الأسد يوقف تدبير الدولار لتمويل استيراد الأغذية وحليب الأطفال

الأسد يوقف تدبير الدولار لتمويل استيراد الأغذية بذريعة "قانون قيصر"

21 يونيو 2020
الأسد يرمي ارتفاع الأسعار على "قانون قيصر"(أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر سورية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، أنّ المصرف المركزي أصدر تعميماً إلى المصارف وشركات الصرافة، يتعلق بتعديل قائمة المواد الممولة بسعر صرف الحوالات الشخصية والبالغ 1250 ليرة للدولار.

وأكدت المصادر أنّ "المركزي السوري" استجاب لتوصية اللجنة الاقتصادية برئاسة الوزراء و"استبعد المواد الغذائية الرئيسية من قائمة التمويل بسعر الدولار الرسمي والبالغ 700 ليرة".

وتضمنت القائمة الجديدة التي يلتزم "المركزي" بتدبير نقد أجنبي لها باسعار الصرف الرسمية كل من الأدوية والمواد الأولية الداخلة بصناعتها، والبذور الزراعية، والمعدات والكواشف المخبرية وحليب الأطفال للرضع، والأعلاف.

وسيتم بداية من اليوم، تمويل إجازات وموافقات الاستيراد للمستوردين على عقودهم الموقعة مع كل من المؤسسة السورية للتجارة، والمؤسسة العامة للتجارة الخارجية، ووزارة الصحة.

وكان مصرف سورية المركزي قد رفع، قبل أيام، سعر الدولار الرسمي مع بداية تطبيق "قانون قيصر" محدداً "سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي بغرض تمويل المستوردات بـ1265 ليرة سورية، وسعر شراء الحوالات الواردة من الخارج بـ1250 ليرة".

وكان السعر الرسمي المثبت، منذ أعوام، 438 ليرة للدولار الواحد، قبل أن يتم رفعه منذ مارس/ آذار العام الجاري، إلى 700 ليرة، ومن ثم إلى 1250 ليرة.

وبرر المصرف السوري أنّ سبب تعديل سعر صرف الدولار، يعود إلى السعي للوصول إلى سعر توازني من شأنه ردم الفجوة بين سعر السوق وسعر الحوالات، وسط الظروف المرحلية التي يمر بها الاقتصاد السوري نتيجة تشديد الإجراءات الاقتصادية عبر "قانون قيصر"، إضافة إلى استمرار الأزمة الاقتصادية في لبنان المجاور.

وبرر مراقبون تراجع النظام السوري عن تمويل الواردات الغذائية، بأنّه "تسويق للمظلومية ومحاولات رمي الجوع وارتفاع الأسعار على قانون قيصر"..

وقال الاقتصادي السوري محمود حسين، لـ"العربي الجديد"، إنه كان من المتوقع أن "يتنصل النظام من تمويل المستوردات، حتى الغذائية، بعد تقليصه القائمة تباعاً".

وأشار حسين إلى أنّ "مصرف سورية المركزي لا يمتلك القطع الأجنبي، وبعد قانون قيصر، لم يعد من أمل باستمرار دعم الأسد، سواء من روسيا وإيران، أو حتى من الإمارات".

ويبيّن حسين أنّ الاحتياطي النقدي الدولاري بالمصرف المركزي، والذي كان 18 مليار دولار عام 2011، تراجع وفق بيانات البنك الدولي إلى نحو 700 ألف دولار، وذلك قبل أربعة أعوام، "ما يعني أنّ نظام الأسد لا يمتلك الدولار اليوم"، مضيفاً أنه "ليس مستغرباً أن يوحد دولار المستوردات مع السوق السوداء هذا إن أبقى على ما يسمى سياسة تمويل المستوردات أصلاً".

ويرى الاقتصادي السوري أنّ "خطوة اليوم ستكون كارثية على الشعب السوري لأنها سترفع الأسعار بشكل كبير، مع توقعات بنفاد السلع المهمة من الأسواق، وبمقدمتها الأدوية التي يحاصرها النظام منذ فترة لدرجة إغلاق المعامل ونفاد الأدوية من الصيدليات، خاصة المستوردة للأمراض المزمنة، بعد الارتفاعات المستمرة التي طاولت الدواء وأوصلت الزيادة على أسعار بعض الأدوية إلى أكثر من 1400%".

وتشهد الأسواق السورية، حتى قبل قرار الانسحاب من تمويل الأدوية والغذاء، ارتفاعاً بالأسعار تعدى 40 ضعفاً لبعض السلع، منذ اندلاع الثورة عام 2011، وتضاعف مرات عدة منذ مطلع العام الجاري، بعد أن تراجع سعر صرف الدولار من نحو 915 ليرة مطلع عام 2020 إلى نحو 3000 ليرة بالسوق السوداء اليوم.

وفي حين تعدت نسبة الفقر 90% نتيجة التضخم النقدي وزيادة الأسعار، يبقى نظام بشار الأسد على متوسط الأجور بنحو 50 ألف ليرة، رغم أن متوسط إنفاق الأسرة، بحسب مراكز اقتصادية بدمشق، تزيد عن 500 ألف ليرة.

وبحسب مصادر خاصة من دمشق، يبلغ سعر كيلو الليمون، اليوم الأحد، 4 آلاف ليرة وتعدى سعر كيلو السكر 1300 ليرة والأرز 1600 ليرة وكيلو الطماطم 1000 ليرة ووصل سعر كيلو لحم الخروف إلى 21 ألف ليرة سورية.

ويتنصل نظام الأسد من أي التزامات تجاه الشعب السوري الذي بدأ يتظاهر بعد انتشار الجوع وغلاء الأسعار، كما تشهد مدينة السويداء، جنوبي سورية، منذ أسابيع.

وقبل وقف تمويل المستوردات بسعر دولار مدعوم، وجّه مصرف سورية المركزي، قبل أيام، إلى جميع المصارف العامة والخاصة، بالتريث في منح التسهيلات الائتمانية بكل أشكالها وصيغها "من تاريخه ولحين موافاتها بتعليمات أخرى في هذا الخصوص".

وبموجب توصية رئاسة مجلس الوزراء بحكومة الأسد وقف التسهيلات والقروض، طلبت المصارف الحكومية؛ مثل "العقاري والزراعي" إلى فروعهما بالمحافظات السورية، التريث بمنح التسهيلات الائتمانية سواء تم استكمال وثائقها ودراستها ووضع إشارة الرهن على الضمانات أم لا.

وطلبت المصارف إلى فروعهما الاستمرار بصرف دفعات القروض الموافق عليها، والتي تم صرف الدفعة الأولى منها قبل تعميم المركزي الصادر بتاريخ 11 يونيو/ حزيران الجاري.

المساهمون