مذكرات تفاهم وخطابات نوايا.. حصيلة مؤتمر الاستثمار السعودي

مذكرات تفاهم وخطابات نوايا.. حصيلة مؤتمر الاستثمار السعودي

24 أكتوبر 2018
حملات شعبية تطالب بالكشف عن الحقائق (Getty)
+ الخط -


رغم إعلان الحكومة السعودية عن إبرام عقود وصفقات تزيد قيمتها عن 50 مليار دولار خلال اليوم الأول لمؤتمر الاستثمار، إلا أن تقارير غربية أشارت إلى أن معظم هذه الاتفاقات عبارة عن خطابات نوايا ومذكرات تفاهم وليست عقوداً فعلية. 

وأعلنت المملكة عن هذه الاتفاقات في إظهار لاحتفاظها بقدرتها على جذب الاستثمارات الخارجية، وذلك خلال مؤتمر قاطعه سياسيون غربيون ورؤساء شركات عالمية كبرى، إلا أن مستثمرين غربيين استبعدوا تحويل الصفقات المعلنة لاستثمارات حقيقية يجري تنفيذها لاحقا.

في هذا الصدد، قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية، إن الحكومة السعودية تعتزم إقامة مراسم توقيع علنية لبعض الاتفاقات، التي ستكون في الأغلب مذكرات تفاهم وليست قرارات استثمار نهائية.

واعتبرت "بلومبيرغ" أن السعودية "تسعى من إعلان هذه الاتفاقيات إلى إيصال صورة بأن العمل يجري بصورة طبيعية في المؤتمر، الذي شهد مقاطعة دولية ملحوظة والعشرات من إلغاءات المشاركة من كبار المصرفيين والمسؤولين التنفيذيين وكبار الشخصيات".

وسعت السعودية، اليوم الاربعاء، لاستمالة الشركات الأجنبية المنسحبة للعودة مرة أخرى للعمل بالمملكة، حيث قال أحمد الخليفي، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، إن المملكة لن تعاقب البنوك الأجنبية التي قاطعت مؤتمر الاستثمار.

كما أعاد التأكيد على التزام بلاده بالدفاع عن ربط عملتها بالدولار بعد بعض الضعف الذي سجله الريال في الآونة الأخيرة.


وقال محافظ البنك المركزي السعودي إنه سيظل بوسع المؤسسات التي انسحبت من المؤتمر السعودي التقدم بطلبات للحصول على تراخيص مصرفية للعمل في المملكة.

وتتنافس أكثر من نحو 10 بنوك لديها تراخيص لإدارة فروع في السعودية على الأنشطة الناتجة عن مساعي المملكة لتقليص اعتمادها على إيرادات النفط.

وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، ورئيس البنك جيم يونج كيم، ووزير الخزانة الأميركي ووزراء ومسؤولون كبار من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا، قد ألغوا مشاركتهم في المؤتمر على خلفية مقتل خاشقجي.

وتتخوف الشركات العالمية الكبرى على سمعتها من تطور قضية خاشقجي وكذلك من العقوبات المتوقعة على النظام السعودي، بعدما بات شبه مؤكد أن دول العالم وقادتها لا يصدقون الرواية السعودية بما في ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وبعد خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تشير أصابع الاتهام بقوة إلى احتمال تورط محمد بن سلمان في اغتيال خاشقجي، وبالتالي فالشركات الأجنبية تترقب ما قد تسفر عنه التحقيقات التركية، وسط غضب شعبي عارم من النظام السعودي.

كما أن الشركات العالمية الكبرى التي حضرت المؤتمر تتخوف من احتجاجات واسعة ومقاطعات شعبية لبضائعها من قبل المستهلكين في أوروبا وأميركا، مثلما حدث للشركات التي تعاملت مع نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا والمقاطعة الجارية حالياً للشركات التي تدعم إسرائيل في أوروبا.

وأكبر دليل على مخاوف الشركات من غضب المستهلكين وحملات الضغط الشعبي ضدها، تخلي شركة سيمنس الألمانية عن عقد قيمته 20 مليار دولار لإنشاء مترو في الرياض، حيث انسحبت قبل 24 ساعة من انعقاد مؤتمر الاستثمار.

وقالت صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" الألمانية، إن قرار رئيس شركة سيمنس إلغاء مشاركته في آخر لحظة في مؤتمر الاستثمار، حدث بعد انتقاد داخلي قوي بسبب قضية خاشقجي.

وذكرت الصحيفة في عددها ليوم أمس الثلاثاء، أن قرار سيمنس جاء متأخراً، وبعد ضغط عام عقب مقتل خاشقجي. وانتقدت الصحيفة نفاق الشركات الغربية في تعاملاتها مع السعودية قائلة: "لا يجب أن يغفل الرأي العام قدر النفاق الذي تم التعامل به طوال سنوات مع الحكومة السعودية ليس فقط من منظور اقتصادي بل أيضاً سياسي". 

وكان خبير استثماري قد ذكر، يوم الأحد، أن الشركات العالمية تتخوف من التعامل مع السعودية في الوقت الراهن، ويتهمها الرأي العام بأنها تتربح من "أموال مخلوطة بدماء الناس". 

ورغم المقاطعة الدولية الواسعة للمؤتمر، إلا أن محمد بن سلمان قال، الثلاثاء، إنه راض عن المؤتمر، وذلك خلال تفقده لمقر انعقاده. وأبلغ الصحافيين قائلاً: "عظيم، مزيد من الناس ومزيد من المال".

وكان المؤتمر قد اكتسب العام الماضي اسم "دافوس الصحراء" بعدما اجتذب قطاعاً من أبرز النخب الاقتصادية التي تشارك في "المنتدى الاقتصادي العالمي" في دافوس بسويسرا، لكن دافوس سويسرا تبرأ من ارتباط اسمه بالمؤتمر السعودي.

لكن حماسة 2017 تحولت إلى صدمة بعد بضعة أيام حيث استخدم محمد بن سلمان فندق ريتز كسجن خمسة نجوم لأمراء ووزراء ورجال أعمال سعوديين كبار متهمين بالفساد.

ويواجه الاقتصاد السعودي على صعيد أدوات الاستثمار مجموعة من المتاعب منذ اختفاء خاشقجي، حيث ارتفعت كلف التأمين على سندات الدين السيادية في أسواق المال العالمية، كما هرب المستثمرون من سوق المال السعودي الذي خسر يوم انعقاد المؤتمر الاستثماري حوالى مليار دولار من قيمته السوقية.