استمع إلى الملخص
- ارتفعت الأسعار بشكل قياسي مع زيادة التضخم بنسبة 5.8%، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض النمو الحقيقي للاقتصاد إلى 1% فقط.
- الحكومة لم تستغل الأزمة لإجراء الإصلاحات الضرورية، بل ركزت على الإنفاق لأسباب سياسية، مما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي.
سيُذكر عام 2024 أحد أسوأ الأعوام في تاريخ الاقتصاد الإسرائيلي وفق ما يتبين من البيانات القاسية التي نشرها المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي الثلاثاء. ويشرح الكاتب في موقع "كالكاليست" أدريان بايلوت أن البيانات تكشف عن الحقيقة القاتمة التي طرحها بتسلئيل سموتريتش لعام 2024: نمو سلبي للفرد للعام الثاني على التوالي، ونمو سلبي في قطاع الأعمال، وانهيار في الاستثمارات والصادرات، وارتفاع قياسي في أسعار الأسر، والعجز المرتفع في الغرب. لقد سبّبت الحرب أضراراً جسيمة للاقتصاد، لكن الوضع تفاقم بسبب إخفاقات الحكومة، بحسب الكاتب ذاته.
إذ انكمش الاقتصاد الإسرائيلي للعام الثاني على التوالي، وقطاع الأعمال يجمل نمواً سلبياً، وانهار محركان رئيسيان للنمو: الصادرات والاستثمارات، وارتفعت الأسعار إلى مستويات عالية وسط عجز حكومي ارتفع إلى أبعاد هائلة.
ويقول الكاتب الإسرائيلي إن الأرقام والبيانات التي قدمها المحاسب العام لوزارة المالية لا تعكس عمق وحجم الظاهرة "نعم كانت هناك حرب، ولكن كانت هناك أيضًا حكومة تخلت تمامًا عن القضايا الاقتصادية وكانت مهتمة بشيء واحد فقط: نشر الأموال في كل مكان ومن دون توقف، في كثير من الأحيان لأسباب سياسية".
ويضيف "بجانب زيادة الإنفاق الحكومي المطلوب للتعامل مع تحديات الحرب، لم تستغل الحكومة، بما في ذلك وزير المالية، الأزمة لتشجيع النمو، وإجراء الإصلاحات والتغييرات البنيوية الضرورية، وركزت بشكل رئيسي على دفع الرشاوى الانتخابية للحفاظ على الائتلاف".
ويشرح الموقع كيف انهار محركان رئيسيان للنمو: الصادرات والاستثمارات، اللذان شكلا معًا أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي (22.6% و18.6% على التوالي). و"الصورة المتعلقة بالصادرات مقلقة للغاية: فقد انخفض هذا المكون بنحو 5.6% بعد انخفاض بنسبة 1.1% في عام 2023".
وانخفضت الصادرات في كل فئة، ولكن ما يثير القلق بشكل خاص، وفق الموقع، هو أنه بعد فترة طويلة للغاية، انخفضت أيضًا خدمات الأعمال (الغالبية العظمى منها عالية التقنية) بنحو 1%. وبالمقارنة: ارتفعت هذه الصادرات بنسبة 5.3% خلال أزمة كورونا.
وفي ما يتعلق بالاستثمارات، فإن الصورة أكثر إثارة للقلق بحسب الموقع: حيث انخفضت الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد أيضًا بنحو 2%، لكن الاستثمارات في الأصول الثابتة (رأس المال المادي) انخفضت بشكل رئيسي للعام الثاني على التوالي بمعدل أعلى من عام 2023 (حوالي 6% في عام 2024 وحوالي 2% في عام 2023، بما في ذلك البناء السكني). ونؤكد أن الاستثمارات تشمل أسطول المركبات التي تم شراؤها العام الماضي من قبل جميع شركات التأجير المختلفة، ولكن في حالة هذا البند، فإن هذا لم يساعد حقًا ولم يلغ الاتجاه النزولي. ولم تتمكن الحكومة من الحفاظ على محركي النمو الرئيسيين.
صدمة الاقتصاد الإسرائيلي
وفي إحصائية أخرى صادمة بحسب الموقع الإسرائيلي، الأسعار ارتفعت بشكل كبير والآن أصبح الأمر رسميًّا حقًّا. ولم يقتصر الأمر على ارتفاع معدل التضخم (أسعار السلع والخدمات في الاقتصاد الإسرائيلي) فوق 3%، بل قفزت أسعار الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.8% وهي أعلى نسبة في العقد الماضي. والتضخم يعتمد على إنفاق المستهلك ولا يشمل المنتجات التي ينتجها الاقتصاد، ولكن لا يستهلكها الجمهور بشكل مباشر (مثل الآلات الصناعية).
من ناحية أخرى، يعكس انكماش الناتج المحلي الإجمالي التغير في أسعار جميع المنتجات والخدمات المنتجة في الاقتصاد، وليس فقط تلك التي يستهلكها الجمهور (باستثناء الواردات لأنها ليست جزءًا من الناتج المحلي الإجمالي)، ومن ثم يُعتبر مؤشرًا أوسع من التضخم. ويسأل الموقع: "أين كانت الحكومة في حربها على تكاليف المعيشة؟ لقد اختفت وكأنها لم تكن موجودة، ومن ثم قد يدخل الاقتصاد في حالة ركود تضخمي، أي انخفاض في النشاط مصحوب بارتفاع الأسعار.
ووفقًا للمكتب المركزي للإحصاء، فإن النمو الحقيقي للاقتصاد الإسرائيلي انخفض أيضًا في عام 2024 إلى 1% فقط، وهو أحد أدنى المعدلات في الغرب. عندما يتم تحييد واردات السيارات الاستثنائية المسجلة في الربع الأخير من العام (لتوفير الزيادة الضريبية المخطط لها لعام 2025) وغيرها من المنتجات الاستهلاكية (لتجنب دفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 18%)، ينخفض النمو إلى 0.8% فقط. المشكلة هي أن هذه مشتريات مسبقة، أي إنها مشتريات لمرة واحدة ولن تعود في عام 2025 (لا يشتري المستهلك سيارة كل عام، ولا ثلاجة)، ومن ثم سوف يظهر هذا في نتائج عام 2025.
ولكن في الاقتصاد الإسرائيلي، ما هو مهم هو نمو نصيب الفرد، إذ ينمو عدد سكان إسرائيل بمعدل 2% سنويًّا. وهنا الأرقام الصعبة: لم يزد الناتج المحلي الإجمالي فحسب، بل انخفض بالفعل للعام الثاني على التوالي، بنسبة ناقص 0.1% في عام 2023 وناقص 0.3% في عام 2024. والصورة أكثر تعقيدًا، ففي عام 2024، نما عدد سكان إسرائيل بنسبة 1.3% فقط، وهو أدنى معدل في العقود الأخيرة وهذا ترك "عددًا أقل" من المواطنين لتقسيم الناتج المحلي الإجمالي بشكل متناسب.
وبالنتيجة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي في عام 2024 مماثل لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي في نهاية عام 2021. ولو أخذ المكتب المركزي للإحصاء في الحسبان معدل النمو السكاني الطبيعي، لكانت النتيجة أسوأ كثيرًا.
فكيف تمكن الاقتصاد من تحقيق نمو إيجابي بنسبة 1% إذا كانت الصورة كارثية إلى هذا الحد؟ الجواب بسيط وفق "كالكاليست": الاستهلاك، والمزيد من الاستهلاك بالدرجة الأولى من جانب الحكومة.