اشتغالات الموازنة

اشتغالات الموازنة

04 ديسمبر 2014
غموض حول عجز موازنة مصر للعام الماضي (أرشيف/Getty)
+ الخط -

صُعقت وأنا أطالع بنودَ أول موازنة للدولة في عهد الانقلاب، التي أقر المشير عبد الفتاح السيسي حسابها الختامي قبل ثلاثة أيام، وتغطي الفترة من شهر يوليو/ تموز 2013 إلى نهاية شهر يونيو/حزيران 2014.

الصعقة لم تكن فقط في إدراج مبلغ 41 مليار جنيه (4100 مليون جنيه) في الموازنة تحت بند مصروفات أخرى لم يتم تحديد كيفية إنفاقها أو المجالات التي تم انفاقها فيها، فهذا أمر منطقي ومقبول من وجهة نظري إذ أن هذه الأموال تم تخصيصها للجيش وجهات سيادية كنفقات سنوية كما جرت العادة في الموازنات السابقة.

لكن هناك ما هو أخطر من ذلك بكثير، فحسب ما جاء بصحيفة "المصري اليوم" يوم الثلاثاء المضي 2 ديسمبر فإن المشير السيسي اعتمد عجزاً بموازنة العام المالي الماضي 2013 -2014 المنتهية في شهر يونيو الماضي قيمته 355 مليار جنيه، وهو الفارق بين إيرادات الدولة ومصروفاتها السنوية، علي الرغم من أن وزير المالية هاني قدري خرج علينا يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي قبل 35 يوماً من الأن، وقال إن قيمة العجز الكلى في الحساب الختامي للموازنة بلغت 253 مليار جنيه، تمثل نحو %12.8 من الناتج المحلى الإجمالي، أي أن السيسي أضاف 100 مليار جنيه لعجز موازنة أُغلِقت حساباتها نهاية شهر يونيو الماضي حسب المنشور في المصري اليوم.

السؤال هنا: هل حمل المشير السيسي جزءاً من عجز أول موازنة له وهي موازنة العام الحالي 2014 -2015 على موازنة العام الماضي 2013-2014، حتى يقوم بتجميل موازنته، خاصة وأن البعض قد يقول إن السيسي ليس مسئولا عن موازنة العام المالي الماضي بحكم أنه كان لا يدير البلاد في ذلك الوقت، بل كان المستشار عدلي منصور هو رئيس الجمهورية.

وإذا لم يكن الحال كذلك، فكيف زاد عجز موازنة العام المالي الماضي، التي أغلقت دفاترها وحساباتها وجفت أحبارها منذ 5 شهور، 100 مليار جنيه كما جاء في جريدة المصري اليوم؟
هل هناك خطأ في احتساب أرقام الحساب الختامي المعلن من قبل الصحيفة ووسائل اعلام أخري، نحن هنا نتحدث عن 100 مليار جنيه أي 100 ألف مليون جنيه ولا نتحدث عن 100 مليون جنيه.

ليس هذا هو الأمر الصاعق الوحيد في موازنة 2013 -2014 أول موازنة لحكم العسكر، فهناك ما هو أخطر، حيث تلقت مصر دعماً خليجياً في العام الأول للانقلاب قدّره المشير السيسي قبيل الانتخابات الرئاسية بـنحو 21 مليار دولار حتى بداية شهر مايو/أيار 2013، وإذا ما أخذنا في الاعتبار مساعدات أخرى لشهري مايو ويونيو من نفس العام، يرتفع الرقم إلى 22 مليار دولار، إذ أن السعودية وحدها توفر لمصر مشتقات بـ 700 مليون دولار شهرياً ومثلها من الامارات.

لنأخذ بالرقم الأقل وهو 21 مليار دولار، ونظرة لموازنة العام المالي الماضي نجد أن ما تم ادراجه بها من مساعدات خليجية 10.6 مليار دولار بشهادة وزير المالية نفسه، و7.3 مليار دولار حسب أرقام الموازنة المعلنة.

والسؤال أين ذهب الفارق في المساعدات الخليجية، وهو 10.4 مليار دولار على أقل تقدير، ولماذا لم يتم ادراجه في الموازنة التي اعتمدها السيسي قبل أيام؟ وهل تم ترحيله لموازنة العام الجاري؟ لم يقل لنا أحد ذلك ولم يجب أحد على هذه الأسئلة رغم حساسيتها.

ليس هذا هما الصاعقان الوحيدان في أول موازنة للعسكر، فهناك 138 مليار جنيه مخصصة بموازنة 2013 -2014 لتمويل عمليات استيراد مشتقات نفطية ( بنزين وسولار وغاز ومازوت وغيره) من الخارج مقابل 103 مليار جنيه بموازنة العام الحالي.

السؤال المطروح هنا هو: إذا كانت دول الخليج قد امدتنا بالمشتقات البترولية مجاناً في موازنتي العام الماضي 2013-2014 والحالي 2014-2015، فأين ذهب الوفر في مخصصات استيراد هذه المشتقات، هل ذهب للإنفاق على أمور أخرى؟ وما هي هذه الأمور ..هل علي الأمن مثلاً؟ أم علي زيادة مرتبات القضاه والشرطة والجيش؟

لا أريد أن أجزم بصحة الأمور المتعلقة برقم المائة مليار جنيه قيمة الزيادة المذكورة في عجز موازنة العام المالي الأخير المنتهي بنهاية يونيو الماضي، لأنه لو حدث نكون أمام كارثة اقتصادية حقيقية.. قد يكون المحرر أخطأ في احتساب قيمة العجز.

ربما، لكن الصحيفة لم تقل ذلك في اليوم التالي، ولم تقل لنا أن الأرقام المنشورة علي صفحاتها يوم 2 ديسمبر الجاري خاطئة، كما لم يخرج أي مسئول لينفي مثل هذه الأرقام.

أنا فقط أطرح هنا أسئلة أظن أنها مشروعة إذا كنا نعيش حقاً عصر الشفافية، وبالطبع فإن هذه الأسئلة لها اجابات لدي صانع القرار السياسي والاقتصادي نحن في انتظارها.

المساهمون