مأزق أوروبا بين فكي واشنطن وبكين

مأزق أوروبا بين فكي واشنطن وبكين

27 مارس 2019
قمة ثلاثية بين شي وماكرون وميركل بباريس (Getty)
+ الخط -
وسط صراع "الحرب الباردة الجديدة" التي تأخذ الشكل التجاري بين واشنطن وبكين، تواجه دول الاتحاد الأوروبي العديد من المتاعب الاقتصادية.

وبينما يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإضعافها عبر الرسوم والضرائب وإجبارها على زيادة مساهمتها المالية في حلف شمالي الأطلسي، تعاني الكتلة الأوروبية من هجمة البضائع الصينية الرخيصة على مصانعها ووظائفها.

ومنذ الأزمة المالية العالمية في 2008، التي ضربت العالم الغربي ونجت منها الصين، فإن معدل البطالة في أوروبا يرتفع بسبب إغلاق المصانع الوطنية في أوروبا، وتحولت العديد من المتاجر تدريجياً إلى معارض للمنتج الصيني.

وحسب تقرير لوكالة فرانس برس، أمس، فإن أوروبا تشعر أنها في مأزق حقيقي ما بين نهج ترامب القائم على المفاوضات الثنائية المباشرة بين الدول والحملة التوسعية الصينية من خلال "طرق الحرير الجديدة"، التي تمثل خطة بكين الضخمة لنشر بنى تحتية بحرية وبرية تربط بين شركاتها وبضائعها وبين آسيا وأوروبا وأفريقيا.

وتمكنت الصين أخيراً من ضم إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي، إلى مبادرة "الحزام والطريق". ويسعى الرئيس الفرنسي ماكرون من خلال دعوة المستشارة الألمانية لمحادثات ثلاثية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في باريس، لبناء استراتيجية أوروبية للتعامل مع بكين وليس فقط فرنسية. 

وقال بينغ في اليوم الأول من زيارته الرسمية إلى فرنسا التي وصلها قادماً من إيطاليا وموناكو، "العالم يشهد تحولات غير مسبوقة: الصين وفرنسا وأوروبا، جميعها أمام لحظة حاسمة من تطورها".

وفي وقت تسعى فرنسا لوضع مكافحة التغير المناخي في قلب عملية النهوض بالتعددية، قال شي "جئت إلى فرنسا عازماً على العمل من أجل أن تكون شراكتنا الاستراتيجية الشاملة في طليعة رهانات عصرنا".

ومنذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يطرح شي جين بينغ نفسه على أنه لاعب تقليدي في صلب الأسرة الدولية. وتمكن حتى من الفوز بتصفيق نخبة الليبرالية الاقتصادية العالمية في منتدى دافوس عام 2016.

غير أنه يثير قلقاً وانقسامات في أوروبا حيث استثمرت الصين ما لا يقل عن 145 مليار يورو منذ 2010، وترد مخاوف حيال مشروعه الضخم للبنى التحتية، ونهجه الثنائي القائم على التفاوض مع كل دولة على حدة، واستثماراته في أصول استراتيجية.

وقال المفوض الأوروبي غونتر أوتينغر الأحد الماضي "أوروبا بحاجة ماسة إلى استراتيجية حيال الصين، استراتيجية جديرة بهذا الاسم، لافتاً إلى أن بنى تحتية استراتيجية هامة مثل شبكات الكهرباء أو خطوط القطارات فائقة السرعة أو المرافئ، لم تعد بأيد أوروبية بل صينية". 


وحذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قائلاً "إن كانت بعض الدول تعتقد أن بوسعها عقد صفقات مربحة مع الصينيين، سوف تُفاجأ عندما تدرك أنها أصبحت دولا تابعة". لكن الصين تؤكد على العكس أن استثماراتها في الدول الأوروبية تدعم وحدة التكتل. وقال شي "الصين ستساند على الدوام على اندماج أوروبا ونموها".

وأزمة أوروبا، خاصة دولها التي تحتاج إلى تدفقات مالية كبيرة، أنها بحاجة إلى الاستثمارات الصينية، إذ إنها الدول الوحيدة في العالم التي لديها فوائض مالية ضخمة وقدرة على اتخاذ قرار سريع في التوظيفات المالية. ولكن في المقابل، فإن ارتباطها المالي والتجاري بالصين سيجلب لها الغضب الأميركي.