لبنان: "كارتيل" يتحكم بأسعار الصرف

لبنان: "كارتيل" يتحكم بأسعار الصرف

23 ابريل 2020
تهاوي الليرة يفاقم الصعوبات المعيشية للبنانيين (حسين بيضون)
+ الخط -

 

يواصل الدولار الأميركي تحليقه في لبنان متخطياً عتبة 3250 ليرة لبنانية عند الصرافين، بينما تتعرض السلطات المعنية لانتقادات حادة في ظل أزمة تهاوي سوق الصرف الذي أفقد المواطن أكثر من نصف قيمة راتبه، الذي يتقاضاه بالعملة الوطنية، وبات ضحية احتكار التجار للسلع والمواد الغذائية التي تشهد جموحاً خطيراً في الأسعار وانكماشاً للقدرة الشرائية.

كُثرٌ يؤمنون بأنّ سعر صرف الدولار يخضع للعبة العرض والطلب، أو على الأقلّ هذا ما يحاول الصرافون والمعنيون في القطاع المصرفي إقناع اللبنانيين به لتبرير انتشار العملة الصعبة عند الصرافين وتغطية احتياجات السوق بالدولار، بيد أنّ الحقيقة تكمن في أنّ الصرافين هم الذين يحددون العرض والطلب ويتحكّمون بأسعار الصرف في تجاوز واضح وصريح لقانون النقد والتسليف، بحسب ما يؤكد نائب رئيس لجنة حماية المستهلك في نقابة المحامين المحامي عيسى النحاس لـ"العربي الجديد".

ويقول النحاس إنّ القانون هو المرجع الوحيد لتحديد سعر العملة الوطنية وليس العرض والطلب، حيث إنّ المادة الثانية من قانون النقد والتسليف الصادر بالمرسوم رقم 13513 في 1/8/1963 تنص على أنّ القانون يحدد قيمة الليرة اللبنانية بالذهب الخالص.

في حين تنصّ المادة 229 منه على أنّه ريثما يحدد بالذهب سعر جديد لليرة اللبنانية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وريثما يثبت هذا السعر بموجب قانون وفقاً للمادة الثانية، يتخذ وزير المالية الإجراءات الانتقالية التي تدخل حيز التنفيذ بالتواريخ التي سيحددها.

وبحسب البند الأول، يعتمد لليرة اللبنانية بالنسبة الى الدولار الأميركي المحدد بـ0.888681 غرام ذهب خالص سعر قطع حقيقي أقرب ما يكون من سعر السوق الحرة يكون هو السعر الانتقالي القانوني لليرة اللبنانية. وبالتالي فإنّ وزير المالية هو الذي يحدد سعر العملات الأجنبية الا أنّه لم يستعمل هذه الصلاحية، وفق رئيس لجنة حماية المستهلك في نقابة المحامين.

ويقول إن توقيف عدد من الصرافين الصغار لن يحلّ مشكلة الفوضى في سعر الصرف، لأنّ من يتحكمون به ليس هؤلاء إنما 3 الى 4 من كبار الصرافين في لبنان يتحكمون بالأوراق المالية وهم من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة يرمون حوالي 3 مليارات دولار نقدياً في السوق.

ويضيف أن كبار الصرافين يحددون العرض والطلب، ما أدى بالتالي إلى ارتفاع أسعار السلع مع احتكار أصحاب الأموال للاستيراد والتصدير وجني الأرباح غير المشروعة، في ظل غياب حماية المستهلك وتغطية السلطات اللبنانية لهذه العمليات من خلال عدم القيام بواجباتها في ما خصّ التدخل لمنع الاحتكار وحماية المستهلك.

ويشير إلى أن غياب الدور الرقابي لمصرف لبنان، جعل الصرافين يشترون الدولارات وفق السعر الأخير الذي حدده بـ2000 ليرة مقابل الدولار، بينما يبيعون الدولار نفسه للناس بـ3200 ليرة.

ويعتبر النحاس أن المشكلة الأساسية تكمن في "الكارتيل الكبير" الذي يتحكم بسعر الصرف وعلى النيابة العامة المالية أن تتابع حركتهم المالية في السوق ومعرفة مصدر أموالهم، خصوصاً أنّ الصرافين لا يصرّحون عن أموالهم لوزارة المالية ولا يدفعون الضرائب وهذه كلّها مخالفات فاضحة.

وفي تشديد للقيود على سوق صرف العملة، وبغية استقطاب العملة الصعبة لتعزيز احتياطي الدولار لديه، أوعز "مصرف لبنان" المركزي، الثلاثاء الماضي، إلى المصارف بسداد سحوبات الدولار بالليرة اللبنانية بسعر سوق يُحدّده كل مصرف يومياً ويعلن عنه، لكن بشرط موافقة العميل، على أن يسرى العمل بهذا الأمر لمدة ستة أشهر.

وبموجب القرار، يتعيّن على كل مصرف الإعلان يومياً عن سعر السوق المعتمد لديه، لكن تبقى سائر العمليات بالدولار الأميركي التي تقوم بها المصارف مع عملائها خاضعة للسعر الذي يحدده "مصرف لبنان" في تعامله مع المصارف.

المساهمون