4 عوامل تدعم ارتفاع أسعار النفط في عهد ترامب

24 يناير 2025
تظاهرة ضد التنقيب النفطي بمدينة نيو أورليانز الأميركية، 24 يونيو 2024 (جون براستيد/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد أسواق النفط تحولاً نحو عجز في المعروض بسبب العقوبات الأميركية على روسيا وإيران، والطقس الجليدي، والدعاوى البيئية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بحلول 2025.
- استنفدت الولايات المتحدة ودول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي مخزونات النفط بسرعة، مما يعكس طلبًا قويًا ويشير إلى تلاشي الفائض النفطي، مع اقتراب أسعار خام برنت من 80 دولارًا للبرميل.
- توقعات غولدمان ساكس تشير إلى أن تشديد العقوبات أو انقطاع إنتاج أوبك+ قد يرفع الأسعار، مع زيادة الطلب من الأسواق الناشئة وخطط ترامب لملء الاحتياط النفطي.

قبل شهر واحد، كان الحديث المتردد في دهاليز أسواق النفط ونشرات الطاقة هو فائض العرض والطلب الصيني الضعيف الذي سيدفع أسعار النفط للتراجع أكثر خلال العام الجاري 2025. ولكن الآن، بدأ البعض يتحدث عن العجز في المعروض النفطي مقارنة بالطلب العالمي، خاصة بعد حزمة العقوبات القاسية التي فرضتها إدارة جو بايدن في أيامها الأخيرة ضد روسيا وما يخبئه ترامب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران.

ويرى محللون، أن هنالك أربعة عوامل رئيسية ستدفع أسعار النفط للعودة من دورة الهبوط التي عاشتها في النصف الثاني من العام الماضي إلى الارتفاع خلال العام الجاري. وهذه العوامل هي: الحظر المشدد على النفط الروسي، والطقس الجليدي في أميركا وأوروبا، والدعاوى الأميركية في الولايات وبعض المنظمات البيئية على شركات النفط، وعمليات التنقيب التي يخطط لها ترامب لتوسيع التنقيب الأحفوري.

ويرى محللون أن هذه الدعاوى ربما تكلف شركات الطاقة الأميركية مبالغ طائلة وتعرقل خطط زيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة. هذا بالإضافة إلى حاجة دول أوبك للموارد المالية، خاصة السعودية وبالتالي مواصلة خفض الإنتاج.

وربما يساهم كذلك الرد الكندي على الرسوم الجمركية الأميركية على البضائع الكندية الواردة للولايات المتحدة. وكانت كندا قد ردت على "جمارك ترامب" بأنها ربما ستوقف صادرات النفط لأميركا.

وقال محلل النفط البريطاني جون كيمب، في تحليل لوكالة رويترز هذا الشهر، نقلت نشرة "أويل برايس" مقتطفات منه أمس الخميس، إن "الولايات المتحدة استنفدت مخزونات النفط الخام بشكل أسرع بكثير من المعتاد منذ منتصف عام 2024. وعادةً ما يكون استنفاد المخزونات نتيجة للطلب القوي، وفي الواقع، أثبت الطلب الأميركي، وفقًا لجميع التوقعات مرونته، ووصل إلى مستوى قياسي موسمي في ربيع عام 2024. وكان هذا الرقم القياسي أعلى بمقدار 800 ألف برميل يوميًا وفق تحليل كيمب، وأثار ذلك قلق خبراء السوق.

ولم تكن الولايات المتحدة وحدها التي استنفدت مخزونات النفط الخام بسرعة أكبر من التوقعات، ولكن حدث الأمر ذاته في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، حيث كان استنزاف الخامات البترولية بسرعة أكبر مما كان يأمله الكثيرون، وعلى رأسهم وكالة الطاقة الدولية، التي دأبت على الاستهانة بالتوازن بين الطلب والعرض في النفط الخام.

ويقول محللون إنه حتى لو تم التغاضي عن كل هذه الإشارات، فإن تأثير عقوبات بايدن على الأسعار العالمية كان ينبغي أن يكون دليلاً كافياً على أن سرد الفائض النفطي بات قصة قديمة لا تتوافق مع الواقع في الشتاء الجاري. ولو كان سوق النفط يحقق فائضاً حقيقياً وكبيراً كما قالت الوكالة، لما كان للعقوبات الأميركية على النفط الروسي أي تأثير ملموس على أسعار خام برنت.

ووفق بيانات بلومبيرغ أمس الخميس، تقترب أسعار برنت من 80 دولاراً للبرميل بسرعة في السوق الآجل، حيث بلغ سعر خام برنت لعقود مارس/آذار 78.78 دولاراً للبرميل، بينما بلغ سعر خام غرب تكساس الأميركي لذات العقود 75.22 دولاراً.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قالت في نوفمبر/تشرين الثاني إن إمدادات النفط الخام هذا العام ستتجاوز الطلب بما يصل إلى مليون برميل يومياً وذلك، حتى لو أبقت أوبك+ على سقف الإنتاج دون تغيير. وفي يناير/كانون الثاني، سمحت وكالة الطاقة الدولية بسحب الإمدادات من مخزونات الاحتياطات الاستراتيجية على الرغم من أنها لم تصل إلى حد رؤية فرصة لحدوث عجز في المعروض مقارنة بالطلب.

وقالت الوكالة: "إذا أصبح الانخفاض في الإمدادات بسبب تأثيرات الطقس أو العقوبات أو التطورات الأخرى كبيرًا، فمن الممكن سحب مخزونات النفط بسرعة لتلبية متطلبات التشغيل على المدى القريب"، مستشهدة بالعقوبات الروسية واحتمال فرض عقوبات جديدة على إيران.
ووفق تحليل لمصرف غولدمان ساكس في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذا تم تشديد العقوبات على إيران أو انقطاع إنتاج أوبك +، فقد يؤدي ذلك إلى تشديد وضع العرض. وأشار المصرف الاستثماري إلى أنه إذا انخفضت إمدادات النفط الإيرانية بمقدار مليون برميل يوميًا بسبب العقوبات الأكثر صرامة المتوقعة من إدارة ترامب، فقد ترتفع أسعار خام برنت إلى نحو 85 دولارًا للبرميل بحلول منتصف العام الجاري.

وهذا يسلط الضوء على حالة عدم اليقين الجيوسياسي التي يمكن أن تخلق ضغوطاً تصاعدية على أسعار النفط. كما يرى غولدمان ساكس كذلك في تحليله، أن استراتيجيات الإنتاج الخاصة بـ"أوبك+" تؤثر بشكل كبير على أسعار النفط. ومع ارتفاع القدرة الفائضة لدى منتجي أوبك+، هناك إمكانية لهذه البلدان لتعديل مستويات إنتاجها استجابة لظروف السوق.

وقال إذا اختاروا الحد من الإنتاج في ضوء ارتفاع الطلب أو القضايا الجيوسياسية، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار. ووفق توقعات غولدمان ساكس، قد يكون هناك فائض متواضع لدى أوبك+ قدره 0.4 مليون برميل يومياً في العام الجاري. كما يلاحظ أن الرياض وعدت باستثمارات ضخمة في الولايات المتحدة خلال سنوات ولاية ترامب وأبلغته بذلك وفق وكالة الأنباء السعودية.

وهذا يعني أنها ستحتاج إلى أكثر من مائة مليار دولار سنوياً لتلبية هذا الوعد. ما يعني أنها ستكون بحاجة ماسة لارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري والأعوام المقبلة، وبالتالي يمكن أن تدفع الأسعار إلى الارتفاع عبر خفض حصص الإنتاج داخل المنظمة البترولية. كما من المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة نمواً اقتصادياً قوياً خلال العام الجاري يؤدي إلى زيادة الطلب على البترول.

ويتوقع مصرفيون أن يستمر الطلب العالمي على النفط في النمو لعقد آخر، مع توسع الاقتصادات بنسبة 4% تقريبًا سنويًا. ومن المتوقع كذلك أن يؤدي الطلب المتزايد من دول مثل الهند والصين إلى ممارسة ضغوط تصاعدية على أسعار النفط مع ارتفاع الاستهلاك.

وما لم تذكره وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير هو خطط ترامب لإعادة ملء الاحتياط النفطي الاستراتيجي الأميركي والذي تبلغ طاقته التخزينية القصوى 714 مليون برميل. ووفق بيانات وزارة الطاقة الأميركية الأخيرة في 17 يناير/ كانون الثاني الجاري يوجد في خزانات الاحتياطي الأميركي 394.6 مليون برميل، وهذا يعني أن إدارة ترامب تحتاج إلى شراء 320.6 مليون برميل من السوق. وشراء مثل هذه الكمية أو حتى الإعلان عن خطط لشرائها فقط سيساهم في رفع أسعار النفط، لأنها ببساطة سترفع من الطلب العالمي على النفط. وهو ما من شأنه أن يدفع الأسعار إلى الارتفاع ما لم تكن الإدارة الجديدة حذرة للغاية في الشراء.

المساهمون