7 مليارات دولار استثمارات سعودية في سورية تشمل إقامة مطار دولي جديد

24 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 20:57 (توقيت القدس)
منتدى الاستثمار السوري - السعودي، 24 يوليو 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد القصر الرئاسي في دمشق انعقاد منتدى الاستثمار السوري-السعودي 2025، حيث تم توقيع 47 اتفاقية بقيمة تتجاوز 7 مليارات دولار، تركزت على مجالات مثل التطوير العقاري والطاقة، مع الإعلان عن مشاريع بارزة كمطار دولي جديد.
- أكد وزير الاقتصاد السوري على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع السعودية، مشيراً إلى التعاون في الاتصالات وتقنية المعلومات، وتوقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المالي بين سوق دمشق ومجموعة تداول السعودية.
- أشاد وزير الاستثمار السعودي بتحسين مناخ الاستثمار في سوريا، معلناً عن تأسيس مجلس أعمال سعودي-سوري لتعزيز الشراكة الاقتصادية، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد السوري وخلق فرص عمل جديدة.

في مشهد غير مسبوق منذ أكثر من عقد، احتضن القصر الرئاسي في دمشق، اليوم الخميس، فعاليات منتدى الاستثمار السوري-السعودي 2025، بمشاركة أكثر من 120 مستثمراً سعودياً، وحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين السوريين، ورجال أعمال وممثلين عن غرف التجارة والصناعة في كلا البلدين. المنتدى، الذي يُعدّ الأكبر من نوعه منذ استئناف العلاقات بين البلدين، جاء في إطار زيارة رسمية يجريها الوفد السعودي إلى دمشق لبحث فرص استثمارات بين الجانبين بتوجيه مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في خطوة تعبّر عن توجه سعودي متصاعد نحو الانخراط الاقتصادي في الملف السوري بعد سنوات من القطيعة.

وشهد المنتدى الإعلان عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين، تجاوزت قيمتها الإجمالية 7 مليارات دولار (نحو 26.3 مليار ريال سعودي)، وتوزعت على مجالات حيوية تشمل التطوير العقاري والاتصالات والصناعة والسياحة والطاقة والفنادق والخدمات المالية، إلى جانب مشروعات نوعية في القطاع الزراعي. ومن بين أبرز المشاريع التي أُعلن عنها خلال المنتدى، مشروع لإنشاء مطار دولي جديد في منطقة المزة بدمشق بقدرة استيعابية تصل إلى 30 مليون مسافر سنوياً، يُنظر إليه باعتباره أحد المؤشرات على الرغبة في ربط سورية مجدداً بالإقليم والعالم.

3 مصانع أسمنت جديدة

في كلمته خلال المنتدى، أكد وزير الاقتصاد السوري الدكتور محمد نضال الشعار أهمية هذه المرحلة التي تشهد انطلاقة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين سورية والمملكة العربية السعودية. وأوضح أن الزيارة والمنتدى يعكسان رغبة حقيقية في بناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة، مشدداً على التزام الحكومة السورية بتهيئة بيئة استثمارات ملائمة عبر تبسيط الإجراءات وتقديم التسهيلات للمستثمرين المحليين والأجانب. وأضاف أن سورية تعمل على تنويع اقتصادها وتعزيز القطاعات الإنتاجية والخدمية، مع التركيز على جذب استثمارات تساهم في إعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة

، مؤكداً أن التنسيق بين الوزارات السورية والسعودية مستمر لضمان نجاح هذه الشراكات وتجاوز التحديات الاقتصادية.

وفي قطاع البنية التحتية والتطوير العقاري، كشف وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح عن توقيع اتفاقات تجاوزت قيمتها 11 مليار ريال سعودي (نحو 2.9 مليار دولار)، تشمل إنشاء ثلاثة مصانع جديدة للأسمنت بتمويل سعودي، تهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية للبناء. وأضاف أن التعاون يمتد إلى قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات عبر شراكة بين وزارة الاتصالات السورية وشركات سعودية كبرى مثل "إس تي سي" و"علم"، بهدف تطوير البنية الرقمية وتعزيز الأمن السيبراني، بالإضافة إلى إنشاء أكاديميات تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والبرمجة بقيمة تقديرية تبلغ نحو 4 مليارات ريال (حوالي 1.06 مليار دولار).

صناديق استثمارات جديدة

وبالنسبة للقطاع الزراعي، بيّن الفالح أن سورية تمتلك إمكانات واعدة، معرباً عن تطلع المملكة إلى العمل على تطوير مشروعات زراعية حديثة تشمل إنتاج الحبوب والمنتجات العضوية، فضلاً عن إقامة مزارع نموذجية وصناعات تحويلية، إلى جانب تبادل الخبرات والتقنيات الزراعية.

وعلى صعيد الخدمات المالية، أعلن الوزير عن توقيع مذكرة تفاهم بين "مجموعة تداول السعودية"، التي تدير أكبر سوق مالية في الشرق الأوسط، وسوق دمشق للأوراق المالية، بهدف تعزيز التعاون في مجالات التقنية المالية، والإدراج المزدوج، وإطلاق صناديق استثمارية جديدة، ما يشكل حافزاً لجذب رؤوس الأموال إلى السوق السورية. وأشار أيضاً إلى توقيع اتفاقية بين شركة "بيت الأباء" السعودية والحكومة السورية لبناء مشروع عقاري في حمص بتكلفة كبيرة، يُخصَّص جزء من عوائده لدعم البرامج الاجتماعية في البلاد.

وشدد الفالح على أن حجم الاستثمارات المباشرة للمستثمرين السوريين في السعودية بلغ نحو 10 مليارات ريال سعودي (قرابة 2.66 مليار دولار)، ما يعكس التكامل الاقتصادي والتوجه المتبادل نحو شراكة استراتيجية تعزز المصالح المشتركة بين البلدين.

منح المستثمرين ضمانات وحوافز

وأشاد الفالح بالخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية لتحسين مناخ الاستثمار، ومنها تعديل قانون الاستثمار في يونيو/حزيران الماضي، الذي منح المستثمرين المزيد من الضمانات والحوافز، كما أسهم في رفع مستويات الشفافية وتسهيل الإجراءات، مهيئاً بذلك بيئة أكثر جذباً للاستثمار. كما لفت إلى الانتهاء العاجل من اتفاقية حماية الاستثمار بين السعودية وسورية، التي ستدخل حيز التنفيذ قريباً، بعد إجراءات استثنائية تسهم في توفير ضمانات إضافية للمستثمرين.

وفي خطوة وُصفت بأنها تعكس جدية الرياض في بناء شراكة اقتصادية طويلة الأمد مع دمشق، أعلن وزير الاستثمار السعودي عن توجيه عاجل من ولي العهد محمد بن سلمان بتأسيس مجلس أعمال سعودي-سوري، يضم كبار رجال الأعمال من الطرفين، بهدف متابعة مشاريع استثمارات وتنمية المبادرات المشتركة. ويأتي هذا المجلس بوصفه آليةً فاعلةً لتعزيز التنسيق والشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين البلدين.

ويرى مراقبون أن المنتدى يعد أكثر من حدث اقتصادي، فهو يعكس التحولات السياسية والاقتصادية في العلاقات السورية-السعودية. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الأحمد أن الاتفاقيات التي أُعلنت خلال منتدى الاستثمار السوري-السعودي تمثل "خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد السوري وإعادة تفعيله بعد سنوات من التدهور". وأوضح الأحمد لـ"العربي الجديد" أن ضخ استثمارات بقيمة تتجاوز 7 مليارات دولار في قطاعات متعددة مثل البناء، الصناعة، الاتصالات والزراعة، سيُسهم بشكل مباشر في خلق آلاف فرص العمل للشباب السوريين، ويعزز من قدرات الإنتاج المحلي ويخفض الاعتماد على الواردات.

وأضاف أن "إنشاء مشاريع كبرى مثل المطار الدولي الجديد ومصانع الأسمنت، فضلاً عن التعاون في القطاع الزراعي والخدمات المالية، يعكس رؤية استراتيجية لبناء اقتصاد متكامل، قادر على الاستمرار والنمو"، لكنه أشار إلى ضرورة أن ترافق هذه الاتفاقيات إصلاحات مؤسساتية وقانونية لضمان شفافية الاستثمار وحماية حقوق المستثمرين والعمال على حد سواء. وأكد الأحمد أن "التعاون السعودي السوري في المجال الاقتصادي ليس فقط تجسيدًا للعلاقات السياسية المتجددة، بل يمثل بارقة أمل للانتعاش الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للسوريين".

وتضمن برنامج المنتدى لقاءات ثنائية موسعة بين رجال الأعمال السعوديين والسوريين، وورش عمل متخصصة لبحث سبل تعزيز الشراكة في القطاعات الحيوية، لفتح آفاق جديدة نحو تعاون اقتصادي طويل الأمد يخدم مصلحة البلدين.

المساهمون