اقتصاد العراق على حافة الهاوية

اقتصاد العراق على حافة الهاوية

24 أكتوبر 2014
الفساد يهدد أوضاع العراقيين الاقتصادية بالانهيار(فرانس برس/getty)
+ الخط -
لم يكن تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2014، حول احتلال العراق المرتبة السادسة من بين الدول الأكثر فساداً في العالم، بعيداً عن الواقع الذي تعيشه البلاد، على مدار أكثر من 10 أعوام، لتتعالى في الآونة الأخيرة تحذيرات وقوف اقتصاد العراق على حافة الانهيار نتيجة الفساد المالي والإداري المستشري في المؤسسات الحكومية.
وحسب رئيس الوزراء العراقي الحالي، حيدر العبادي، فإن العراق شهد قضايا فساد بنحو 100 مليار دولار، خلال عهد رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، الذي سلم مهمات منصبه منتصف أغسطس/آب الماضي.
وضغط التراجع السريع في أسعار النفط على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، بشكل كبير على موازنة العراق، ما زاد من حدة المخاوف من تضرر اقتصادها بشكل كبير، لا سيما في ظل الأزمات التي تشهدها على صعيد تكلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، التي تزيد يوماً تلو الآخر من تكلفة الإنفاق.

خطر النفط

قال الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، لمراسل "العربي الجديد"، إنّ عائدات النفط تشكل 75% من موارد العراق، وانخفاض أسعاره التي ربما تواصل الهبوط نحو 75 دولاراً للبرميل، فضلاً عن ارتفاع الإنفاق، لدعم المجهود الحربي والرواتب وغيره من أوجه المصروفات الأساسية "سيعرّض الاقتصاد العراقي إلى هزّات خطيرة".
وأضاف أنطوان أنّ " الأمر الحالي يدفع إلى ضرورة إعادة التفكير في صياغة موازنة مهنية تقشفية دقيقة"، مشيراً إلى أنّ العراق عبر 10 سنوات مضت لم تستطع الحكومات المتعاقبة من إيجاد موارد أخرى غير النفط، فقد أهملت القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية.
وأكّد ضرورة "وضع إجراءآت احترازية في الإنفاق مع زيادة ضخ النفط، للخروج من المحنة"، مؤكداً أنّ "إدارة دفة الموارد المالية تكمن في إيقاف الفساد المالي والإداري، الذي أثقل كاهل الحكومات السابقة والحالية ونخر جسد اقتصاد البلاد".

وفي تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2014، احتل العراق المرتبة السادسة من بين الدول الأكثر فساداً في العالم، بعد الصومال وأفغانستان والسودان وجنوب السودان وليبيا.
وحذّر الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي، إياد السامرائي، من انهيار الاقتصاد العراقي"، فيما أبدى تخوفاً وقلقاً شديدين لما سيؤول إليه الوضع الاقتصادي في العراق في ظل الأزمات المتلاحقة وأوضاع المنطقة".
وقال السامرائي في بيان صحافي تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، إنه "عندما يصل خام برنت إلى ما يقارب 80 دولاراً للبرميل فمن غير الممكن أن يظل سعر برميل النفط محدداً في الموازنة العراقية بـ 90 دولاراً، ولا بد أن يحدد بما لا يتجاوز 65 دولاراً للبرميل، وهذا يعني في الحسابات المبسطة، ألا تتجاوز موازنة 2015 ما كانت عليه موازنة 2010 ".
وأضاف أنّ "الموازنة التشغيلية قد ارتفعت تدريجيّاً خلال السنوات الخمس الماضية، وهذا يعني أنّ الموازنة الاستثمارية للدولة ستتعرض إلى سياسة تقشفية"، موضحاً أنّ "كلفة مواجهة داعش وإعداد الحرس الوطني وتدريبه وتجهيزه وتعويض الأسلحة الثقيلة والمعدات، التي خسرها الجيش العراقي في مواجهاته داعش سيولد ضغطاً ليس له مثيل على الموازنة".
وانتقد السامرائي "أداء الحكومة السابقة، التي توسعت في الموازنة التشغيلية، واللجنة المالية النيابية السابقة، التي كانت تعلم بكل ذلك وغضت الطرف عنه"، مؤكداً أنّ "الموازنات الاستثمارية تحولت إلى وسيلة لسرقة المال العام دون حسيب أو رقيب".
وحسب تصريحات صحافية لرئيس الوزراء، حيدر العبادي، أخيراً "يجب أن تقل موازنة 2015 بمقدار 30% عن موازنة 2014".

فاتورة الفساد

كانت هيئة النزاهة العراقية، أعلنت في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أن تقريرها نصف السنوي المقرر صدوره، سيضم أسماء موظفين بدرجة وزير ووكلاء ومدرين عامين "فاسدين"، مشيرة إلى أن هناك دولاً تستفيد من الأموال المنهوبة من العراق، وأنّها أعدّت
ملفات دولية لاسترداد بعض من هذه الأموال.
وبعد عام 2003، أصبحت ظاهرة الفساد في العراق من أكبر التحديات، التي استشرت في المؤسسات المدنية والعسكرية كافة، حسب مسؤولين ومحللين اقتصاديين.
ولا تقتصر تداعيات عمليات الفساد المالي والإداري على خسارة العراق أموالاً في شكل سرقات ورشى، وإنما تعرض أصول الدولة في الخارج إلى الضياع، نتيجة رفع دعاوى تحكيم من قبل مستثمرين دوليين في المحاكم الدولية ضد الحكومة العراقية لعدم اتباع إجراءات قانونية سليمة في إبرام العقود أو فسخها، حسب المحللين.
وكانت "العربي الجديد"، قد كشفت في عددها الصادر، يوم الثلاثاء الماضي، عن وثائق تؤكد أن شركة أميركية، اتخذت إجراءات قانونية، لرفع دعوى تحكيم دولي ضد الحكومة العراقية، تطالب فيها بتعويض قيمته 3.4 مليار دولار، نتيجة تعرضها لأضرار مادية، بسبب فسخ عقد معها "بدون سند قانوني"، فيما كانت الحكومة العراقية قد تعرضت لانتقادات حادة واتهامات بالفساد في ترسية العقد على الشركة.
وكشف مصدر حكومي مطلع أمس لـ "العربي الجديد"، أن وزارة المالية استدعت المسؤولين عن الجهات المتعلقة بالعقد المبرم من المستثمر الأميركي، عقب نشر الجريدة للوثائق، لكنه توقع أن يستغرق التحقيق مدة طويلة، بسبب وجود عدة أطراف لها علاقة بالموضوع هي مجلس الوزراء ووزارة المالية وهيئة المناطق الحرة.
وألغت الحكومة العراقية في 16 يوليو/تموز 2013، عقداً جرى توقيعه بين شركة مركز البصرة الدولي للنفط والغاز المحدودة "بيوغ" المملوكة للمستثمر الأميركي، جون مور، والهيئة العامة للمناطق الحرة في العراق، والذي يقضي يإقامة مشروع باسم "المنطقة الحرة الدولية للنفط" في خور الزبير في البصرة لتقديم خدمات لوجستية لصناعة النفط والغاز.

المساهمون