الأسواق تبدأ رصد خسائر الاقتصاد السعودي وهجوم أرامكو

الأسواق تبدأ رصد خسائر الاقتصاد السعودي والهجوم على أرامكو

16 سبتمبر 2019
الدخان يتصاعد من منشأتي أبقيق وخريص (Getty)
+ الخط -
لا تزال أسواق الطاقة تدرس حجم الخسائر التي تعرضت لها منشأتا النفط السعوديتين من هجمات الطائرات المسيرة التي أطلقتها مليشيا الحوثي، يوم السبت، وما يترتب على ذلك من خسائر للاقتصاد السعودي. 

وعلى الرغم من المعلومات الأولية القليلة التي صدرت عن شركة أرامكو، والتي ذكرت فيها أن الهجوم عطل إنتاج 5.7 ملايين برميل يومياً من النفط السعودي، إلا أن محللي أسواق الطاقة والاستثمار يرون أن الهجوم ستكون له تداعيات ضخمة على الاقتصاد السعودي والقدرة الإنتاجية للنفط السعودي. 

وحتى الآن ارتفعت أسعار النفط إلى 72 دولاراً، كما خسرت سوق المال السعودية حوالى 2.0%، في تعاملات أمس الأحد، ولكن عادة ما تتدخل الصناديق الحكومية في مثل هذه الحالات لمنع الانهيار في الأسهم.

وتقوم منشأتا أبقيق وخريص التابعتان لشركة أرامكو بمعالجة خامات نفطية حجمها 8.45 ملايين برميل يومياً، وهي تعد الأكبر في العالم، كما أنها تعالج الخامات الواردة من أهم الحقول السعودية، ومن بينها حقل غوار الذي يعد أكبر حقل في العالم.

وحتى الآن لم تمنح شركة أرامكو معلومات كافية بشأن متى سيتم الاصلاح وعودة المنشأتين للإنتاج، وهو ما يقلق المضاربين على عقود النفط المستقبلية خاصة تلك التي تقابل فترة الشتاء. 

في هذا الشأن، قال كبير الباحثين بمؤسسة "باكس" الهولندية، زويجن بيرغ: "هذا الهجوم لم يكشف فقط الضعف السعودي أمام هجمات الحوثي، لكنه يظهر كيف يمكن ضرب منشآت الاقتصاد السعودي بسهولة وبكلفة رخيصة، حيث لا تكلف الطائرة المسيرة أكثر 150 ألف دولار"، وذلك وفقاً لتعليقات نقلتها عنه صحيفة "نيويورك تايمز".

وفي هذا الصدد، قالت الخبيرة النفطية بمصرف "رويال بانك أوف سكتلند" البريطاني، هيلما كروفت، إن الهجوم على منشأة أبقيق تحديداً مقلق، لأن هذه المنشأة تعالج خامات من حقول رئيسية تعتمد عليها السعودية في إنتاج النفط. وقالت في مذكرة "كنا دائماً قلقين من حدوث هجوم على منشأة أبقيق". 

وقال خبراء غربيون إن الهجوم أضاف بعداً جديداً للاضطراب في المنطقة الخليجية، حيث إنه أضاف أعباء مالية جديدة على السعودية على صعد تأمين المنشآت النفطية والاقتصادية الحيوية في المملكة، كما زاد من مخاوف المستثمرين في السوق السعودي. 

ولا يستبعد محللون غربيون أن يقود هذا الهجوم النوعي إلى ابتعاد المستثمرين الأجانب عن وضع أموال في السعودية، في وقت هي في أمس الحاجة إليها وتتجه لتخصيص حصة 5.0% من شركة أرامكو.

كما لا يستبعدون كذلك هروب الثروات السعودية إلى الخارج. وكان مصرف "جي بي مورغان" الأميركي، قد ذكر في تقرير سابق أن حوالى 80 ملياردولار من الثروات السعودية هربت إلى الخارج في العام الماضي. 

وذكر تقرير نشرته صحيفة "نيوروك تايمز"، أن الهجوم أثبت ان مشتريات السعودية الضخمة من الأسلحة غير قادرة على حمايتها من هجمات مليشيا الحوثي. وهذا من المتوقع أن يخلق هاجساً أمنياً لمواطني المملكة. 

وحسب تقرير معهد السلام في العاصمة السويدية استوكهولم، فإن السعودية أنفقت 67.6 مليار دولار على شراء الأسلحة في العام الماضي، 2018.

من جانبه، يرى رئيس مجموعة "رابيدان إنيرجي غروب" الأميركية، روبرت ماكنيللي، أن "المعدات التي تحويها منشأة أبقيق ليس من السهولة إحلالها"، وذلك في إشارة إلى أن الأعطال ربما تستمر لفترة طويلة.

وماكنيللي كان مستشاراً في البيت الأبيض خلال عهد الرئيس جورج بوش. ولكن ماكنيللي لا يتوقع ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط بسبب ظروف تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي.

وتقدر شركة رابيدان الأميركية أن لدى السعودية مخزونات نفطية داخل السعودية وخارجها تقدر بحوالى 188 مليون برميل. وهذه المخزونات بحساب الفاقد الحالي من النفط المقدر بحوالى 5.7 ملايين برميل قد تكفي لتعويض الخسارة الانتاجية في النفط لمدة 37 يوماً. ولكنه يقول إن ذلك لا يمنع ارتفاع أسعار النفط. 


وعلى صعيد التداعيات المباشرة على تقييم أرامكو وتصنيف السعودية، يرى محللون أن الأسواق المالية ستراقب بشكل مكثف كيفية تطور هذا الهجوم وتداعياته. 

لكن خبيرة نفطية في لندن قالت إن هذه الهجمات بالتأكيد سترفع كلف شحن النفط السعودي وتأمينه. كما من المتوقع أن ترتفع كلفة القروض السعودية وسنداتها في الأسواق الدولية. 

وعلى الصعيد السياسي، استبعد ماكنيللي أن يساهم الهجوم في تخفيف التوتر العسكري بين واشنطن وطهران، وقال لصحيفة نيويورك تايمز: "انسوا تخفيف الحظر... نحن نتحدث حالياً عن التصعيد والمخاطر". ولكن عادة ما يرفع التوتر العسكري من فرص الجلوس على طاولة المفاوضات.