أزمات غزة تشتد .. نقص حاد بالوقود والغاز

أزمات غزة تشتد .. نقص حاد بالوقود والغاز

13 فبراير 2015
في فلسطين تُباع أسطوانة الغاز المنزلي بنحو 14.7 دولاراً(Getty)
+ الخط -
بين الحين والآخر، تعصف أزمة نقص كميات الوقود والغاز الطبيعي أو انعدامها كلياً، بسكان قطاع غزة الذين قاربوا على المليوني نسمة، وبالعديد من المناحي الحيوية ذات العلاقة.
ويعد إغلاق الاحتلال الإسرائيلي، لمعبر الشجاعية (ناحل عوز)، كأحد تداعيات الحصار الإسرائيلي، الذي فرض على القطاع صيف عام 2007، المتسبب الأساسي في أزمة القطاع.
وأقدم الاحتلال على إغلاق معبر ناحل عوز، شرق القطاع، بشكل نهائي، في الأول من شهر أبريل/ نيسان 2010، والذي كان مخصصاً لدخول كافة مشتقات الوقود ومنها الغاز، مما دفع أصحاب محطات الوقود والغاز على التوجه نحو معبر كرم أبو سالم التجاري، ذي الإمكانيات المحدودة جداً، لتوريد الوقود والغاز إلى القطاع.
ويقول رئيس لجنة الغاز في جمعية أصحاب شركات الوقود في غزة، سمير حمادة، لـ "العربي الجديد"، إنّ معبر ناحل عوز قبل هدمه وإغلاقه، كان مجهزاً بخزانات كبيرة الحجم، تتيح إمكانية إدخال أي كمية من الغاز أو الوقود إلى غزة، الأمر الذي يفتقر إليه معبر كرم أبو سالم، والذي لا يتوفر به أي إمكانيات تتيح تخزين الغاز أو الوقود ليوم واحد على أقل تقدير.
واعتُمد معبر كرم أبو سالم، كمنفذ تجاري وحيد للقطاع على العالم الخارجي، بعد إغلاق الاحتلال لمعبر المنطار، الذي كان يعد من أكبر المعابر التجارية في القطاع، وكذلك معبري ناحل عوز وصوفا.
ويعمل معبر أبو سالم نحو ثماني ساعات يومياً دون يومي الجمعة والسبت، ويغلقه الاحتلال أثناء فترات الأعياد والأحداث الميدانية.
ويضيف حمادة أنه بعد تدمير الأنفاق الحدودية بين مدينتي رفح الفلسطينية والمصرية، التي كانت منفذاً لدخول الوقود المصري إلى القطاع، عانى أصحاب سيارات الأجرة من أزمة وقود، نتيجة تذبذب دخوله من طرف الاحتلال، فضلاً عن ارتفاع سعره مقارنة بالوقود المصري، مما دفعهم لتشغيل سياراتهم على الغاز.

ويبين حمادة أن أنبوبة الغاز سعة 12 كيلو غراماً، تفي باحتياجات عائلة مكونة من ثمانية أفراد، لمدة 22 - 23 يوماً، بينما تستهلك سيارة الأجرة ذات الكمية خلال يوم واحد فقط، مشيراً إلى أنّ الجهات المختصة نفذت خلال الأسابيع عدة حملات للقضاء على ظاهرة بيع الغاز في الأسواق السوداء.
ويذكر حمادة أنّ متوسط ما يحتاجه القطاع في الأيام العادية من الغاز الطبيعي نحو 350 طناً، وترتفع الكمية خلال فصل الشتاء لتشغيل المواطنين المدافئ، في ظل انقطاع التيار الكهربائي، وكذلك زيادة استهلاك أصحاب مزارع الدجاج لغاز التدفئة، بالمقابل تبلغ القدرة الاستيعابية القصوى لمعبر كرم أبو سالم نحو 250 طناً في اليوم فقط.
وعانى سكان القطاع خلال الشهرين الماضيين، من افتقار منازلهم لغاز الطهي، وتأخر استلام اسطوانات الغاز لعدة أسابيع، وذلك على إثر أزمة جديدة، نشبت بسبب خلاف مالي، بين وزارة المالية في رام الله وغزة، بعدما فرضت الأخيرة ضريبة على كل أنبوبة غاز بسعة 12 كيلوغراماً، الأمر الذي رفضته هيئة البترول في رام الله.
ونتيجة لذلك، علقت هيئة البترول في الضفة، توريد الغاز إلى القطاع، قبل أن يتم الاتفاق على اعتماد سعر بيع أنبوبة الغاز، الذي حددته حكومة التوافق الوطني.
وتباع أسطوانة الغاز المنزلي، ذات الحجم المتعارف عليه (12 كيلوجراماً) بـ 58 شيكل في القطاع، أي نحو 14.7 دولاراً.
في ذات السياق، يربط صاحب شركة عالية للبترول، محمد عبد الله، بين أزمة نقص الغاز ومشتقات الوقود خاصة (السولار والبنزين) في قطاع غزة، وبين إغلاق الاحتلال لمعبر ناحل عوز قبل سنوات، والاعتماد على معبر كرم أبو سالم كمنفذ لكافة البضائع الخارجية القادمة إلى القطاع.
ويقول عبد الله لـ "العربي الجديد" إنّ الوقود والغاز، يعتبران من المواد الأساسية المطلوبة يومياً، وهما عصب الحياة للعديد من القطاعات الحيوية في غزة، كالمخابز وقطاع النقل والمواصلات، وكذلك العيادات الصحية والمستشفيات في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.

ويبلغ متوسط استهلاك سكان قطاع غزة الشهري، من مشتقات الوقود منذ نحو سبع سنوات، 25- 30 مليون لتر من مادتي السولار والبنزين، ويقترن انخفاض الكمية وزيادتها، بنشاط السوق المحلي، والحركة الاقتصادية ومدى القدرات الإنتاجية لمختلف المصانع.
من جهته، يلفت مدير الهيئة العامة للبترول في غزة، أحمد الشنطي، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ القدرة الاستيعابية لمعبر كرم أبوسالم، في حاله فتحه بدون قيود أو معيقات، لا تتجاوز مليون و300 ألف لتر من السولار والبنزين، مقسمة بين احتياجات السوق المحلي، وبين استهلاك محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع.
وكان قطاع غزة يستهلك قبل 2007 (العام الذي فرض فيه الحصار الإسرائيلي) ما بين 35-40 مليون لتر من الوقود شهرياً، إلا أن الكميات تراجعت بشكل تدريجي، على إثر إغلاق الاحتلال للمعابر الحدودية وتوقف الحركة التجارية ودخول مئات المصانع في حالة موت سريري على إثر الحصار.
ومع مطلع العام الجاري 2015، برزت أزمة جديدة في نقص كميات الغاز، بسبب تأمين الاحتلال لنفسه قبل بدء المنخفض الجوي الأخير لعدم قدرة البواخر التي تنقل الغاز إلى الاحتلال من الرسو على الموانئ خلال تأثيرات المنخفض، وكذلك أمّنت الهيئة العامة للبترول محطات الغاز في الضفة الغربية، بينما تم تجاهل القطاع، ما تسبب بأزمة غاز حادة جداً.
ويشير مدير الهيئة العامة للبترول في غزة، إلى أنه منذ نحو ست سنوات يتم الحديث عن مد خط إضافي في معبر كرم أبو سالم مخصص للغاز، ولكن لا يوجد أي تحرك فعلي على أرض الواقع، مشيراً إلى أن عدم انتظام الكمية الموردة للقطاع وإغلاق معبر كرم أبو سالم بشكل مفاجئ، تعتبر أسباباً إضافية لأزمة الوقود والغاز.
ويستغرب الشنطي غرق قطاع غزة بأزمة حادة في الغاز ومشتقات الوقود، بينما يتواجد قبالة سواحل مدينة غزة حقلان كبيران من الغاز الطبيعي، لا ينال القطاع منهما أي استفادة، مبيناً أن ذلك الأمر يرجع لقضايا سياسية لا علم لهيئة البترول في غزة بها.
وجرى خلال عامي 1998-2000، استكشاف حقلين من الغاز الطبيعي، بحجم يزيد عن 30 مليار متر مكعب، ويقع الأول ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية وقبالة شواطئ مدينة غزة وهو الأكبر، بينما الآخر يقع على الحدود البحرية مع الاحتلال الاسرائيلي.