إضراب السودان يشلّ الأسواق ويربك قطاعات مالية وخدمية

الضغط بورقة الاقتصاد... إضراب السودان يشلّ الأسواق ويربك قطاعات مالية وخدمية

28 مايو 2019
المحتجون يذهبون إلى العصيان المدني والإضراب (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

نفذت قطاعات حيوية بالسودان، يوم الثلاثاء، إضرابا عاما عن العمل يستغرق يومين استجابة لمطالب تحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير" لزيادة الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى المدنيين، الأمر الذي أدى إلى إرباك العديد من الخدمات وتوقف بعضها. وشمل الإضراب الوزارات ومؤسسات حكومية والسلطة القضائية والمصارف والمتاجر وغيرها من القطاعات.

وأعلن العاملون باتحاد المصارف السوداني وشركة الخدمات المصرفية الإلكترونية والقطاع المصرفي عن تنفيذهم للإضراب والعصيان المدني، وأكدوا دعمهم تنفيذ كافة خطوات التصعيد القادم. وأشار عاملون إلى أن "توقف شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية أدّى إلى تعطل عمل الصرافات الآلية".

ورصدت "العربي الجديد" في جولة ميدانية تنفيذ الإضراب بشكل كامل في بنك الخرطوم وفيصل الإسلامي والمزارع التجاري والعقاري التجاري والادخار والتنمية الاجتماعية وشركة تاركو للطيران، وسط مشاركة معظم العاملين والذين حضروا مبكرا لمواقع العمل دون الانخراط فيه.

وانتظم المشاركون في الإضراب في صفوف ووقفات احتجاجية بالشوارع العامة الرئيسة بالخرطوم وقرب مواقع عملهم، وأخذوا يرددون شعارات ويحملون لافتات مطالبة برحيل المجلس العسكري وإحالة السلطة للمدنيين.

وشمل الإضراب شركة "زين للاتصالات" إحدى أكبر شركات الاتصال بالبلاد، إذ توقفت خدماتها بسبب إضراب موظفيها. كما شارك موظفون برئاسة البنك العقاري (حكومي) بالخرطوم في الإضراب.

وأفاد حزب المؤتمر السوداني المعارض، في نشرة إعلامية، بأن العمليات الأرضية والمناولة بالميناء الجنوبي في مدينة بورتسودان شرقي البلاد، "توقفت بشكل كامل".

كما توقف العمل في الميناء البري (أكبر موقف عام للسفريات إلى مدن الولايات بالعاصمة)، ونفذ موظفو شركة "سوداني للاتصالات" إضرابا عن العمل، استجابة للدعوة، وفق الحزب المعارض.

ويأتي الإضراب العام، استجابة لدعوة أطلقتها "قوى إعلان الحرية والتغيير"، مساء الإثنين، دعت فيها إلى إضراب يومي الثلاثاء الأربعاء، في جميع أنحاء البلاد.

وتداول ناشطون صورا للإضراب في حقول النفط والتعدين شرق البلاد وجنوبها. من جهته، أوضح "تجمع المهنيين" في بيان اليوم، أن الإضراب يشمل العاصمة وكل أقاليم السودان في القطاعين العام والخاص. كما يشمل عدة قطاعات منها الصحية والهندسية، والمياه والكهرباء، والنفط والغاز، والمصانع وسكك الحديد، والنقل البحري، والنقل العام، والمصانع والقطاعات المهنية، بحسب "تجمع المهنيين".

وفجر أمس، بدأ طيارون سودانيون، إضرابًا عامًا عن العمل، استجابة للدعوة، وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات تظهر اكتظاظ عشرات المسافرين بمطار الخرطوم، بينما وصلت تعزيزات إضافية من القوات النظامية إلى عدد من المرافق الحيوية ومن بينها مطار الخرطوم الدولي.

وأشار بيان صادر عن تجمع الطيارين السودانيين إلى التزام جميع الطيارين السودانيين في كل شركات الطيران بالإضراب المعلن، الذي بدأ الساعة الثانية عشرة بعد منتصف ليل الإثنين بالتوقيت المحلي.

وكانت شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) قد أعلنت عن استمرار رحلاتها في مواعيدها المحددة وعدم إلغائها، وقالت عبر مديرها ياسر تيمو لوسائل الإعلام أمس، إن الإضراب عن العمل يخضع لتقديرات شخصية ولن يؤثر سلبا على سير العمل.

وأعلنت القاهرة، أمس، إلغاء رحلتين من مطارها الرئيسي، إلى الخرطوم أمس "نظرًا للأحداث الجارية في السودان".

وقالت شركة مصر للطيران (حكومية)، في بيان مساء الإثنين: "نظرا للأحداث الجارية في السودان تقرر إلغاء رحلتين للشركة المقرر إقلاعهما أمس، من مطار القاهرة الدولي إلى مطار الخرطوم الدولي في السابعة صباحًا والرابعة عصرًا". وأوضحت أنها تتابع تطورات الموقف "أولا بأول لمعرفة أي جديد" في هذا الشأن.

ورصدت "العربي الجديد" حدوث إغلاق شبه كامل لكافة المحال التجارية في العاصمة الخرطوم. وتراجعت حركتا البيع والشراء بشكل لافت في معظم الأسواق الرئيسة خلال اليوم الأول للإضراب وخلوها من المارة، فيما انسابت حركة المواصلات داخل ولاية الخرطوم بصورة عادية.

وأكد أمين السياسات والاستراتيجية باتحاد أصحاب العمل السوداني سمير قاسم لـ"العربي الجديد" مشاركة معظم المصانع في الإضراب عن العمل، واصفا توقيت الإضراب نفسه بالحرج لاحتياج المواطنين للسلع الغذائية المصنعة في رمضان ومحدودية صلاحيتها للاستهلاك.

وتوقع أن تنفذ معظم المصانع غداً الأربعاء، إضرابا بنسبة 100% عن العمل بدلا من الإضراب لنصف يوم مثلما حدث أمس الثلاثاء.

ومن جانبه، أكد رئيس الهيئة الفرعية للعاملين بهيئة مياه ولاية الخرطوم محمد الحسن إدريس، أن الهيئة مؤسسة خدمية لا علاقة لها بالإضراب أو العصيان. وأوضح إدريس لوسائل الإعلام المحلية أن محطات المياه النيلية والآبار الجوفية المنتشرة بالولاية تعمل بطاقتها القصوى، موضحا أن نظام الورديات الصباحية والمسائية في المحطات كافة يعمل وفق البرمجة المعتادة وعدم توقف عامل عن أداء واجبه في أحلك الظروف والمواقف.

ودعت الهيئة الفرعية النقابية لعمال وحدة تنفيذ السدود، في بيان لها، إلى مواصلة العمل دون توقف لزيادة الإنتاج والنهوض بالسودان ورفاهية إنسانه، لافتة إلى النأي عن الاستقطاب السياسي والجهوي وعدم الخوض في أي نزاع أو جدال يعمل على تفريق الجمع والكلمة ووحدة الصف.

وفي المقابل، قلل المحلل الأكاديمي الاقتصادي بجامعة الخرطوم إبراهيم أونور، في حديثه لـ"العربي الجديد"، من أثر الإضراب المعلن على مجريات الأحداث الراهنة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير.

وقال إن الاضراب لا يمثل ورقة ضغط رابحة للوصول إلى الأهداف الرئيسة في التحول لحكومة مدنية، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية هي السلطة الحاكمة بالسودان الآن ولا يمكن تغييرالنظام عبر العصيان المدني.

وشهدت الخرطوم ومدن أخرى، خلال الأيام التي سبقت الإضراب، وقفات احتجاجية لعاملين بمؤسسات حكومية وشركات عامة وخاصة وبنوك وجامعات وقطاعات مهنية، طالبت المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين.

ويعتصم آلاف السودانيين منذ إبريل/نيسان الماضي، أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة، في ظل مخاوف من التفاف الجيش على مطالب التغيير، كما حدث في دول أخرى، بحسب محتجين.

المساهمون