعة للشركات المماثلة التي اختارت العمل في أوروبا.

ويشير الرهج إلى أن المشكل ليس في معدل الضريبة، بل عدم توحيد النسبة بالنسبة للقطاعات الأخرى، فالمعدل العام للضريبة على الشركات هو 31 في المائة والمصارف 37 في المائة.
ويلاحظ الرهج أن الأوروبيين يرون أن منح المغرب إعفاء ضريبياً لشركات صناعة السيارات مثلا، التي تصدرها إلى بلدان الاتحاد، يساهم في منافسة غير متكافئة لذلك القطاع، مشيرا إلى أن الأمر لا يقتصر على المناطق الحرة، بل يشمل، كذلك، المركز المالي للدار البيضاء الذي يمنح امتيازات للشركات هناك.

ويتصور الرهج أنه إذا ما أصر الاتحاد الأوروبي على مطالبة المغرب بمراجعة نظامه الضريبي الذي يمنح إعفاءات في المناطق الحرة والمركز المالي للدار البيضاء، فإن ذلك سيهدد وجود 550 ألف فرصة عمل في تلك المناطق المغرية للمستثمرين.
مخاطر محتملة
وتهم اللوائح الرمادية أو السوداء التي يعتمدها الاتحاد الأوروبية الجباية أو الضريبة العابرة للحدود، وتفترض أن بلدا يمكنه تطبيق معدل صفر إذا أراد ذلك، غير أن هذا المعدل يجب أن يكون موحدا، إذ لا يفترض أن يستعمل من أجل جذب الرساميل الأوروبية بطريقة تشكل منافسة غير مشروعة.
وحسب مراقبين، يمكن أن يعاني المغرب جراء عدم مغادرته اللائحة الرمادية من مشاكل عديدة، فقد يعمد الاتحاد الأوروبي إلى تضييق شراكاته مع المغرب وتقليص استثماراته، غير أن التخوّف يسود من الانزلاق للائحة السوداء، ما سينجم عنه تراجع التعامل مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين.

وينتج عن الانزلاق إلى اللائحة السوداء تشديد رقابة الاتحاد الأوروبي على الشركات متعددة الجنسيات، إذ تخضع تلك الشركات التي تريد الاستثمار في بلدان تلك اللائحة لفحص دقيق ومتشدد، كما يفضي إلى منع التمويل عنها من قبل مؤسسات التمويل الأوروبي.