حكومة الجزائر... إداريون لتسيير الاقتصاد في عز الأزمة

حكومة الجزائر... إداريون لتسيير الاقتصاد في عز الأزمة

27 مايو 2017
الرئيس الجزائري عيّن الحكومة الثامنة عشرة له (Getty)
+ الخط -


قال مراقبون إن الحكومة الثامنة عشرة للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، التي رفع عنها الستار أول من أمس الخميس، كرّست مبدأ "اللااستقرار" الذي طغى على تسيير القطاعات الاقتصادية في السنوات الماضية، على اعتبار أن أكثر المسؤولين الجدد هم من الإداريين الذين لا يتوفر أكثرهم على مؤهلات قوية تدعمه لإدارة ملفات الدولة.
ومع كثرة التعديلات الحكومية، باتت التساؤلات تطرح وعلامات الاستفهام ترسم حول المخطط الذي وضعه الرئيس الجزائري، الغائب عن المشهد منذ انتخابه لعهدة رئاسية رابعة في إبريل/نيسان 2014، لمواجهة الأزمة المالية.
وعصفت حكومة رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون، بوزراء القطاعات الاقتصادية الذين لم يعمر أغلبهم أكثر من 12 شهرا فوق كراسيهم، في وقت تعيش فيه الجزائر أصعب الأيام منذ وصول الرئيس الحالي إلى سدة الحكم قبل 18 سنة، إذ تتمير بتهاوي عائدات النفط وارتفاع البطالة والتضخم وغليان الجبهة الاجتماعية.

وحسب الخبير الاقتصادي وأستاذ علوم التسيير الاقتصادي بجامعة الجزائر أحمد كلاّم، فإن "الحكومة الجديدة كشفت عن غياب مخطط لمواجهة الأزمة المالية إذ لا يعقل أن نغير 3 وزراء للمالية في ظرف 3 سنوات كلٌ جاء بتوجهات وبرامج مختلفة عن الأخر، نفس الشيء بالنسبة للفلاحة التي عرفت 3 وزراء منذ 2015 أي منذ بداية الأزمة المالية في وقت تحدثت فيه الحكومات السابقة عن جعل قطاع الزراعة قاطرة تقود الاقتصاد الوطني لتعويض تهاوي عائدات النفط".
وعن الأسماء التي غادرت القطاعات الاقتصادية يرى نفس المتحدث في تصريح لـ "العربي الجديد" أن ذهاب وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب يعود إلى سببين الأول هو عجزه عن تحريك عجلة القطاع حيث فضل الدخول في صراعات مع الوزراء وحتى المستثمرين عوض إزالة العقبات التي باتت تنخر قطاع الصناعة كما أن ورود اسمه في قضايا فساد وتبييض للأموال كقضية "الخليفة بنك" و"تسريبات بنما" عجلت بذهابه بالرغم من كونه مقربا من محيط الرئيس بوتفليقة.

أما وزير الطاقة نور الدين بوطرفة وبالرغم من نجاحه نوعا ما في الخارج إلا أن فشله في تسيير ملف الاستثمار في قطاع الطاقة الذي تريد الحكومة إطلاقه عاجلا خاصة في مجال الطاقات المتجددة يعد السبب الرئيس لتنحيته، وفق رأي كلاّم.
وفيما يتعلق بتنحية وزير المالية الحاجي بابا عمي بعد سنة من تعيينه، قال كلاّم إن بابا عمي ذهب ضحية خلافه مع رئيس الحكومة الجديد حين رفض منحه أموالا لتمويل مشاريع السكن الحكومية مؤخرا خلال إشراف عبد المجيد تبون على قطاع الإسكان وبالتالي يستحيل أن يقبله في تشكيلته الحكومية.

وإذا كانت التساؤلات تطرح حول المغادرين للحكومة من الحكم، فإن الداخلين لقصر "الدكتور سعدان" (قصر الحكومة) لتسيير القطاعات الاقتصادية في هذا الظرف الاقتصادي الصعب، تُرسم حولهم كذلك العديد من علامات الاستفهام كونهم غير معروفين بالنسبة للرأي العام.
حيث فضل الرئيس الذي يعطيه الدستور كل الصلاحيات لتشكيل الحكومة ترقية محافظي ولايات بصفة "إداريين تكنوقراطيين" من خريجي مدرسة الإدارة الجزائرية، إلى صف الوزراء كما هو الحال مع وزير التجارة الجديد أحمد ساسي الذي كان على رأس ولاية تلمسان، بالإضافة إلى وزارة الإسكان التي عُين على رأسها محافظ ولاية عنابة يوسف شرفة، ومحافظ ولاية البليدة عبد القادر بوعزقي على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري، ومحافظ ولاية وهران عبد الغاني زعلان على رأس قطاع الأشغال العمومية والنقل. كل هؤلاء الوزراء من خريجي المدرسة الجزائرية للإدارة تدرجوا في الجماعات المحلية قبل أن يعينوا كمحافظين.

وجاء لوزارة الصناعة بدة محجوب، النائب البرلماني عن حزب الرئيس الجزائري جبهة التحرير الوطني الذي يعد خريج جامعة العلوم الاقتصادية، أما وزير الطاقة الجديد والمدير العام لشركة "سونلغاز" الحكومية المختصة في توزيع الكهرباء والغاز، فهو مصطفى قيطوني الذي عُين منتصف يونيو/حزيران 2016 على رأس الشركة خلفا لنور الدين بوطرفة.
والتحق قيطوني بـ "سونلغاز" سنة 1970 بعد تحصله على شهادة مهندس دولة في الطاقة وتدرجه في مناصبٍ داخل الشركة طيلة عقود من الزمن.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر عبد العالي رزاقي، إن "تعيين أربعة من محافظي الولايات لم يأت على أساس الكفاءة بل على أساس المكافأة، لأن الولايات التي كانوا يشرفون عليها سجلت أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة".

وعرفت تلك الولايات (عنابة وهران البليدة وتلمسان) فوزا كاسحا لحزب الرئيس بوتفليقة، وحول تعيين عبد الرحمن راوية مدير الضرائب في الجزائر على رأس وزارة المالية، قال رزاقي لـ "العربي الجديد" إن تعيينه كان متوقعا بالنظر لغياب البديل، حيث استهلك الرئيس بوتفليقة كل القائمة التي كانت مقترحة في السابق بعدما عين مدير الخزينة سابقا بابا عمي السنة الماضية والآن حان الدور على مدير الضرائب.
ويتوقع رزاقي ألا تصمد هذه الحكومة حتى الانتخابات الرئاسية المقررة في إبريل/نيسان 2019، بالنظر إلى الرهانات الكبيرة التي تنتظرها.