3 عوامل حولت دفة زيارة الرئيس الإيراني لعُمان إلى الاقتصاد

3 عوامل حولت دفة زيارة الرئيس الإيراني لعُمان إلى الاقتصاد

24 مايو 2022
توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين للتعاون في مجالات عدة من بينها قطاع الطاقة (فرانس برس)
+ الخط -

حلّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس الإثنين، ضيفاً على سلطنة عُمان، في زيارة هي الأولى له للسلطنة كما أنّها الثانية له لدولة خليجية بعد زيارته لقطر خلال فبراير/شباط الماضي. زيارة رئيسي لعمان فضلاً عن دلالاتها ورسائلها المختلفة، لعلّ العامل الاقتصادي هو الدافع الأهم للزيارة، إذ أكد سفيرها لدى مسقط علي نجفي في تغريدة أنّ الاقتصاد يتصدر أجندة مباحثات رئيسي خلال زيارته لعمان والتي كانت ليوم واحد فقط.
وفي مؤشر آخر على الأهمية الاقتصادية للزيارة بالنسبة لإيران التي تواجه أزمة مالية متفاقمة هذه الأيام، رافق الرئيس الإيراني خلال الزيارة وفد اقتصادي كبير مكون من 50 رجل أعمال وتاجراً وناشطاً اقتصادياً إيرانياً، فضلاً عن وزراء النفط والصناعات والنقل والمواصلات، بعضهم استبقوا زيارة رئيسي إلى عمان بأيام للتحضير الاقتصادي الجيد لإنجاح الزيارة.
أن تكون زيارة الرئيس الإيراني للجارة العمانية بدافع اقتصادي بامتياز فإنها مدفوعة بعدة عوامل مهمة، الأول منها هو الانسداد الذي تواجهه مفاوضات فيينا لجهة رفع العقوبات الأميركية الشاملة عن إيران، والتي وضعت البلاد أمام أزمة اقتصادية متفاقمة أثقلت كاهل المواطن وتشعل احتجاجات فيها بين حين لآخر وفق مراقبين.
والعامل الثاني هو بحث الحكومة الإيرانية الحالية التي تشكلت وهي ترفع شعار الأولوية للاقتصاد، عن منافذ وتنويع الخيارات في مواجهة الأزمة الاقتصادية ورفع العقوبات. والعامل الثالث هو الاهتمام الكبير الذي تبديه حكومة رئيسي لتحسين العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول الجوار خصوصاً في ظل المعطيات التي ذكرت، إذ إنّها تؤكد أنها لن تنتظر رفع العقوبات وإنما تسعى إلى إفشالها عبر تعزيز التواصل والعلاقات التجارية مع البيئة المحيطة بإيران.

وفي السياق، تشير الأرقام والبيانات الرئيسية إلى أنّ التبادل التجاري بين إيران والدول الـ15 الجارة لها يشهد ارتفاعاً مستمراً، خصوصاً خلال الشهور التسعة الأخيرة منذ تولي رئيسي السلطة في يوليو/ تموز الماضي، إذ تؤكد هذه الأرقام أنّ تجارة إيران مع جيرانها بلغت 52 مليار دولار خلال العام الإيراني الماضي (من 21 مارس/ آذار 2021 إلى 21 مارس 2022).
وقبيل توجهه إلى عمان، أكد رئيسي في كلمة مقتضبة من مطار طهران أهمية الاقتصاد في العلاقات مع الدول الجارة، مشدداً على "عزم وإرادة البلدين للرقي بمستوى العلاقات في مجالات التجارة والنقل والطاقة والسياحة خصوصاً السياحة العلاجية". وعبر الرئيس الإيراني عن عدم رضاه بمستوى العلاقات التجارية، فقال إنّ "المستوى الحالي للعلاقات بين البلدين ليس في الوضع المطلوب"، مشيراً إلى أنّه سيوقع اتفاقيات في هذه المجالات خلال الزيارة.
وبشأن هذه الاتفاقيات الموقعة خلال الزيارة، أفادت وكالة الأنباء العمانية، أنّ الجانبين وقعا على 8 مذكرات تفاهم و4 برامج تعاون في عدة قطاعات، من بينها النفط والغاز والنقل، مشيرة إلى أن برامج التعاون التنفيذية الموقعة بين البلدين خلال زيارة رئيسي، يشمل أولاً مجالات التجارة والاستثمار والخدمات، وثانياً التعاون الفني في مجالي العمل والتشغيل وثالثاً التعاون في مجال البيئة.
لم تنشر بعد تفاصيل مذكرات التفاهم والاتفافيات الاقتصادية، لكنها كما اتضحت من التصريحات الإيرانية، تشمل مجالات الطاقة (النفط والغاز) والاستثمار وتصدير الخدمات الفنية والهندسية والسياحة وتوسيع التجارة عبر الموانئ ومجالي البيئة والنقل.
وفي مجال الطاقة، يقول وزير النفط الإيراني جواد أوجي الذي جاء إلى عمان قبل يوم من رئيسي، ويجري مباحثات مكثفة مع نظيره العماني، محمد بن حمد الرمحي، إنه توصل إلى اتفاقيات في مجال الطاقة تشمل أربعة محاور.

المحور الأول يشمل توسيع المراحل اللاحقة لحقل هنغام النفطي المشترك بين البلدين، إذ اتفق الطرفان، حسب أوجي، على تشكيل لجنة فنية مشتركة تعمل على إعداد خطة لـ"الاستخراج المشترك الموحد" من الحقل.
والمحور الثاني للاتفاقيات هو في مجال تصدير الخدمات الفنية والهندسية المرتبطة بالطاقة، وعليه، اتفق وزير النفط الإيراني ونظيره العماني على إرسال وفد عماني من المتخصصين إلى إيران للتعرف عن كثب على قدراتها الفنية والهندسية في قطاعي النفط والغاز.
والمحور الثالث هو في مجال تجارة وتصدير البتروكيماويات والمنتجات النفطية. أما المحور الأخير والمهم فيركز على إحياء المفاوضات بشأن مشروع إنشاء خط نقل الغاز الإيراني إلى عمان، لكن لم يشر أوجي في تصريحاته إلى ما إذا كان قد نجح في إقناع الجانب العماني بإحياء هذه المفاوضات.
وقبل عقدين من الزمن، وقع الطرفان على مذكرة تفاهم لمشروع إنشاء خط لنقل الغاز الإيراني إلى عمان بمقدار 10 مليارات متر مكعب سنويا، وذلك لتسييله وتصديره من هناك إلى الأسواق العالمية. وكان من المقرر أن تتحول مذكرة التفاهم هذه إلى اتفاقية وتنفذ عام 2008، لكن العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي حالت دون ذلك، ولم توقع الاتفاقية حتى الآن. حينها، قدرت تكاليف إنشاء الخط بنحو 1.2 مليار دولار.

المحور الثاني للمباحثات في مجال النقل يشمل السعي لتفعيل ممر عشق آباد للنقل، خلال زيارة رئيسي إلى عمان


كما أنّ من أهم بنود أجندة زيارة الوفد الاقتصادي الإيراني، ما يقع في مجال النقل الذي يشمل محورين أيضاً، الأول هو تعزيز وتطوير النقل عبر الموانئ، إذ توصل وفد من وزارة التجارة الإيرانية مع المسؤولين العمانيين خلال الأسبوع الأخير قبل زيارة رئيسي إلى اتفاقية للتعاون في التجارة البحرية، توجت بإصدار السلطان هيثم بن طارق آل سعيد مرسوماً لإقرار هذه الاتفاقية.
والمحور الثاني للمباحثات في مجال النقل يشمل السعي لتفعيل ممر عشق آباد للنقل، خلال زيارة رئيسي إلى عمان، وهو محور توليه إيران اهتماماً كبيراً. بشأن ذلك، قال السفير الإيراني علي نجفي، أمس الإثنين، لوكالة إرنا إنه يتوقع تفعيل اتفاقية عشق آباد للنقل خلال الزيارة. وأضاف نجفي أن تنفيذ هذه الاتفاقية في ظل الحرب بين روسيا وأوكرانيا "يكتسب أهمية كبيرة".
وتأتي هذه الاتفاقيات والتفاهمات الاقتصادية، فيما سجل التبادل التجاري بين البلدين رقماً قياسياً خلال العام الماضي، إذ وصل لأول مرة حجم التجارة بينهما إلى مليار و335 مليون دولار، بزيادة أكثر من 50 في المائة مقارنة بالعام 2020.

المساهمون