محصول القمح في سورية هو الأسوأ منذ 40 عاماً

محصول القمح في سورية هو الأسوأ منذ 40 عاماً

24 يونيو 2014
حقل للقمح في درعا (لؤي بشارة/فرانس برس/getty)
+ الخط -

تبدلت سورية التي كانت تصدّر وتخزن خمسة ملايين طن من القمح سابقاً، فانتقلت إلى المجاعة واستيراد القمح وندرته. إذ لم تزد التوقعات عن إنتاج 1.7 مليون طن من القمح لهذا الموسم، إثر تراجع المساحات المزروعة من1.7إلى 1.2 مليون هكتار، أي بانخفاض اقترب من 30%.
ويأتي تراجع المحصول، بعدما اجتمع الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، مع الحرب الدائرة منذ نحو ثلاثة أعوام. ويعتبر حجم محصول القمح هذا العام، الأسوأ منذ 40 عاماً.

 

جفاف وغلاء وأتاوات

 

يعزو أبو معاذ من سرمين، في ريف إدلب تراجع محاصيل الحبوب والقمح تحديداً إلى موجة الجفاف التي اجتاحت البلاد وارتفاع أسعار البذور والمازوت، وعدم ارتفاع أسعار القمح بما يتوازى مع غيره من أسمدة وبذور ومواد غذائية، إذ لم يزد سعر كيس القمح، نحو مئة كيلو، عن 4500 ليرة سورية .

 

ويضيف أبو معاذ لـ "العربي الجديد"،: وصل سعر ليتر المازوت إلى 150 ليرة سورية، الحراثة تحتاج مازوت، والري نتيجة نقص الأمطار، ما أثر على نمو القمح الذي لم يزد طوله عن 30 سنتمتراً، في حين كان في "سنوات الخير" يتعدى 80 سنتمتر.

وتأثر بالمقابل مردود الفدان (أربع دونمات) "من نحو خمسين كيساً من القمح، إلى نحو عشرين، هذا إن لم نأت على المخاطر من قصف وتشبيح وأتاوات (خوّات) تفرض علينا من الجميع".

أسامة المصطفى، من ريف حلب الشرقي، يوافق أبو معاذ لجهة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، مضافاً إليها ندرة الأسمدة وارتفاع أسعارها إن وجدت.

ويضيف المصطفى: فرض  تنظيم "داعش" على ما يعتبر خزان حلب الغذائي، مدن الباب ومسكنة وجرابلس، ضريبة على إنتاج القمح تصل إلى 5% من قيمة مبيعه، وسمى الضريبة، وفق بيان عمم على مناطق منبج التابعة لسيطرة التنظيم، "زكاة أموال" على كل من يمتلك أكثر من ثلاثة فدادين أرض (12 دونماً) . ما أدى إلى تراجع المساحات المزروعة، وأحياناً الهروب قبل الحصاد وجني المحاصيل.

 

 

بين النظام والمعارضة

يتقاسم النظام والمعارضة مناطق إنتاج القمح، وإن كانت الغلبة للمعارضة التي تسيطر على ريف دير الزور والرقة وحلب وحماة وإدلب، وهي أهم المناطق الزراعية في سورية، ليبقى لدى النظام مراكز المدن وبعض ريف إدلب وحلب الغربي وبعض مناطق الحسكة والقامشلي.

 

النظام، وبهدف قطع الطريق على من يحاول الدخول على شراء المحاصيل من الفلاحين، خصص مبلغ 80 مليار ليرة لشراء موسم القمح والشعير ورفع سعر كيلو القمح لهذا الموسم إلى 45 ليرة للقمح القاسي و44 ليرة للطري، وخصص مناطق وصوامع تخضع لسيطرته لاستجرار المحصول وشرائه في صومعة الحسكة والقامشلي ومراكز الميلبية وجرمز ومركز الصحة الحيوانية في الحسكة.

ولكن، ورغم تلك الإجراءات لم تزد كمية القمح المسلمة للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب والمؤسسة العامة لإكثار البذور عن 291043 طناً و104817 طناً من الشعير.

في الجهة الأخرى، وبعد فشل المجلس الزراعي التابع للمعارضة، الذي كان قد أعدّ مشروعاً متكاملاً لشراء المحصول من المزارعين، لم يكتب لهذا المشروع  النجاح، لعدم تأمين الرصيد المالي، والذي قُدّر بحوالى 11 مليار ليرة سورية، وكانت حكومة المعارضة المؤقتة عبر وزير المال والاقتصاد إبراهيم ميرو، قد أعلنت شراء القمح في المناطق المحررة وبالسعر الرائج .

وعللت الحكومة المؤقتة الخطوة بأنها تهدف الى تحقيق اكتفاء ذاتي، ودعم المزارعين في المناطق المحررة، فضلاً عن قطع الطريق أمام محاولات النظام لشراء محاصيل الفلاحين في هذه المناطق.

 

 

تهريب القمح

 

يقول غزال، العامل في صوامع سراقب سابقاً، إنه يتوقع ألا يصل إنتاج الشعير إلى 400 ألف طن والقمح إلى مليون طن على عكس التوقعات التي تشير الى انتاج بحجم 1.7 مليون طن، مستذكراً الإنتاج في سنوات قبل الثورة، حيث وصل في منتصف تسعينيات القرن إلى نحو 5 ملايين طن قبل أن يستقر عند عتبة 3.5 مليون طن من القمح.

ويشير غزال في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى احتمال تهريب  جزء من الموسم إلى دول الجوار نتيجة ارتفاع الأسعار.

يذكر أن سورية كانت تنتج نحو 3.5 مليون طن قبل عام 2011 توزع نحو 2.5 مليون طن منها على المخابز وتعزيز "احتياطها الاستراتيجي" لكن نسبة المخزون تراجعت إلى نحو 10 % بحسب تصريح أدلى به وزير الزراعة وليد الزعبي، عما كانت عليه قبل الثورة.

وتشير منظمة "الفاو" إلى أن سورية استوردت 1.3 مليون طن من الحبوب من بينها 890 ألف طن من القمح، بين تموز/يوليو 2013 وشباط/فبراير 2014.

 في حين تقول المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب السورية: إن صفقات استيراد القمح ارتفعت من 550 ألف طن عام 2012 إلى 2.3مليون طن عام 2013 وجل المستوردات جاءت من دول في منطقة البحر الأسود، وأن صفقات الاستيراد أبرمت خارج نظام المناقصات ودفع ثمن القمح من الأموال السورية المجمدة في المصارف الأوروبية.