المصريون يقتطعون من دوائهم وغذائهم لتأمين الدروس الخصوصية للأبناء

المصريون يقتطعون من دوائهم وغذائهم لتأمين الدروس الخصوصية للأبناء

09 اغسطس 2018
نفقات كبيرة على الدروس الخصوصية للطلاب (Getty)
+ الخط -
حددت وزارة التربية والتعليم المصرية 22 سبتمبر/أيلول المقبل موعد بدء العام الدراسي 2018/2019. ورغم ذلك، أعلن المدرسون عن بدء الدروس الخصوصية في الأسبوع الأخير من شهر يوليو/تموز الماضي، ما زاد من نفقات الأسر في تحضير أبنائها للعام الدراسي الجديد وسط أزمة معيشية خانقة ومداخيل زهيدة تدخل جيوب المواطنين.

وقدرت دراسة سابقة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول الدخل والإنفاق على العملية التعليمية، متوسط إنفاق الأسر على الدروس الخصوصية ما بين 800 جنيه و1500 جنيه شهرياً.

تقليل نفقات العلاج

أحمد حسن، موظف في إحدى شركات قطاع الأعمال، ومزارع، أولاده في جميع المراحل الدراسية، من الجامعية للابتدائية مروراً بالإعدادية والثانوية، راتبه لا يتعدى 3800 جنيه، مطلوب منه شهريًا أكثر من 2200 جنيه للدروس ومصاريف تعليمية.

وحول كيفية تدبير كلفة الدروس الخصوصية، قال أحمد: "كل سنة لها ظروفها، فأحياناً أربي المواشي، وعند وصولها إلى وزن معين أبيعها، وأنفق من ثمنها على الدروس ومصاريف الأولاد. وأحياناً أعتمد على الجمعيات (وسيلة ادخار أهلية متعارف عليها في الأوساط الشعبية والريفية في مصر)، وفي  كل الأحوال نتنازل عن بعض احتياجاتنا كاللحوم الحمراء مثلًا، وقد نقلل نفقات العلاج إذا لزم الأمر".

وتوصلت دراسة صدرت عن مركز معلومات مجلس الوزراء، إلى أنه ما بين 61 إلى 77% من طلاب المدارس يحصلون على دروس خصوصية، تستنزف من خزينة الأسر المصرية 15 مليار جنيه سنوياً، في حين قدر الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، ما تنفقه الأسر المصرية سنويًا على الدروس الخصوصية ما بين 20 و30 مليار جنيه.

تأثر الدخل

ولفت الصيدلي سيد محمود إلى أن دخل صيدليته يتأثر مع بدء موسم الدروس الخصوصية. وأضاف لـ"العربي الجديد": "بعض الآباء ممن لديهم أبناء في المدارس والجامعات يخفضون مشترياتهم الطبية مع بدء موسم الدروس الخصوصية.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن 39.4% من إنفاق المصريين على التعليم ذهب للدروس الخصوصية ومجموعات التقوية، 31.9% للمصروفات والرسوم المدرسية، ثم 11.3% للكتب الدراسية والأدوات المكتبية، و9.8% لانتقالات الطلاب و6% تم إنفاقها على الملابس والشنط.

خفض الإنفاق على الغذاء

وأشار مصطفى محمد، صاحب محل لبيع المواد الغذائية إلى أنه مع بداية العام الدراسي والدخول في معمعة الدروس الخصوصية، تنخفض مشتريات الأسر من المواد الغذائية، كالجبنة بأنواعها وغيرها. حيث تلجأ لشراء الفول والطعمية باعتبارها أرخص وجبة في مصر، بهدف توفير جزء من النفقات لصالح مصاريف الدروس.

وأكد كل من محمد حسن، صاحب محل لبيع الدجاج، ومحمد سمير وهو جزار، وجود تأثير مباشر للدروس الخصوصية في حجم مبيعات كل منهما، سواء من حيث تقليل الكميات المشتراة أو تباعد فترات الشراء.

ركود الأسواق

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين إن "إنفاق 30 مليار جنيه على الدروس الخصوصية في مصر يشكل مبلغًا ضخمًا مقارنة بمداخيل الأسر في مصر، لذلك تحدث عند المستهلك المصري حالة تسمى اقتصادياً "أثر الإحلال"، بمعنى أن المواطن بدلاً من شراء السلع الاستهلاكية يفضل إنفاق الأموال على الدروس الخصوصية، وهو ما يصيب كافة القطاعات بحالة من الركود.

وأضاف: "الدولة لا تقوم بدورها، في ظل نظام مهترئ، إذ لا يُعرف عدد مدرسي الدروس الخصوصية ولا كلفة خدماتهم، وبالتالي لا تحصّل منهم الضرائب على الوجه الصحيح، ونتيجة سلبية الدولة ومعرفة المواطن المسبقة بعدم قدرتها على ابتكار حلول، يركن المواطن إلى السلبية هو الآخر، فلا يُبلغ مصلحة الضرائب عن أي زيادة تفرض عليه، كما يحدث في بعض دول العالم".

المساهمون