اقتصاد اليمن في فوهة البندقية

اقتصاد اليمن في فوهة البندقية

20 سبتمبر 2014
العنف يفاقم من مشكلات اليمن الاقتصادية (أرشيف/getty)
+ الخط -
تفاقمت خسائر اليمن الاقتصادية على مدار اليومين الماضيين، لتشهد ذروتها أمس الجمعة بشلل جميع مرافق الدولة في العاصمة صنعاء حيث توقفت خدمات الاتصالات والانترنت، فيما تم تعليق الرحلات الجوية لشركات الطيران العربية والأجنبية لمدة 24 ساعة، بسبب احتدام المواجهات المسلحة والانفجارات بين جماعة الحوثيين والجيش.
وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد في اليمن (حكومية)، تعليق رحلات شركات الطيران العربية والأجنبية، بعد سيطرة مسلحي الحوثي على نقطة رئيسية بالقرب من مطار صنعاء الدولي، ما أستدعى تعليق الرحلات.
وقال مصدر مسؤول في الخطوط الجوية اليمنية، لمراسل" العربي الجديد"، إن قرار التعليق جاء بعد احتدام الاشتباكات وتردي الأوضاع في محيط مطار صنعاء، مشيراً الى أن توقف الرحلات سيكبد اليمن خسائر قد تصل إلى 20 مليون دولار يومياً.
والخطوط الجوية اليمنية مملوكة للحكومة اليمنية وللمملكة العربية السعودية بواقع 51% لليمن و49% للسعودية، وتمتلك في أسطولها 5 طائرات إيرباص فقط، تعمل 4 منها و1 تعطلت في مطار القاهرة، مطلع سبتمبر/أيلول الجاري ولم تصلح حتى الآن، بحسب المسؤول الحكومي.
وصعدت جماعة أنصار الله (الحوثيون) عملياتها على الأرض وقامت بمهاجمة مقار تابعة لحزب الإصلاح وقياداته (الاخوان المسلمين)، واستهدفت منشآت اقتصادية وحيوية في العاصمة، وهو ما قال خبراء اقتصاد إنه سيكبد الاقتصاد اليمني خسائر جديدة قد تدخله دائرة الانهيار.
ويعيش اليمنيون في العاصمة بدون كهرباء، على مدى ستة أيام، بعد تعرض المحطة المغذية للمدينة بالكهرباء لاعتداء في منطقة المواجهات المسلحة في (مفرق الجوف) جنوب البلاد، حيث تخوض قبائل المنطقة قتالاً ضد مسلحي جماعة الحوثي.
ولليوم السادس، تعيش العاصمة اليمنية وبعض المحافظات انقطاعاً مستمراً للتيار الكهربائي يصل في اليوم إلى 20 ساعة، بعد تعرض محطة مأرب الغازية التي تغذي اليمن بنحو 350 ميجاوات من أصل 700 ميجاوات، لاعتداء جديد. وبحسب مسؤول رسمي في وزارة الكهرباء، في تصريحات لـ" العربي الجديد"، فإن العاصمة تتم انارتها بمعدل أربع ساعات في اليوم، فيما تنقطع الكهرباء عن بقية المدن قرابة 6 ساعات وتصل الانقطاعات في المدن الساحلية إلى 4 ساعات.
وأوضح المصدر أن خطوط نقل الطاقة تعرضت لتسعة اعتداءات خلال سبتمبر/أيلول الجاري، في نفس منطقة المواجهات، محذراً من خروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة بشكل نهائي نتيجة تزايد الاعتداءات التخريبية المباشرة.
وكشف عن أن خسائر القطاع جراء اعتداءات المسلحين على أبراج الكهرباء منذ بداية العام الجاري بلغت نحو 300 مليون دولار، وبأن خطوط نقل الطاقة، تعرضت منذ مطلع العام لقرابة 30 اعتداء. واستيقظ السكان في صنعاء، أمس الجمعة، على انقطاع كلي لخدمات الإنترنت والاتصالات النقالة، وبحسب مصدر في شركة الاتصالات اليمنية، فإن الانقطاع كان بسبب تعرض كابل الألياف الضوئية في صنعاء لاعتداء جراء الحرب الدائرة هناك بين جماعة الحوثي والجيش اليمني، مشيراً الى أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لإصلاحه وبأن القطاع قد يخسر ملايين الدولارات جراء هذا الانقطاع.
وتوجد في اليمن أربع شركات للهاتف النقال، يصل إجمالي رأسمالها إلى 1.5 مليار دولار، ثلاث منها تتبع القطاع الخاص، بجانب شركة "يمن موبايل" التي تعد قطاعاً مختلطاً، وبحسب تقارير رسمية، فإن 75% من قطاع الاتصالات في اليمن تابع للقطاع الخاص، فيما يتبع القطاع العام ما نسبته 25%.
وتوقفت الحركة التجارية تماماً في العاصمة صنعاء التي يتركز فيها 90% من النشاط التجاري في البلاد، وأغلقت المحلات التجارية في أغلب المناطق والأحياء المشتعلة، وأدت المواجهات إلى توقف مصنع مياه شملان، الذي يعد أكبر مصنع للمياه المعدنية، على مستوى اليمن.
وقال جميل مرشد، مدير عام المصنع لـ"العربي الجديد": إن اشتباكات عنيفة دارت في محيط المصنع الخميس، ولم يتمكن عمال المناوبات التالية من الوصول الى أعمالهم، أمس، بسبب اندلاع مواجهات في محيط المصنع، ما أدى إلى توقف الإنتاج مؤقتاً ريثما تستقر الأوضاع. وقال مالك الدبعي، صاحب محل للملابس الجاهزة في شارع هائل، وسط العاصمة، لمراسل "العربي الجديد": "إن المواجهات المسلحة، أدت إلى موت الحركة التجارية"، مشيراً إلى اختفاء حركة الزبائن وضعف نسبة إقبالهم على المواد الاستهلاكية، رغم قدوم عيد الأضحي، الذي تنشط قبله حركة البيع ويزيد تسوق العائلات.
ويعد شارع هائل، من أشهر شوارع العاصمة إذ يوجد فيه مراكز التسوق ومحلات الملابس ويشهد حركة نشطة طوال العام تزيد في فترة المواسم والاعياد، لكنه بدا ميتاً بفعل المواجهات المسلحة وانقطاع الكهرباء.
وأدت المواجهات إلى نزوح عشرات الأسر من مناطق المواجهات في شملان التي يقدر عدد سكانها بنحو 5 آلاف نسمة، وشوهدت عشرات السيارات تقل عائلات نزحت من شارع الثلاثين ومنطقة صوفان وحي النهضة، ونزحت أغلب الأسر إلى فنادق في الأحياء البعيدة عن مناطق المواجهات، فيما لجأ البعض الآخر إلى أقاربهم.
وقال مسؤول في الوحدة التنفيذية للنازحين (حكومية) لمراسل "العربي الجديد" إن عشرات الأسر غادرت مناطق الصراع في صنعاء الى مناطق آمنة، فيما لا يزال أعداداً منها محاصرة في منازلها من شدة القصف وغير قادرة على المغادرة الى أماكن آمنة، مشيراً إلى أنهم يحاولون حصر أعداد النازحين بشكل مبدئي وتقديم المعونات اللازمة للأسر الضعيفة التي لا تمتلك المأوى والغذاء.
وبحسب المسؤول فإن أعداد النازحين في البلاد تجاوزت نصف مليون نازح، فيما تتعثر مشاريع إنسانية يستفيد منها الملايين ، بسبب بطء التمويل.

المساهمون